كشف مدير عام الإشراف والتنفيذ للتصاميم بوزارة التعليم م. نواف عقيل الشمري عن الاستعانة بمكتب خبرة عالمي لعمل مجموعة من التصاميم الحديثة لمدارس البنات بما يتوافق مع المعايير الدولية . وبين في تصريح خاص ل"الرياض" أن التصاميم الحديثة تراعي وجود مساحات خضراء وأفنية مفتوحة وفصول مبتكرة وكافة متطلبات المبنى المدرسي الحديثة لافتاً إلى حرص الوزارة على مشاركة عدد من المهندسين الوطنيين في التصاميم، وأكد أن هناك خطة للعمل على مشاريع مدارس البنات وفقاً للتصاميم الجديدة في كافة مناطق المملكة حسب المعايير المعدة لذلك، علماً بأنه تم البدء بتنفيذ عدد من تلك النماذج في مدينة الرياض كمرحلة وتجربة أولى. واطلعت "الرياض" على عدد من التصاميم للنماذج الحديثة لمدارس البنات الجديدة إذ تتضمن مساحات مفتوحة تتيح مساحة كافية للحركة داخل المدرسة على خلاف التصاميم السابقة التي تعتمد على المساحات الضيقة والفصول المغلقة.. كما تحتوي التصاميم الجديدة على حدائق وأفنية مفتوحة وصالات العاب ومسارح داخل صالات متعددة الأغراض وفصول متخصصة ومختبرات ومكتبة ومكاتب مخصصة للإدارة والمعلمات والموظفات، وتعتبر هذه الخطوة هي المرة الأولى التي تعيد فيها الوزارة النظر في تصاميم مدارس البنات منذ بداية انطلاق تعليم المرأة في المملكة عام 1380 ه حيث واجهت التصاميم القديمة جملة من الانتقادات من قبل المختصين في الحقل التربوي وكذلك المهندسين والعاملات في الميدان التربوي من معلمات وإداريات حيث تفتقر للمواصفات الدولية والطبيعية لما يجب أن يكون عليه أي مبنى مدرسي. وجاء تحرك الوزارة بعد سنوات من دخول تعديلات على تصاميم مدارس البنات وتهيئتها بما يتناسب مع المعايير الدولية وبما يضمن توفير بيئة صحية ومناسبة للتعليم بظروف مساعدة ومشجعة وبما يخلق اجواء الابداع في تجارب بعيدة عن الوزارة كما هي تجربة أرامكو في تصميم مدارس البنات في الأحياء التابعة لها وكذلك في مدارس البنات في الهيئة الملكية في الجبيل وينبع. وكان عدد من المختصين أكدوا ل"الرياض" أن تصاميم مدارس البنات لا تقل أهمية على تأثير المناهج الدراسية ذلك أنها تساهم في تشكيل شخصية الطالبة وقد تكون نقطة انطلاق نحو حياة علمية خلاقة ومبدعة وكيف يكون للمباني ذات الطابع الضيق والمنغلق كما في التصاميم الحالية تأثير على الطالبات حيث يخلق منهن شخصيات خائفة ومرتبكة ومهزومة تشعر دوماً أنها في دائرة المراقبة والحصار وبالتالي يؤثر سلباً على الشخصية وذهنية الطالبات وقد تسبب لهن أمراضاً نفسية وصحية. تصاميم جديدة وأوضح م. نواف عقيل الشمري -مدير عام الإشراف والتنفيذ بوزارة التعليم- بأنه من خلال عمله مديرًا عاماً للدراسات والتصاميم فقد تمت الاستعانة بأحد المكاتب العالمية وبمشاركة عدد من الكادر الهندسي الوطني الطموح وقد تم عمل مجموعة من التصاميم الحديثة التي تم فيها مراعاة وجود المساحات الخضراء والافنية المفتوحة والفصول المبتكرة وكافة متطلبات المبنى المدرسي الحديث وبما يتوافق مع المعايير الدولية مبيناً بأنه سبق وعرض هذه التصاميم في معرض