يربي الصيام في المسلم كسر شهوته وابتعاده عن المعاصي بطاعة الله وعبادته وحده وخشيته وهذه هي التقوى التي يأمرنا الله بالحرص عليها، قال تعالى مخاطباً المؤمنين الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" البقرة (183) وفي الآية (185) من البقرة يذكر الله عباده المؤمنين بأهمية الصيام لأن الله نزل القرآن الكريم في رمضان وليس في شهر آخر ليكون القرآن هداية للناس للحق قال تعالى " شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ .. " وكفى بالله تعالى آمراً وهادياً إلى صراط مستقيم، ومن صالح الأعمال التي يحرص الصائم على القيام بها الصلاة مع الجماعة بما في ذلك من التراويح والقيام وتلاوة القرآن ( يُفضل القرآن المفسر ) وأداء الزكاة والصدقات والحرص على العمل والإنتاج متحلياً بالخلق الحسن والبشاشة والحلم وعيادة المرضى والإحسان للفقراء والمساكين والأيتام وزيارة المساكين وغير ذلك من الأعمال الصالحة. ولا ينسى الصائم أن يتوب إلى الله ويستغفره ويسأله العفو فالله تعالى أقرب ما يكون إلى عبده في رمضان، وإذا أساء إليه إنسان فيحلم ويرد عليه: اللهم إني صائم - لذلك تجد الصائم المثالي حريص على تلك الأعمال الصالحة وكأنه في ورشة عمل صابراً محتسباً لذلك فرمضان أشبه ما يكون بجامعة كبرى للتقوى لها سبع كليات، كلية الصلاة، كلية الصيام، كلية القرآن الكريم، كلية الرحمة والاستغفار، كلية الزكاة والصدقات، كلية الصبر والحلم وحسن الخلق، كلية العمل والإنتاج. وعلى الصائم الحرص على عدم السهر والتبكير في النوم ثم يقوم للسحور وصلاة الفجر حاضراً ثم لا بأس من العودة للنوم لمدة لا تزيد على ساعتين ثم ينهض للعمل والإنتاج في مهنته بصدر رحب وابتسامة تعلو محياه ويضع الله تعالى أمامه ولا ينسى أن الله كرم رمضان بكبرى الانتصارات والفتوحات وليلة القدر وفتح أبواب السماء والجنة وإغلاق أبواب جهنم وحبس مردة الشياطين وغير ذلك من مميزات كثيرة، وعلى الصائمين الذين تفوتهم كثيراً من تلك الأعمال الصالحة لانصرافهم إلى السهر وإضاعة الوقت على حساب الأعمال الصالحة والنوم في النهار وقلة الإنتاج - على هؤلاء أن يصحوا ويدركوا ما فاتهم من الفرص الذهبية وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، وعليهم تذكر نصيحة وتهنئة القائد والمعلم الأول محمد صلى الله عليه وسلم بدخول رمضان " أتاكم رمضان شهر يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب الدعاء ويباهي بكم ملائكته فأروا الله من أنفسكم خيراً فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله " فما أروعها من حكمة موجزة وما أجدرنا بتنفيذها.