كود الطرق السعودي يضع معايير موحدة لمعابر الحيوانات البرية والجمال    جراح سعودي ينجح في إجراء أول زراعة كاملة للقلب بالروبوت على مستوى العالم    أعضاء الجمعية التاريخية بعسير يزرون قرية آل ينفع التراثيه    المملكة ومجموعة العشرين تبحثان تعزيز دور اقتصاد الفضاء عالمياً    بتوجيه من القيادة.. الأمير عبد العزيز بن سعود يلتقي أمير قطر    نائب أمير تبوك يطلع على مؤشرات زمن الاستجابة الإسعافية للهلال الأحمر    الأمير عبدالعزيز بن سعود يزور قوة الأمن الداخلي (لخويا) بالدحيل    تكريم الفائز بمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية    قيمة استثمارات غير السعوديين في السوق السعودي تتجاوز 400 مليار ريال    تتويج اللفائزين بجائزة " تمجيد " الشعرية الأولي بتبوك    "هيئة الإحصاء" تطلق دليلي كتابة الأعداد والسياسة التحريرية لكتابة المحتوى وترجمته    ورشة «شتاء السعودية» ترسم آفاقاً إبداعية للقطاع الخاص    الفريق الفتحاوي يستأنف تدريباته بالأحساء ويفتح ملف مباراة الاتفاق    تقني الشرقية يكرم المفوضية الكشفية المشاركة في حج 1445ه    الذهب يرتفع لمستويات قياسية وسط رهانات خفض أسعار الفائدة    فرع الصحة في الرياض يحتفي باليوم العالمي للعلاج الطبيعي    انطلاق مؤتمر تعزيز تحت شعار "تحقيق رؤية المملكة في مجال الصحة العامة"    السعودية: ندين ونستنكر استهداف «الاحتلال الإسرائيلي» لمدرسة غزة    شراكة بين «أرامكو الرقمية» و«جروك» لإنشاء أكبر مركز بيانات عالمي لاستقراء الذكاء الاصطناعي بالسعودية    وزير التعليم يبحث تعزيز التعاون العلمي مع سفير الجزائر لدى المملكة    نجوم المسرح الخليجي يتحدثون عن بداياتهم وتطلعاتهم للمسرح في مهرجان المسرح الخليجي    اجتماع عربي لاتيني لدعم حصول فلسطين على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة    الطلاب يعودون إلى فصولهم بدون هواتف محمولة    رياح مثيرة للغبار في 4 مناطق وأمطار رعدية بمكة والجنوب    63% من مطلوبات البنوك للودائع    أخضر الناشئين لكرة اليد يتأهّل إلى بطولة كأس العالم    الاختناق المروري.. أزمة نفسية !    «الداخلية»: تجديد 1,000,000 هوية عبر «أبشر»    الحرفش: الهجرة غير الشرعية رفعت معدلات الجرائم العابرة للحدود    المؤسسات ومواقع التواصل    لماذا يتفوق الإنسان في صناعة الألم بدلاً من صناعة الجمال؟    «العدل»: 15 ألف طفل تخدمهم «شمل»    «من أبصر فلنفسه.. ومن عمى فعليها»    بال هنيء    مصري يقاضي زوجته لكثرة اتصالها به خلال عمله!    تايلور سويفت .. هل تهزُّ شعبية ترمب ؟    5 نصائح تساعد على النوم بسرعة    باحثون هنود: كثرة القهوة قاتلة!    