مستثمرون ل «الرياض» : زيارة ولي العهد لواشنطن تطلق أكبر موجة استثمارات مشتركة    الحزم يحسم ديربي الرس بثنائية الخلود في دوري روشن للمحترفين    الأهلي يتفوق على القادسية بثنائية    إيقاف دياز جناح بايرن 3 مباريات بعد طرده أمام سان جيرمان    الاتحاد يكسب الرياض بثنائية في دوري روشن للمحترفين    مطار الملك سلمان الدولي يختتم مشاركته في معرض دبي للطيران 2025    عودة منصة إكس للعمل لدى معظم المستخدمين بأمريكا بعد انقطاع وجيز    أميركا لن تنشر تقرير التضخم لشهر أكتوبر    زيلينسكي: نتعرض لضغوط شديدة لدفعنا إلى اختيار بالغ الصعوبة    رئيس البرلمان العربي يرحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارات داعمة لفلسطين بأغلبية ساحقة    نائب أمير الرياض يرعى احتفال السفارة العمانية بيومها الوطني    إنزاغي يعلن موقف بونو من لقاء الفتح    ضبط شخص بمكة لترويجه (8) كجم "حشيش" وأقراص خاضعة لتنظيم التداول الطبي    مؤتمر MESTRO 2025 يبحث تقنيات علاجية تغير مستقبل مرضى الأورام    "سكني" و"جاهز" يوقعان مذكرة تفاهم للتكامل الرقمي    عيسى عشي نائبا لرئيس اللجنة السياحية بغرفة ينبع    أكثر من 100 الف زائر لفعاليات مؤتمر ومعرض التوحد الدولي الثاني بالظهران    فادي الصفدي ل"الوطن": "ألكون" شركاء في تطوير طب العيون بالسعودية.. وتمكين الكفاءات الوطنية هو جوهر التزامنا    انطلاق النسخة الخامسة من مهرجان الغناء بالفصحى بالظهران    أسس العقار" تسجل مليار ريال تعاملات في "سيتي سكيب العالمي بالرياض 2025"    "سليمان الناس".. وثائقي يعيد صوتاً لا يُنسى على قناة السعودية    الشيخ صلاح البدير: الموت محتوم والتوبة باب مفتوح لا يغلق    "زاتكا" تُحبط تهريب 58 ألف حبة إمفيتامين عبر منفذ الحديثة    الشيخ فيصل غزاوي: الدنيا دار اختبار والصبر طريق النصر والفرج    نادية خوندنة تتحدث عن ترجمة القصص الحجرة الخضراء بأدبي جازان    تعليم الأحساء يطلق مبادرة "مزدوجي الاستثنائية"    افتتاح مؤتمر طب الأطفال الثاني بتجمع تبوك الصحي    هوس الجوالات الجديدة.. مراجعات المؤثرين ترهق الجيوب    كيف يقلل مونجارو الشهية    الاتحاد الأرجنتيني يعلن فوز روزاريو سنترال بلقب "بطل الدوري"    حريق في مقر "كوب 30" يتسبب في إخلاء الوفود وتعليق المفاوضات    السعودية والإمارات من النفط إلى تصدير الكربون المخفض    العراق يواجه الفائز من بوليفيا وسورينام في ملحق مونديال 2026    المودة تطلق حملة "اسمعني تفهمني" بمناسبة اليوم العالمي للطفل    العبيكان رجل يصنع أثره بيده    المنتخبات السعودية تقفز رابع ترتيب التضامن الإسلامي "الرياض 2025"    من أي بوابة دخل نزار قباني    جنازة الكلمة    كانط ومسألة العلاقة بين العقل والإيمان        نائب أمير حائل يستقبل د.عبدالعزيز الفيصل ود.