جاءت موافقة مجلس الوزراء مؤخراً على تنظيم صندوق النفقة للمطلقات والأبناء، والذي يرتبط مباشرة بوزير العدل، وله شخصية اعتبارية وميزانية مستقلة، ليحقق عدداً من المهام منها ضمان صرف النفقة للمستفيدين دون تأخير، وصرف النفقة المؤقتة للمستفيد المستحق قبل صدور الحكم بصرفها، إلى جانب صرف النفقة لمن صدر له حكم قضائي باستحقاقها ولم ينفذ لغير عذر الإعسار، وكذلك من يحدد مجلس إدارة الصندوق صرف نفقة مؤقتة لها، وسيتعين على الزوج المحكوم عليه بالنفقة، سداد المبلغ المحكوم به عليه، والذي سبق أن دفعه الصندوق نيابة عنه. ويهدف الصندوق إلى تفعيل الدور المؤسسي الاجتماعي، وإنشاء صندوق نفقة مستدام يُسهم في تحسين جودة المعيشة وضمان العيش الكريم للمرأة، خصوصاً أن عدم توفير الدعم المادي اللازم للأم وأولادها خلال فترة التقاضي في حالات الطلاق سيؤثر على قدرة الأم في تأمين لقمة العيش الكريم وملجأ للعائلة في حال عدم حصول المرأة على الدعم اللازم من أهلها أو أفراد عائلتها. "الرياض" سلطت الضوء على حيثات هذا القرار مع المختصين والذين أكدوا على أنه سيخفف من معاناة المطلقة وسيحد من حالات التلاعب من خلال سد الثغرات التي تؤدي إلى ذلك. لفتة إنسانية في البداية بين المستشار خالد الفاخري -الأمين العام للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان- أن صندوق النفقة يساهم بشكل كبير في القضاء على سلبيات حالية وماضية كانت تعاني منها المرأة والأطفال بالإضافة لكبار السن من المستحقين للنفقة من اولادهم وكان هناك ضرر كبير واقع على المرأة ولكم أن تتخيلوا مشهد امرأة تناضل من أجل البحث عن لقمة عيش تسد فيها رمق أبنائها ويكون الزوج متنصلاً من مسؤوليته ويعلم أن مماطلته في الحضور للمحكمة أو الجهات الحقوقية لتمكينها من الحصول على نفقة أولادها أنه قد يؤثر عليها وعلى نفسيته وقدرتها على توفير حياة كريمة لها ولأولادها، ولفت إلى أن صندوق النفقة سيساهم في مد يد العون بغض النظر عن كون الزوج مماطل أو غير مماطل لتكون البديل هي يد الدولة -ممثلة في صندوق النفقة- ومتى ما رفعت المرأة المطلقة أمام المحكمة طلب النفقة للنظر فيها ولم تصدر لها أحكام وكان هناك مماطلة في سداد النفقة لها الحق بالحصول على مقدار النفقة المقدر من قاضي القضية وصرفه من الصندوق ومن ثم يقوم الصندوق باسترجاع ما تم صرفه من الملتزم بهذه النفقة. وأضاف: إن هذا القرار الإنساني سيتم من خلاله القضاء على التحايل بمعنى أنه قد يتم اتفاق سري بين الزوجين المتنازعين بأن يظهر الزوج بمظهر المماطل في السداد وتظهر الزوجة بمظهر المطالبة بها وبالتالي عندما لا يكون هناك تنسيق لاستقطاع هذا المبلغ من الملتزم به فسيكون هناك صرف على المرأة من الصندوق وعندها سيوفر الرجل ماله ولكن القائم على هذا الصندوق وفكرته حافظ عليه من التحايل من خلال نقطة أنه لن يعفي الملتزم بالنفقة من استحقاقها وإذا لم يدفعها مباشرة للمستحق فسيدفعها لصندوق النفقة وستكون هناك إجراءات قوية بسبب أن الجهات الحكومية هي من ستطالبه بالسداد وسيجد الزوج أنه وضع نفسه في سلسلة طويلة من المعاناة كما أن تنظيم الصندوق أخذ في اعتباره حالات الإعسار وما قد يواجه الإنسان من ضائقة مالية ولم يغفل الحق الإنساني في تقديره في تحديد المستحقين لها وكيفية صرفها والالتزامات المناطة على طرفيها ومن أوضاع قد يواجه الإنسان وتمنعه من الالتزام على سبيل المثال -رجل ملتزم بالنفقة على أولاده أو والدته ولكن لم يستطع الالتزام بسبب ضائقة مالية يمر بها أو إعسار -وبالتالي تم الأخذ في الاعتبار هذه المعايير لضمان حقوق الجميع. وأشار الفاخري إلى مفهوم النفقة والذي قد يكون غائباً عن بعض الناس موضحاً أن النفقة ملزم بها كل رجل وذلك وفق الأحكام الإسلامية والتي تشمل احتياجاتهم الأساسية من مأكل وملبس ومشرب وعلاج ومن الأشياء التي يحتاجها الإنسان لتسيير أموره دون المبالغة فيها بمعنى في بعض الحالات تطالب المرأة برسوم للمدارس أو مصروفات من أجل السفر للخارج أو شراء ملابس فخمة من ضمن النفقة وهذا