جيسوس يفتح ملف «المدرسة»    الطائف تستضيف منافسات ألعاب القوى العربية للشباب والشابات    برعاية وزير الداخلية.. «مكافحة المخدرات» تحتفي بتخريج 728 فرداً من الدورة التأهيلية ال 24 للفرد الأساسي    أدلة تشير لوجود محيطات على المريخ    إطلاق هاتف ذكي قابل للطي ثلاث مرات    نيابة عن سمو ولي العهد.. نائب أمير منطقة مكة المكرمة يتوج الفائزين في مهرجان ولي العهد للهجن    آل البسام والنملة يحتفلون بزواج بسام    اتحاد الإعلاميين العرب يواسي آل غدران في وفاة الغامدي    في الجولة الثالثة من دوري روشن.. كلاسيكو مرتقب بين النصر والأهلي.. والهلال يواجه الرياض    بطولة السهام    وزير الحرس الوطني يستقبل وزيرة المشتريات الدفاعية البريطانية    خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    أستراليا تمنع الأطفال من مواقع التواصل    سببها صدمة قوية.. مختصون ل(البلاد): «توازن المشاعر» أقرب الطرق لتفادي متلازمة «القلب المكسور»    نائب أمير الرياض يدشن مبنيَي هيئة الأمر بالمعروف في المزاحمية وتمير    خالد بن سعود يستعرض مخرجات جامعة تبوك    تعظيم النعم    ولي العهد يعزي ولي عهد دولة الكويت في وفاة الشيخ بدر ناصر الحمود الجابر الصباح    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على لولوة السديري    نائب أمير مكة المكرمة يعزي القناوي في والده    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤية 2030 ومستقبل القطاع الخاص في المملكة.. تحفيز النمو يعتمد على تحسين الأنظمة وبيئة أداء الأعمال

ينظر المجتمع الاقتصادي لرؤية المملكة 2030 على أنها إستراتيجية متكاملة وخطة عمل ممنهجة وجريئة تواجه من خلالها مملكتنا الطموحة ومجتمعها الفتي عدد من التحديات الاجتماعية والاقتصادية والهيكلية والجيوسياسية، فقد نجحت الرؤية في تشخيص الوضع الحالي للمملكة بتجرد وشفافية عالية ورسمت ملامح المستقبل المشرق لأجيالنا القادمة. ولكن علينا الاعتراف كمجتمع بأننا اعتدنا على أن تتولى الحكومة جميع شؤوننا، وأن الحكومة بمفردها لا يمكن لها انجاز هذه الرؤية الطموحة، بل لابد من تعاضد ومساهمة جميع الأطراف، بما في ذلك المجتمع المدني والمنظمات غير الربحية والقطاع الخاص.
وبالرغم أننا نعيش مرحلة اقتصادية جديدة ومفصلية ومختلفة عن ما سبقها إلا أنه مازالت ردة فعل القطاع الخاص غير إيجابية وقد تصل أحيانا الى السلبيه والاحباط. ومن الممكن تفهم هذا الموقف السلبي بسبب ما تتعرض له بعض القطاعات الاقتصادية من تغييرات جذرية نتجت عن تغيير نهج الدولة الاقتصادي وسياستها في الصرف والدعم الحكومي وما قد ينتج عن ذلك من تحديات لبعض مؤسسات القطاع الخاص (وصلت ببعضها لمرحلة التعثر)، إلا أنه يتوجب على الجميع أن يدرك أن هذه الاجراءات الحكومية لن تنتهي في المدى القريب وأن المؤسسات التي لا تتوائم معها بشكل سريع وفعال لن تستطيع الاستمرار ولن تحقق النجاح في اقتصاد ما بعد النفط. وبالتالي يجب على القطاع الخاص التجاوب مع هذه التحديات بشكل أكثر فعالية، والتحرك بخطوات سريعة وثابتة نحو التطوير وتحسين الإنتاجية وإعادة الهيكلة (وان كانت قاسية) والتوجه للاستثمار في القطاعات الجديدة التي تسلط الرؤية عليها الضوء، فهذا ليس الوقت المناسب للنظر إلى الوراء بل على القطاع الخاص التطلع الى المستقبل و الإستفادة من الطاقات الاقتصادية الهائلة والكامنة للمملكة وإغتنام الفرص الواعدة التي توفرها الرؤية 2030.