الاستثمار بالمباني الذي عقد بالوزارة قبل شهرين. وأشار إلى أن تحديد وترسية هذه المشاريع يخضع لخطة تشمل كافة مناطق المملكة وحسب المعايير المعدة لذلك علماً أنه تم البدء بتنفيذ عدد من هذه النماذج بمدينة الرياض وهي في المراحل الأولية للتنفيذ. أشكال متكررة ويرى د. طارق محمد السليمان -أستاذ كلية العمارة والتخطيط قسم العمارة وعلوم البناء بجامعة الملك سعود- بأننا نشكل المباني وبالتالي تسهم هي أيضاً بتشكيلنا وهي مقولة شهيرة تعكس أهمية اختيار شكل المباني، وذلك ينطبق على تصاميم مباني المدارس الحكومية سواء للبنات أو البنين فمدارس البنات الحكومية ذات أشكال متكررة وإن كانت زادت تلك النماذج في السنوات الاخيرة فقبل 30 سنة كانت تمثل ثلاثة إلى اربعة نماذج، ثم مع مرور السنوات وصلت إلى ستة نماذج ولكنها مازالت ثابتة، وقد يراعى عند اختيار أي نموذج حاجة الحجم وظروف الموقع إلا أنه في نهاية المطاف يبقى نموذجاً ثابتاً لأنه يصعب على الوزارة ايجاد تصميم منفصل لكل موقع فالحل الأمثل يكمن في ابتكار تصميم شبه ثابت ولكنه يحمل صفات المرونة من أجل التغيرات التي يمكن إضافتها عليه سواء من حيث عدد الفراغات، أحجامها، توجيه المدرسة وينعكس ذلك على واجهاتها وغيرها، مبيناً بأن تجربة تصاميم مدارس البنات مختلفة عن مدارس البنين حيث يلاحظ بأنها نماذج مكررة ولا يوجد فيها ابتكار، فحتى على مستوى النوافذ التي يتم إغلاقها بعد بناء المدرسة حتى لا تنكشف الطالبات على الخارج كان من الممكن وضع بعض الاحترازات لذلك عند تصميم المدارس فكان من الممكن تحقيق خصوصية البنات بتصميم متميز مختلف عن الحالي. وأشار السليمان إلى أنه قبل سنتين تم دراسة الأمر مع شركة استشارية ومن المتوقع أن تكون قد وصلت إلى نماذج مبتكرة فبدل أن تكون منفتحة على الخارج وتغلق من أجل الخصوصية تكون لها واجهات داخلية مشوقة ومحببة أكثر من النماذج الموجودة وهذا ينطبق أيضا على البنين. موضحاً بأنه من المتوقع أن تكون لدى الوزارة في الوقت الحالي تصاميم جديدة لمدارس البنات تعطيها المرونة والاتساع عبر ما يسمى بالانفتاح الداخلي بمعنى أن هناك أفنية داخلية للمدارس تغنيها عن الارتدادات، إلا أن المشكلة الازلية تكمن في أن مساحة المدارس الداخلية صغيرة للبنين والبنات فحتى البنين يصعب أن يتوفر فيها ملاعب متنوعة، كما يجب أن يكون هناك مساحات خضراء داخل وخارج المدرسة على أن يدخل فيها حل لإشكالية الصيانة والمتابعة وصرف المياه فحتى على مستوى مدارس البنين فالكثير بدأ يتخلى عن المساحات الخضراء نظرا لأنها تأخذ الكثير من وقت المدير من حيث الصيانة والمتابعة. وأكد السليمان بأن المهندس ملتزم بما يقدم له من مواصفات لابد من توافرها في الفصل المدرسي وهنا يأتي دور المختصين بطرق التدريس والمناهج من الاكاديميين في الجامعات والوزارات والمختصين، فإذا لم يخرجوا عن النمط التقليدي في التعليم فسيبقى تصميم الفصل كما هو، فالمهندس المعماري تقدم له المتطلبات والذي يضع تصميمه بناء عليه وهنا يأتي دور المختصين بطرق المناهج والتدريس والذين يعنون