ماذا يعني أن يوافق مجلس الوزراء على إنشاء صندوق النفقة؟ سؤال أخذ يتردد الأيام الماضية منذ أن صدر القرار من المجلس الاثنين الماضي7 أغسطس 2017. هذا الصندوق الذي طال انتظاره وأثمر عن مطالبات كثيرة وقديمة نشرت في الصحافة ما بين مقالات وتحقيقات أو دراسات حول المعاناة التي تمر بها النساء المطلقات في مواجهة ضعف القوة التنفيذية للمحكمة واستبداد الرجال بعد تطليقهم عشيراتهم وترك أطفالهم بلا مورد لاسيما في فترات التقاضي التي قد تمتد سنوات. ربما أن المطالبات لم تأخذ صورة صندوق بعينه لكنها كانت تعبر عن المعاناة التي تمر بها نساؤنا، حتى تمكن ائتلاف أو تجمع من المنظمات والأفراد في إقناع وزارة العدل برئاسة الوزير الدكتور محمد العيسى آنذاك بضرورة تبني هذا القرار الذي سوف يحل كثيراً من مشكلات الطلاق التي كانت تتولاها جمعية مودة الخيرية للحد من الطلاق وآثاره ومؤسسة الملك خالد الخيرية ومؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية وجمعية النهضة النسائية وبرنامج الأمان الأسري الوطني وعدد من النساء المختصات في الدراسات الاجتماعية ممن دعين إلى "ملتقى القضايا الأسرية في المحاكم الشرعية.. رؤية مستقبلية" الذي استمر لثلاثة أيام تحت رعاية وزير العدل في 7/4/2012 حيث أعلن في ختامه عن إنشاء هذا الصندوق دون تحديد لجدول زمني. وبعد ذلك بعامين في أبريل 2014 كانت توصية الدكتورة حنان الأحمدي على تقرير وزارة العدل السنوي 1433-34 الذي قدمت فيها تقييماً لمشروع الملك عبدالله لتطوير القضاء والذي لفتت فيه النظر إلى ضرورة اهتمام الوزارة بهندسة منظومة العدل كلها وعدم الانشغال ب"هندسة الإجراءات" وخصت بالمراجعة ضرورة تدوين الأحكام ووضع مدونة للأحوال الشخصية، وإنشاء صندوق النفقة الذي اقترحته جمعية مودة حتى يخفف عن جزء من معاناة النساء، وقد تبنت لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية التوصية وحظيت بأغلبية التصويت عليها ثم ذهبت إلى مجلس الخبراء لكنها بقيت هناك حتى طرحتها وزارة العدل في 8 يونيو 2016 كمشروع مبادرة مستقلة من مبادرات التحول الوطني، والتي حظيت باعتماد مجلس الاقتصاد والتنمية ومن ثم مجلس الوزراء الأسبوع الماضي. أي أن الصندوق أتى بتضافر جهود مؤسسات المجتمع المدني ونسائه ورجاله وهو أمر يثلج الصدر ويبعث على التفاؤل. ومما يرد في مهام الصندوق أنه يعنى بالإنفاق على النساء خلال فترة تقاضيهن التي كانت دوماً إشكالاً في انتظار الحكم مع مماطلة الرجال وتهربهم من المسؤولية، والإنفاق على من صدر لهن حكم قضائي ولأبنائهن ولم ينفذ. وهنا يرد ذكر الإعسار الذي بحاجة لمراجعة لمعرفة كيف يُنفق على أسرة المعسر. ولكن ما نحتاج أن نلفت النظر إليه مع الاحتفاء بالقرار، التنبه إلى ضرورة موازاة النفقة لدخل الرجل لا سيما أولئك الذين يحاولون إخفاء مصادر دخلهم. كما نحتاج إلى الاحتراز من خسارة النساء المحتاجات ممن هن على الضمان الاجتماعي إلى هذا المبلغ الهزيل في حد ذاته فيما لو استحققن النفقة، آخذين في الاعتبار أن صندوق النفقة إنما هو تعويض بسيط للمرأة لاسيما المطلقة بعد سنوات زواج طويلة، لن يوازي ما قدمته لمؤسسة حياتها الزوجية من عمر لا يُقدر بثمن.