تعد الأسواق المالية مؤشراً حقيقياً للمشهد الاقتصادي الحالي والمستقبلي لأي بلد، تعكس واقعه المالي، وتجسد واقع عموم مشهده الاقتصادي.. بين حالات الكساد والانتعاش لجميع الأسواق: النقد، والمال، والعقار، والعملات، والسلع.. وغيرها. القطاع الخاص في أي مجال يكون منتجاً ومساهماً في الناتج الاقتصادي عندما يكون مساهماً فعلياً في الناتج المحلي.. في المملكة يحتل السوق المالي موقعاً جيداً على الصعيد الإقليمي؛ ويتجه إلى احتلال مركز أفضل عالمياً. كان سوق الأسهم المحلي أكثر الأسواق الاستثمارية جذباً واهتماماً منذ تأسيس هيئة السوق المالية قبل أربعة عشر عاماً.. حيث مر هذا السوق بمتغيرات تذبذب حادة بين الارتفاع والانخفاض.. وصولاً إلى الوضع الراهن.. وبقي سوق الأسهم المحلية الأكثر والأول في استقطاب رؤوس الأموال المحلية؛ إلى أن تحول السوق في جزء من تداولاته إلى المضاربة أدى إلى خسائر وانهيارات معروفة مر بها السوق.. وكترجمة عملية للتوجهات الحكومية في تنويع مصادر الاستثمار للمواطنين والمقيمين، عمدت هيئة سوق المال إلى تأسيس شركة "السوق المالية السعودية" كشركة مساهمة لتكون الذراع العملية لمزاولة العمل في تداول الأوراق المالية في المملكة. السوق المالي "البورصة" تختلف عن غيرها من أسواق الاستثمار.. ذاك أنها لا تعرض أو تتداول أصولاً بل أوراق مالية، إما "أسهم" تطرح للتداول والبيع والشراء في سوق الأسهم، أو "سندات" في السوق الثانوية، وكلاهما يتم العمل به في السوق المحلي. أحد أهم أهداف دعم القطاع الخاص في المملكة -الشريك الأهم في التنمية- دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة؛ التي يسهل تأسيسها، وإدارتها، في جميع المدن -ليست الكبيرة فقط- وفي حالات شركات التشغيل والإدارة؛ لا يحتاج هذا النوع من الشركات إلى رأس مال كبير.. الدعم الذي بدأت تحظى به تلك الشركات وتوج بتأسيس الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وكذلك إقرار برنامج كفالة.. توجته هيئة سوق المال بتأسيس سوق جديدة تكون بمثابة السقف الأعلى لطموح تلك الشركات.. والارتقاء بأدائها ليصبح أكثر احترافية وشفافية، والأهم مشاركة شريحة واسعة من الأفراد في الملكية عندما يطرح جزء منها للاكتتاب.. السوق الموازي (نمو) الذي ينطلق في 26 فبراير الجاري، نعتقد أنها خطوة تنظيم مميزة تستهدف أكثر من 1500 شركة "مساهمة مقفلة" وتحقق جملة أهداف، لعل أبرزها أن طرح الشركة للاكتتاب، ومن ثم التداول في السوق الموازي، يعد مصدر تمويل مهم، يستفاد من متحصلاته في فتح مجالات استثمار أخرى ضمن نشاطات الشركة، أو تنويعه في أخرى.. وبالتالي فرص توظيف واستثمار متنوعة.. كلما تنوعت مصادر الاستثمار، وتعددت أسواقه.. أدى ذلك إلى حفز الرساميل المحلية على البقاء في دارها، وأبعد من ذلك العمل على استقطاب أخرى من خارج الوطن.. إن النمو الحقيقي للاقتصاد هو القادر على ترجمة ذلك إلى توفير مزيد من فرص العمل والاستثمار الناجح والمستدام.