ولتحديد القطاعات الواعدة وتلك التي ستشهد الانكماش في اقتصاد ما بعد النفط، يجب النظر للرؤية بشمولية لتحديد المحاور الاقتصادية الأهم فيها. وهنا نجد أن الحكومة تبنت ثلاث محاور أساسية سيكون لها الأثر الأكبر على اقتصاد المملكة وقطاعاته المختلفة وهي: الإصلاحات المالية، وتنويع محفظة الاستثمارات الحكومية، وتحفيز النمو الاقتصادي.
فمن أجل ضمان استدامة التنمية الاقتصادية ورفع فعالية الانفاق الحكومي وتعظيم تأثيره الايجابي على شتى القطاعات، تقوم الحكومة بمجموعة من الإصلاحات المالية والإجراءات التصحيحية بما في ذلك إعادة تقييم الدعم لبعض القطاعات، وتطبيق الضريبة المضافة لتنويع وتوسيع قاعدة الإيرادات الحكومية، والتركيز على تقنين الاستثمارات الرأسمالية الحكومية وخفض التكاليف التشغيلية.
وفي سبيل تعظيم العوائد المالية وتنويع مصادر الدخل وحماية الاقتصاد الوطني من تقلبات أسعار النفط في المستقبل، تعمل الحكومة على عدد من المبادرات لتنويع محفظة الإستثمارات الحكومية، ومن هذه المبادرات طرح جزء من أسهم شركة أرامكو للاكتتاب، وإعادة هيكلة صندوق الاستثمارات العامة وتوجيه جزء من استثماراته الى قطاعات جديدة واعدة وأكثر ربحية بما في ذلك قطاعات التقنية الحديثة.
ورغم الحاجة لتنفيذ هذه الإجراءات التصحيحية الا انها لن تؤدي الى النمو الاقتصادي المنشود على المدى القصير والمتوسط، بل أن كثيرا من هذه الاجراءات قد تؤثر سلبا على عدد من القطاعات مثل قطاع الانشاءات وقطاع الصناعة وقطاع التجزئة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ونبقى هنا أمام السؤال المهم وهو: في ظل هذه التحديات والتغييرات الاقتصادية كيف يمكن للقطاع الخاص تحقيق النمو؟
من وجهة نظري تحفيز النمو الاقتصادي في الرؤية سياتي من أربعة مصادر رئيسية وهي:
أولاً: "تطوير الأجهزة الحكومية وأنظمتها وتحسين أداء بيئة الأعمال"، وذلك من خلال تطوير الكوادر الحكومية وإستبدال أنظمتها بأنظمة حديثة وفعالة (كما رأينا في نظام الشركات الجديد ونظام العمل...الخ) وتسهيل إجراءات الأعمال بهدف التقليص من البيرقراطية وزيادة تنافسية ومرونة اقتصاد المملكة مما سيكون له الأثر الأكبر في فاعلية وسرعة نمو مؤسسات القطاع الخاص بكل أحجامها.
ثانياً: "استكمال وتشغيل العديد من مشاريع البنية التحتية الكبرى"، مثل مطار الملك عبدالعزيز الدولي وقطار الحرمين وميناء الملك عبدالله ومترو الرياض وبقية المشاريع الكبرى، حيث أن للبنية التحتية المتطورة دور هام في تحفيز العجلة الاقتصادية وتعزيز نمو القطاعات المختلفة وتفعيل التبادل التجاري.
ثالثاُ: "الخصخصة وتفعيل الشراكة بين القطاع العام والخاص"، وهي تمثل أكبر فرصة مباشرة ومجدية للقطاع الخاص للمشاركة بشكل فعال في تحقيق أهداف الرؤية واقتصاد ما بعد النفط. وقد أثبتت التجارب العالمية مرارا وتكرارا بأن عمليات التخصيص، اذا نفذت بالشكل الصحيح، تؤدي الى زيادة معدلات الانتاج وخفض التكاليف ورفع كفاءة الانفاق الحكومي وتوليد فرص وظيفية نوعية جديدة وتقديم خدمات أفضل للمواطنين. وستعكس هذه الشراكة التكامل المنشود بين القطاعين والاستغلال الأمثل لنقاط القوة لكليهما، فتقوم الحكومة بسن القوانين والتشريعات واللوائح وتمنح التراخيص وتقوم بالرقابة لضمان تقديم خدمات مميزة للمواطن، بينما يقوم القطاع الخاص بدوره في إستقطاب الخبرات وتأهيل الكوادر وتطوير المشاريع وتشغيلها وتعزيز فعاليتها التشغيلية والمالية.