بأمور كثيرة أهمها هل يتعلم الطلاب بشكل تقليدي أو في فصول متقاربة أو في مجموعات، أو في فصل أقرب إلى ورش العمل والطالب يكتب فيها ويرسم ويصور ويبني. وأوضح د. ماجد علي قنش -استشاري علم نفس سلوكي- بأن عدم وجود التصاميم المناسبة والمحفزة للعملية التعليمية في تصاميم المدارس كوجود الطلاب والطالبات في فصول صغيرة يؤثر على نفسيات الطالبات والطلاب فكلما زادت المساحات مع الابتكار كلما أعطى فرصة للتفكير الايجابي ومنع التفكير السلبي فحينما يكون الفصل 4x4 متر أو 5x5 متر مع وجود عدد من الطالبات يصل عددهن إلى 35 طالبة أو 40 فإذا هذا يسبب الكبت والضيق وانعدام الثقة، فكلما كبرت مساحات الفصل وقل عدد الطالبات كلما تضاءلت الاضطرابات النفسية، كما أن زيادة عدد الطالبات مع صغر المساحات للفصل يؤدي إلى سوء الفهم وعدم القدرة على ايصال المعلومة في الوقت المناسب من قبل المعلم وبالتالي ينعكس بشكل سلبي على الطالبات وهذا بدوره يؤدي إلى الاكتئاب النفسي من الشعور بالضيق والاكتئاب والحزن والممل من التعليم والدراسة. وأشار قنش إلى أن عدم وجود التصاميم المبتكرة بالمدارس أدى إلى غياب عنصر الابتكار والابداع لدى الطالبات، فالمدارس بتصاميمها المنغلقة لا تترك الباب موارباً للإبداع والخلق، وقد تزامن ذلك مع انتشار تأثير الاجهزة التقنية والتي قللت من وجود عنصر الحركة لديهن مع تزامن فقدان المساحات والصالات الرياضية التي تدفع للحركة وجميع ذلك له أثره في دفع الطالبات إلى العزلة وعدم الرغبة بالاختلاط مؤكداً بأن هناك بعض المدارس لا تهتم بوضع المظلات الخارجية في المساحات للطلاب مما يؤثر على الصحة من حيث التزاحم مع وجود تأثير بالغ لحرارة الشمس في فصل الصيف صالات رياضية وشددت سعاد المهيزعي -مديرة إدارة بإدارة التعليم بالأحساء سابقاً- على أهمية الاهتمام بتصاميم مباني مدارس البنات ابتداء من التخلص من المباني المستأجرة خاصة في المناطق النائية والقرى والتي تظهر بشكل غير مرضٍ ولا يتوفر فيها أي صفات تؤهلها لأن تكون مدرسة وانتهاء بالمباني الحكومية التي أيضاً غير مجدية، مشيرة إلى أن الفئات الخاصة تعاني أيضاً من عدم توفر مباني تراعي ظروفهم وتساعد على دمجهم في مدارس عامة، فللأسف أن المقاولين يسعون إلى الربح في بناء المدارس لذلك فإنها لا تظهر بالشكل المطلوب، على الرغم من وجود نماذج جميلة على غرار تجارب مدارس أرامكو، مبينة بأننا بحاجة إلى مبانٍ جديدة تراعي مواصفات تتفق مع المرحلة العمرية فمرحلة رياض الأطفال تحتاج إلى تصاميم تتيح لهم ممارسة طفولتهم بشكل كامل، وكذلك ببقية المراحل على الرغم أن إدارة التربية والتعليم تطالب المدارس الأهلية بمواصفات في مبانيها لا توجد في المدارس الحكومية القدوة. وأوضحت المهيزعي بأننا بحاجة إلى صالات رياضية في مدارس البنات خاصة مع تفشي السمنة بشكل مخيف في عالم الفتيات والتي تعرضهن للكثير من المخاطر الصحية وذلك لقلة الحركة. تصميم المبنى من الداخل للبنين الذي بدأت بتنفيذه الوزارة المنظر الخارجي لتصميم مدارس البنات الجديد د. ماجد قنش م. طارق السليمان