د. محمد بن راشد الهزاني قبل أن أبدأ في كتابة مقالي هذا.. ترددت.. بماذا أسمي عنوان المقال؟ وكان أمامي خمسة عشر عنواناً، اخترت منها هذا العنوان. أكتب هذا المقال.. ليس تنظيراً، ولكنّه من واقع قريب عايش أحد جوانب شركات الوطن المساهمة، والتي كتب الله لها أن تتعثر، ويكون ضحيتها موظفوها، ومساهموها، ودائنوها. (لا أتحدث هنا عن مجلس إدارة الشركة، وما يصدر عليه من أحكام من الجهات شبه القضائية). إنما أتحدث عن الشركة ككيان، وشريان من اقتصاد الوطن يقدم منتجات وطنية، سمحت لها بأن تكون ضمن الشركات المصّرح لها بالتداول في سوق الأسهم.. شركة تضم أعداداً من الموظفين توقفت رواتبهم، وعلى بعضهم التزامات للبنوك، ومساهمين قد يكون البعض منهم استدان للمساهمة في الشركة، أو باع ما لديه لكي يحصل على مصدر رزق له ولأسرته، ودائنين لهم حقوق على الشركة، ينتظرون من يديرها لكي يعطيهم حقوقهم أو بعضها، فضلاً عن حقوقٍ للشركة لم تتمكن من تحصيلها. هذا التوصيف ينطبق على أي شركة مساهمة يكون مآلها للتصفية إذا بلغت الخسائر نصف رأس المال المدفوع وفق المادة (150) من نظام الشركات. وتزداد الكارثة.. حينما يتقدم أحد الدائنين -مهما كان دَينُه- إلى القضاء، ويتحول الحكم إلى التنفيذ، وبسبب عدم وجود مجلس إدارة للشركة يرعى شؤونها ومصالحها يتم إيقاف السجل التجاري، وتُجمّد الحسابات في البنوك، وتصبح الشركة لا ممثل لها، وتتوقف عن نشاطها تماماً، وعن تحصيل ديونها، وتحقيق ايرادات لها لتسديد التزاماتها. قاضي التنفيذ يُطبِّقُ النظام.. ولم يفِّرق النظامُ بين الشركات وبين الأفراد، فالحجز التنفيذي على الشركة يضر بأناس أبرياء، هم الموظفون، والدائنون، والمساهمون.. ولعله من المناسب جداً.. أن يتوقف المشرِّع والمنظِّم عند هذه النقطة، ويُوجِدُ آليةً تنظيميةً لمثل هذه الحالات.. تسمح بإعطاء ذوي الحقوق حقوقهم، وفي نفس الوقت تمارس الشركة نشاطها وأعمالها، حتى تفي بالحقوق، ولا يتضرر موظفوها ومساهموها.. فضلاً عن أن هلاك الشركة هو خسارة اقتصادية على الوطن، وضررها على المجتمع واضح وجلي. أما هيئة السوق المالية.. فإنها تُطَبِّقُ النظام -أيضاً- وتنظر إلى المادة (150) من نظام الشركات (إذا بلغت الخسائر نصف رأس المال المدفوع) فتوقف عن التداول وتدخل الشركة مرحلة التصفية إذا تعذّر تخفيض أو رفع رأس المال، وهنا وقفة أخرى مطلوبة من المشرِّع للنظام..، فلعله من المناسب -أيضاً- إيجاد آلية لتقديم تنبيهات وتحذيرات للشركة بشكل متدرِّج؟ فإذا بلغت الخسائر 5% تنبه الشركة، ثم 10%، ثم 15% وهكذا..، ولا تعتمد على المراقب أو المحاسب الداخلي للشركة، فإذا قصرّ المراقبُ أو أهملَ فمن يراِقبُه أو يتابِعُه؟ في نظري.. لابد من متابعته بواسطة برامج تقنية تسهل المتابعة والتوجيه. وهذا.. ما أقصد.. أن يرتقي دوْرُ الهيئة مِن رقيب "صِرْفْ" إلى مُوجِّه أيضاً، لأن خسارة الشركة هي خسارة في اقتصاد الوطن، وليست خسارة فرد!! وأنا على يقين.. بأن وزارة العدل، ووزارة التجارة والاستثمار، وهيئة السوق المالية لديها من الجهود والتنسيق ما سيكفل حلّ مثل هذه المشكلات الاقتصادية، والاجتماعية المضرّة بالوطن. والله الهادي إلى سواء السبيل.