رابعاً: "تطوير قطاعات اقتصادية جديدة"، فقد حددت الرؤية عدد من القطاعات مثل التعدين والبنية التحتية والخدمات اللوجيستية والنقل والتشييد والاسكان والرعاية الصحية والتأمين والترفيه والسياحة كقطاعات جديدة وواعدة مستمدة من مرتكزات الرؤية أو تعتمد على الفرص الكامنة في اقتصاد المملكة أوحجم سوقه الهام، وتقدم هذه القطاعات فرص مهمة للنمو المطرد للشركات التي تقتنصها، كما أنها تفتح المجال لإنشاء شركات جديدة وتوفر العديد من الفرص الوظيفية.
وعليه فإن الجهود الحكومية في بلورة وسرعة تنفيذ كل ما من شأنه تفعيل هذه المصادر الأربعة سيساهم في تعزيز دور القطاع الخاص لتحفيز النمو الاقتصادي.
وهنا يبقى التحدي الاكبر والسؤال الأهم الذي يتكرر دوما وفي محافل عدة وهو: هل يمكن للمملكة تحقيق الرؤية 2030، وهل يمكن لنا فعلا بناء اقتصاد غير معتمد على النفط؟
من تجربتنا في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية نجد أن الاجابة نعم وبشكل قاطع. حيث أن نموذج المدينة يعتمد على القطاع الخاص في عمليتي الاستثمار والتنمية ولا يعتمد على العائدات النفطية والعقود الحكومية. ولذلك فإن إستراتيجية المدينة الاقتصادية ارتكزت منذ البداية وبشكل صريح على إستقطاب وتطوير الصناعات غير النفطية كالموانئ والخدمات اللوجيستية وصناعة الأدوية والصناعات الغذائية، بالإضافة الى الاهتمام بالقطاعات الجديدة مثل الإسكان والسياحة والترفيه والتعليم والرعاية الصحية، بما يتوافق مع الرؤية 2030.
وبالرغم من كل التحديات، فقد تغلبت المدينة الاقتصادية على العقبات التنظيمية واللوجستية التي تصاحب اطلاق المشاريع العملاقة الجديدة وتجاوزت الأزمة المالية العالمية الماضية وتنمو اليوم بالرغم من التحديات الاقتصادية التي تفرضها المرحلة الحالية، وتمكنت خلال أعوامها العشرة من إنشاء ميناء عالمي أصبح من الموانئ المئة الأكبر في العالم، وأصبحت مركزا اقليميا للصناعة والخدمات اللوجيستية، وساهمت في جذب كبرى الشركات العالمية والإقليمية والوطنية في مجالات بعضها جديدة، وأخرى متجددة.
ولم تكتمل مهمتنا بعد، فمدينة الملك عبد الله الاقتصادية تعيش أول فصولها، ولكنها دلالة على الفرص الكامنة في المملكة وإمكانية بناء اقتصاد مابعد النفط، ونموذج واضح يبرهن على قدرة القطاع الخاص على أن يكون شريكا فعالا في التنمية ويسهم في تطبيق رؤية المملكة 2030.
ختاماً.. مع التحديات تبرز الفرص، والشركات التي تكيف نفسها وقدراتها مع المتغيرات الاقتصادية اليوم، هي الأكثر قدرة على النجاح غداً، وأن فعلت لن تتمكن من اقتناص الفرص ورسم مستقبلها فحسب بل ستساهم في رسم مستقبل الوطن بأكمله.
*العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمدينة الملك عبدالله الاقتصادية
فهد بن عبدالمحسن الرشيد*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.