مبالغ فيه لأن النفقة تحسب من متوسط الإنفاق الطبيعي وهناك بدائل أخرى لبعض المصروفات دون المبالغة والتي تشمل جميع مراحل الحياة وتوفر له العيش الكريم دون الحاجة لمد اليد ويدخل فيها أيضاً توفير السكن للمطلقة في بعض الحالات والتي تكون في حال كانت المطلقة حاملاً وفي هذه الحالة تستحق النفقة على نفسها وطفلها ونفقة لسكنها لأنها في هذه الحالة مازالت تحت التزامات الرجل للإنفاق عليها حتى تضع حملها. اكتمال منظومة الحماية الأسرية من جهته قال أحمد المحيميد -المستشار القانوني وعضو برنامج الأمان الأسري-: سعدنا بصدور موافقة نائب خادم الحرمين الشريفين باعتماد صندوق النفقة وهو صندوق خاص بالنساء المطلقات الحاضنات لأطفالهن القصر ممن يواجهن مشاكل في تحصيل النفقة والذي انبثقت فكرته من تفاعل مؤسسات المجتمع المدني من جمعيات علمية وخيرية وبرامج الأسرة مع القطاعات الحكومية ممثلة بوزارة العدل ومجلس الشورى وختمها بمجلس الوزراء الموقر ويأتي ذلك استكمالاً لرؤية 2020 واستكمالا لمنظومة الحماية والحقوق للمرأة والطفل حيث يهدف الصندوق إلى تذليل الصعوبات التي تواجه المرأة الحاضنة في تحصيل النفقة لإعالة الأطفال المحضنين ولتمكين المرأة المطلقة والمرأة الحاضنة والأطفال المحضنين من الاستفادة من مبلغ النفقة المخصص لهم والذي يكفل لهم حياة كريمة وإلى حماية الحقوق الأساسية للمرأة وللطفل في حالة طلاق والديه وضمان العيش الكريم له ولحاضنته. وأضاف أنه من المتوقع صدور اللائحة التنظيمية لهذا الصندوق خلال 90 يوماً من تاريخ إقراره من قبل وزارة العدل والتي أنيط بها تنفيذ الصندوق وعادة تتضمن اللائحة شروطاً ومعايير الاستحقاق ومنها ثبوت الطلاق أو الانفصال واستحقاق النفقة سواء بصدور قرار أو أمر أو حكم قضائي وامتناع أو توقف الولي عن النفقة وكذلك تتضمن اللائحة إجراءات ومدد ومقدار النفقة حيث يدفعها الصندوق ويعود على الأب بمطالبته بها وهذا من شأنه أن يحمي المرأة وأطفالها من مواجهة الأب حتى لا يقع الأطفال ضحية خلافات زوجية. ولفت إلى صندوق النفقة ستتضح كافة تفاصيله عند صدور اللائحة التنظيمية، متمنياً أن يشمل كافة مستحقي النفقة مثل الوالدين والأخوة والأخوات مستحقي النفقة وأيضاً الأرامل والأيتام مستحقي النفقة على وليهم الشرعي وبانتظار اللائحة التنظيمية للصندوق لمعرفة التفاصيل وحسب المعلومات الأولية أنه يخدم المرأة المطلقة أثناء عدتها والأبناء مستحقي النفقة، وأن يكون صندوق النفقة مكملاً لمنظومة التشريعات التي تخدم الأسرة السعودية بعد تخصيص محاكم الأحوال الشخصية ومجلس شؤون الأسرة ونظام الحماية من الإيذاء ونظام حماية الطفل فضلاً عن أنظمة الشؤون الاجتماعية ونظام الحكم الأساسي الذي خص الأسرة السعودية بالاهتمام والدعم في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين، متمنياً أن تتوج هذه المنظومة الحقوقية بتقنين نظام الأحوال الشخصية. تخفيف معاناة المطلقة بدورها لفتت بيان زهران -محامية- أن هناك نساء صدرت لهن أحكام نفقة من محكمة الأحوال الشخصية وكان هناك صعوبة في تنفيذ هذا الحكم والمرأة المطلقة هي المتضررة والدولة هنا تحملت نقطة تطبيق الحكم وتنفيذه وفي حال لم يطبق من محاكم التنفيذ لاختفاء الزوج مثلاً فلذلك أثار وخيمة على الأسرة، والدولة مشكورة تفهمت هذه النقطة من خلال إنشاء صندوق النفقة والذي سيتحمل النفقة إلى حين تنفيذ الحكم وتطبيقه والهدف الأساسي تخفيف معاناة المطلقة والحد من الأثر السلبي على الأبناء. وذكرت أن الجزء المهم في الموضوع أنه أحياناً تطول فترة جلسات التقاضي، وبالتالي جاء إنشاء هذا الصندوق بمثابة تفهم لهذه النقطة فالمرأة خلال هذه الفترة إن لم تحصل على حقوقها ستكون متضررة أيضاً فمن أين ستنفق خلال هذا الوقت خاصة وأن الكثيرات لا يعملن وليس لديهن مصدر دخل ويعتمدن على صرف الرجل وحفاظاً على كيان الأسرة من الضياع يتحمل الصندوق الصرف عليها حتى انتهاء فترة التقاضي. الصندوق يتحمل النفقة على المستحقة لحين صدور الحكم خالد الفاخري أحمد المحيميد بيان زهران