محمد الفيصل ويتسلم إهدائين من إصداراتهما    التخصصي و"عِلمي" يوقعان مذكرة تعاون لتعزيز التعليم والابتكار العلمي    أمير تبوك يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة نجاح الزيارة التاريخية لسمو ولي العهد للولايات المتحدة الأمريكية    بيان سعودي أميركي مشترك: وقعنا شراكات في جميع المجالا    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصل العام لجمهورية الصومال    أمير تبوك يكرم شقيقين لأمانتهم ويقدم لهم مكافأة مجزية    ثمن جهودهم خلال فترة عملهم.. وزير الداخلية: المتقاعدون عززوا أمن الوطن وسلامة المواطنين والمقيمين    فلسطين تبلغ الأمم المتحدة باستمرار الانتهاكات الإسرائيلية    غارة إسرائيلية تقتل شخصاً وتصيب طلاباً.. استهداف عناصر من حزب الله جنوب لبنان    وسط غموض ما بعد الحرب.. مشروع قرار يضغط على إيران للامتثال النووي    انطلاق النسخة ال9 من منتدى مسك.. البدر: تحويل أفكار الشباب إلى مبادرات واقعية    محافظ جدة وأمراء يواسون أسرة بن لادن في فقيدتهم    الجوازات تستقبل المسافرين عبر مطار البحر الأحمر    تامر حسني يكشف تفاصيل أزمته الصحية    14 ألف جولة رقابية على المساجد بالشمالية    أمير الرياض يستقبل سفير المملكة المتحدة    120 ألف شخص حالة غياب عن الوعي    استقبل وزير الحج ونائبه.. المفتي: القيادة حريصة على تيسير النسك لقاصدي الحرمين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الابنة الغامضة».. الجانب المظلم لغريزة الأمومة
نشر في الرياض يوم 25 - 02 - 2017

"أكثر ما يصعب علينا روايته هو ما لا نستطيع نحن أنفسنا فهمه". هكذا ومنذ الصفحات الأولى تمهد الروائية الإيطالية إيلينا فيرّانتي لحساسية وصعوبة ما تتناوله في عملها الرابع La figlia oscura أو الابنة الضائعة، والتي اختارت المترجمة شيرين حيدر له وسم "الابنة الغامضة".
لا شك وأن لمؤسسة الأسرة صورة مقدسة تجعلها قيمة عليا في حد ذاتها، وبالخصوص في المجتمعات التي تنظر لها على أنها ركيزة تقليدية راسخة، وغالباً ما تغور مثل هذه المعتقدات في الأوساط المجتمعية ذات الروابط المتينة بين أفرادها، مما يجعل التفكير في مثل هذه العلاقات بين الآباء والأبناء، والأخوة فيما بينهم، والجار وجاره، وتوصيفها أمراً يُعد من توضيح الواضحات. وذلك طبيعي لما يجره الابتذال من تفريغ للمعنى فتتحول هذه العلاقات مجرد ألفاظ ومصطلحات وشعارات تُستخدم كخاتمة لأي خطاب وعظي مثالي، لا يبرح أن يتحول إلى مجرد شططٍ في الكلام. فالأم هي الحنون دائماً، والأب هو العطوف دائماً، والأخ الكبير هو "السند"، وغيرها، بينما الأمر ليس كذلك أبداً.
أيضاً يُعد تناول بعض هذه العلاقات غير محبب، خصوصاً في مثل هذه المجتمعات، والذي حذا بمؤلفة الرواية للتخفي خلف اسم مستعار، وذلك لأن إيطاليا تعتبر من المجتمعات ذات ثقافة السياق العالي high context culture وإن كان بشكل دَمِث وبسيط مقارنة بالمجتمعات العربية. غير أن الحديث عن بعض هذه العلاقات كالأمومة والأبوة قد تضع المؤلف في إشكال أخلاقي بحكم الإيمان بهذه الروابط (الأمومة والأبوة) على أنها قيم عليا أو حتى تابو لا يتوجب طرقه. كما أن الأمومة هي علاقة مرتبطة بجميع البشر مما يجعلهم تحت مقام واحد في هذا الموضوع، والحديث حولها قد ينحرف نحو المؤلف وسيرته الذاتية بحثاً عن تقارب وتداخل بينها وبين العمل الروائي، فبطبيعة الحال ليس هناك من جاء لهذه الدنيا نتيجة تبرعم أو انشطار (على حد علمي). ومن جانب آخر، اختارت فيرّانتي ضمير المتكلم لكتابة هذه الرواية وذلك يخلق مباشرية بين أفكارها وأفكار الشخصية الرئيسة.
