تقف المملكة على أعتاب مرحلة جديدة في مختلف المجالات أساسها وهدفها الإنسان السعودي، ووقودها محفزات تنموية واقتصادية وعلمية، وقبلها رغبة رفعت راية التحدي والإصرار لبلوغ الهدف. ولا يعني هذا أن المملكة كانت كتلة جامدة بعيدة عن سباق التنمية على مدى العقود التي تلت مرحلة التأسيس على يد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- الذي وحّد البلاد وحوّل خوف سكانها إلى شعور دائم بالأمن، ووضع اللبنات الأولى لأكثر الدول العربية استقراراً ورخاءً. الفوارق بين التغيير الذي عايشته المملكة منذ تلك الحقبة والخطط التي يتضمنها برنامج التحول الوطني 2020 ورؤية 2030 تتمثل في أن البلاد ستعتمد على الإيرادات غير النفطية بعد أن كان البترول هو المحرك الرئيس لعجلة الاقتصاد والتنمية، وستتحول من مصدرة للاستثمارات إلى العديد من دول العالم إلى واحة جاذبة لها، كما ستكون منتجة لسلع إستراتيجية طالما كانت في مقدمة مستورديها على المستوى العالمي. والفارق الثالث -وهو الجوهري- لخّصه الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد وعرّاب التحوّل في "رغبة الشعب في التغيير"، والذي اعتبره شرطاً رئيساً للانطلاق إلى المستقبل، مشيراً إلى أن هذه القناعة هي ما ترسم حدود الطموحات، وهي كما يراها سموه "عنان السماء هو الحد الأقصى للطموحات". والحقيقة المهمة التي يجب أن تضاف إلى رؤيتنا للرؤية، هي أن ولي ولي العهد يمثل جيل الشباب، وبالتالي فهو يتحدث بلغة طموحاتهم التي توافق طموحاته، ويرى كما يرون المستقبل بمنظور واحد، وبالتالي فإن عاملي توافق الرؤى والطموح كفيلان بإنجاح أي مشروع خاصة في بيئة تمتلك كل مقومات النجاح. حديث ولي ولي العهد ل"واشنطن بوست" لم يخلُ مما عُرف به سموه من واقعية وقدرة عالية على تشخيص المشكلات والبحث عن حلول دائمة لها بعيداً عن الآنية في وسائل العلاج، وهو ما بدا في إشارته إلى أن البطالة والإسكان لا يزالان يُمثلان مشكلة، وهي لغة تعكس حالة التغيير في نظرة المسؤول إلى القضايا ذات البعد الوطني، فالاعتراف بالمشكلة أولى خطوات حلها، وهو ما يشعر المواطن بأن الأمور تسير في الطريق الصحيح للوصول إلى الهدف الذي اتفق السعوديون عليه، وهو مجتمع منتج يؤمن أن قدرات أفراده هي الوسيلة الأمثل لتحقيق طموحاته.