يحلو للأوروبيين عموماً وللإنجليز خصوصاً أن يشبهوا السياسيين الدهاة عندهم بالثعالب، ولذلك يكثر السياسيون الذين يقال عنهم السياسي الثعلب، وهي على هذا صفة مدح في الغالب، وقصصنا مع البريطانيين الثعالب كثيرة خاصة خلال فترة الثورة العربية على الخلافة العثمانية وما بعدها. السفير البريطاني سايمون كوليس يذكرني بأولئك السياسيين الثعالب كلما قرأت واحداً من مقالاته الجميلة في صحيفة "الرياض" تلك التي يكتبها في كل مناسبة تواصل مع مجتمعنا السعودي. فهو كما يبدو شاطر في استثمار تلك المناسبات لنسج روابط نفسية جميلة بين المجتمعين السعودي والبريطاني وآخر مقالاته ذلك المقال الذكي الذي جعل عنوانه المواطن رجل الأمن الأول مستخدماً بتوفيق واضح تلك الجملة التي اشتهر بها الأمير نايف -رحمه الله- ونشرته "الرياض" في عددها، والسفير في مقاله يتحدث عن المؤتمر السنوي الدولي الثاني للأمن الإلكتروني الذي كان سيعقد في المملكة ويقدم فيه أعضاء الوفد البريطاني الذين سيشاركون في المؤتمر. واضح أن سعادة السفير ماهرٌ في استغلال الفرص لنسج الروابط الجميلة بين المجتمعين البريطاني والسعودي بهدف معالجة ما يكون قد تراكم من سلبيات نتيجة عوامل مختلفة منها على سبيل المثال؛ تلك المبالغ الكبيرة التي تفرضها بلاده على من أراد الحصول على تأشيرة الدخول التي تبلغ أكثر من عشرة أضعاف ما تفرضه الدول الأوروبية لدخول دولها كلها، وكذلك تلك المبالغ الباهظة لخدمات التأشيرة في المنازل وأماكن العمل والتأشيرات المستعجلة وهو ما لا تفعله الدول الأوروبية كما أظن، وهو ما يظهر بريطانيا وكأنها تعتبر خدمة التأشيرات رافداً قوياً مهماً من روافد دخلها أو ربما أنها أرادت أن تستفيد من حب الخليجيين لبلدها. سعادة السفير بأسلوبه ومقالاته الجميلة -التي لم ألاحظ ما يماثلها لسفراء آخرين- يحاول كما يبدو لي إزالة ما قد يكون نشأ من آثار سلبية للتأشيرات ويبني بدلاً منها آثاراً إيجابية، وبالتأكيد لمقالاته الجميلة تأثيرات إيجابية أخرى. ألم أقل لكم إنه يذكرني بأولئك السياسيين الثعالب.