تختار ليدا، المطلقة والأم لابنتين والبروفيسورة، أن تقضي إجازة الستة أسابيع في أحد سواحل نابولي تحضيراً للسنة الجديدة. تسترخي معظم اليوم في الشاطئ، ولم يبرح استرخاءها حتى تحول لهوس بمراقبة العائلة التي تجاورها كل يوم على الشاطئ، وبالتحديد الأم الصغيرة وابنتها والدمية. وقبل أن نمسك بخيط الأحداث، نعرف بأننا على وشك بدء رحلة سيكولوجية طويلة مع ليدا كأم، أم سيئة، ومحاولة تفهم لماذا لم يكن ينبغي لها أن تقبل أن تصبح أمًّا عوضاً عن محاكمتها أخلاقياً.
تعيد رواية "الابنة الغامضة" النظر في قداسة الأمومة من خلال سرد داخلي طويل، وتحاول الرواية أن تعري بعض الأحاسيس القاتمة التي تعتري الأنثى والتي تسعى للتستر عليها. لكن إيلينا فيرّانتي لم تدع مساحة للعاطفة والانفعال وصرحت بمثل هذه المشاعر على لسان ليدا في أكثر من مناسبة.
"عندما انتقلت ابنتاي للإقامة في تورنتو حيث كان والدهما يقطن ويعمل منذ سنوات عدة، اكتشفت بدهشة يخالطها الحرج أنني لم أكن أشعر بأي ألم، لا بل كنت أشعر بنفسي خفيفة كما لو كنت بذلك قد أنجبتهما أخيراً. للمرة الأولى منذ خمسة وعشرين عاما تقريبا لم تُلِّح علي ضرورة الاهتمام بهما" برزت دواخل ليدا عن طريق نوعين من العلاقات: الأولى، عبر علاقتها بابنتيها قبل وبعد انفصالها عن زوجها ورحيلهم إلى كندا، والتباين بين مشاعرها تجاه الابنتين من الحمل والولادة حتى البلوغ. كما تحاول أيضا، وإن كان بشكل ضبابي، التعرض لمفهوم الإنجازات وتحقيق الذات وموقعها بين الأنانية والتضحية، والذي تمثل في ترددها بين النجاح الأكاديمي أو التخلي عنه مقابل الاهتمام بابنتيها.
والثانية، عبر العلاقات الأفلاطونية (العذرية) بين الأنثى والأنثى، من خلال علاقتها بأفراد العائلة النابولية التي تراها بشكل يومي على الشاطئ. ونظرتها للمرأة الحامل الأخرى ومشاعرها حيال أطفال الآخرين، ووحل المقارنات غير المباشرة.
خلا هذا المونولوغ الطويل ذو الأبعاد النفسية للشخصية الرئيسة من حبكة ذات حدث خارجي بارز، وعقدة تتصاعد حتى تصل للذروة. بل جاءت ذروة الرواية بشكل مباشر متمثلة في صراع داخلي يناسب الغزارة السيكولوجية في النص، وكان ذلك الحدث حين تدخلت ليدا في العلاقة بين أحد أطفال تلك العائلة ودميتها، والأسباب التي دفعت ليدا للقيام بذلك، وما ترتب عليه من اضطراب بين أفراد العائلة فيما بينهم مرة، وبينهم وبين ليدا مرة أخرى.
الرواية حاولت وبشكل جيد تصوير المسلّمات والعديد من جوانب العلاقات الأسرية، وكسر الابتذال حول فطرية الأمومة وبقية العلاقات الاجتماعية الأخرى، وذكرتنا أيضا بالجوانب المظلمة فينا جميعاً. قد نكره ذلك، وقد نصاب باضطراب، ولكن لا شك أن لحظات الارتباك هذه هي من أفضل الأوقات لنقترب لأنفسناونتعرف عليها أكثر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.