أعيد الآن شريط ذاكرتي قليلاً للوراء ونحن نترقب غداً نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين بين الهلال والأهلي فأستحضر المواجهة التي جمعتهما في كأس السوبر الذي احتضنته لندن أغسطس الماضي في أول استحقاقات الموسم، فأفشل في رسم أي سيناريو للنتيجة التي ستؤول لها المباراة. في تلك المواجهة كان موج الهلال طاغياً في كل التفاصيل؛ إذ اجتاحت زرقته المدرجات، وتلألأ بإبداع نجومه الملعب، حين أحكم سيادته على المباراة بأداء راقٍ، وقتالية متناهية، فرضت تقدمه بالنتيجة بهدف باكر كان قادراً على مضاعفته غير مرّة، لكن ذلك لم يحدث، لتنقلب الأمور فجأة رأساً على عقب، فيلحق الأهلي بالتعادل، ويفرض تمديد المباراة لركلات الترجيح، ليختطف الكأس تاركاً الهلاليين يتجرعون مرّ الخسارة. لا شيء اليوم تغير بعد تسعة أشهر من تلك المواجهة، فالهلال أثبت خلال الموسم أنه الأفضل بلا منازع، فهو بطل الدوري ومحطّم الأرقام القياسية فيه، والأهلي الذي فقد لقبه الذي عانقه بعد ثلاثة عقود من الحرمان ليس الذي أنهى الموسم الماضي ببطولتين، وافتتح الموسم الحالي ببطولة، إذ شاهدنا فريقاً يتعثر في ظله؛ لكن ذلك لايعني شيئاً حين تحين ساعة الصفر غداً. نظرياً الهلال الأقرب للفوز، شاء محبو الأهلي أم غضبوا، ذلك ما يفرضه المنطق، لكن كرة القدم ليست لعبة تنظير، بل لعبة وقائع على الأرض، وهي التي كأني بها تهمس الآن في آذان الهلاليين والأهلاويين: الميدان يا حميدان!. سيناريو مواجهة السوبر أعطى درساً لكلا الفريقين، فقد علَّم الهلاليين أنّ اللعب المبهر مهما تعاظم فهو لا يطعم خبزاً، ولا يروي ظمأً، ما لم يكن مقروناً بنتيجة، كما علَّم الأهلاويين أن ليس في كل مرة سيطلب الحظ ودهم، فهو كما ابتسم لهم بالأمس، فقد يعبس في وجوههم اليوم، بل ويمارس معهم جبروته. ثمة إحساس يغالبني -حقيقة- لكي أقول لكم أن النتيجة زرقاء تسر الناظرين، لكن تأتي مواجهة السوبر في مخيلتي فتهزم إحساسي، وتفرض عليّ الاعتراف بأنّ مسرح الهلال والأهلي لا يعترف بنص، ولا يحكمه سيناريو، وإنّ غداً لناظره قريب.