ينتظر مريض السكري موعد الزيارة كل عام مرتين أو ثلاثة لكي يناقش مع طبيبه قراءات السكر التي أجراها في المنزل والتي تعرف بقراءات السكر المنزلية. ولكن جراء العدد الكبير من مرضى السكري، وهنا أخص مرضى السكري النوع الأول المستخدمين للإنسولين أو مرضى السكري النوع الثاني والذين تم تحويلهم لحقن الإنسولين، فكلا الفريقين ينتظر موعد الزيارة بفارغ الصبر. وقد تتجاوز فترة الانتظار الستة أشهر لمناقشة هذه القراءات وأقصد قراءات السكر المنزلية. ولذلك أحببت أن أطلع مرضى السكري المستخدمين للإنسولين على كيفية ضبط جرعات الإنسولين في المنزل حتى حلول موعد زيارة الطبيب. ولدي هنا بعض الوقفات قبل الخوض في هذا الأمر. أولاً: يخطأ من يعتقد أن زيارة الطبيب دون عمل تحليل السكر المنزلي أنها زيارة مفيدة. في الواقع أنها زيارة عديمة الفائدة، فالأهم عمل هذه التحليلات المنزلية أو القراءات المنزلية لمستوى سكر الدم والتي بموجبها تحدد أو تضبط الجرعات. ثانياً: أما إذا عمل مريض السكري هذه القراءات أو هذه التحليلات المنزلية لمستوى السكر في الدم، فهو يخطأ خطأ كبيراً إذا لم يحضر هذه القراءات السكرية المنزلية عند زيارة الطبيب. فمريض السكر الذي لا يحضر جهاز تحليل السكر أو الكتاب المعد لذلك وهو الكتاب الذي تكتب فيه هذه القراءات، تعتبر زيارة الطبيب في هذه الحالة أيضا عديمة الفائدة حيث أن الموضوع الأهم في هذه الزيارة هو مناقشة قراءات السكر وضبط جرعات الإنسولين. ثالثاً: يعتقد البعض خطأ أن تحليل معدل السكر التراكمي الذي يعمل في المختبر يكفي ويعتقد البعض خطأ أيضاً أن احضار الجهاز لوحده يكفي. وفي الواقع معدل السكر التراكمي لا يمكن النظر إليه بمعزل عن قراءات السكر المنزلية، حيث أن معدل السكر التراكمي هو "معدل" أي أن قراءات السكر لو كانت متفاوتة بين الارتفاع والانخفاض كان معدل السكر التراكمي مقبولاً أي غير مرتفع لأنه مجرد "معدل". كما أن احضار جهاز تحليل السكر المنزلي المخزن لقراءات السكر أيضاً لا يكفي لأن قراءات السكر تظهر في هذا الجهاز على شكل قراءات في الصباح أو المساء دون تحديد وقت هذه القراءة قبل أو بعد الوجبة. وقد يحاول الطبيب التعرف على وقت تحليل السكر بالتعاون مع المريض ولكن هذا يستلزم بعض الوقت والذي قد لا يتوفر في موعد الزيارة. رابعاً: إذن ما يلزم مريض السكري بخصوص قراءات السكر؟. يلزمه عمل تحليل السكر 7 مرات في اليوم الواحد قبل موعد الزيارة بأسبوع أو أسبوعين. وتكون قراءات السكر قبل الوجبات وبعد الوجبات الثلاثة وأيضاً قبل النوم، فهذه سبع قراءات. ويتساءل البعض لماذا سبع قراءات ولماذا قبل وبعد الوجبات؟. وهذا سؤال مهم. يجب التذكر دوما أن قراءات السكر قبل الوجبات تعطي الطبيب فكرة عن جرعة الإنسولين طويل المفعول وقراءات السكر بعد الوجبات بساعتين تعطي فكرة عن جرعة الإنسولين قصير المفعول. كيفية ضبط الجرعات في المنزل: يجب أن يحرص مريض السكري أن تكون قراءات السكر قبل الوجبات بين 80 و120 وهذا هو عمل الإنسولين طويل المفعول، أي أنه إن كانت قراءات السكر أكثر من هذا المدى ولمدة أسبوع أو أسبوعين يلزم مريض السكري زيادة جرعة الإنسولين طويل المفعول والعكس صحيح أي أنه إن كانت مستويات السكر منخفضة يلزم مريض السكر نقص جرعة الإنسولين طويل المفعول. أما بالنسبة لمستوى السكر بعد الوجبة بساعتين فيجب أن يكون أقل من 140 فإن كانت أكثر من ذلك يجب زيادة الإنسولين قصير المفعول الذي يعطى بعد الوجبات بوحدة واحدة او وحدتين. والعكس صحيح أي أنه إن كانت مستويات السكر بعد الوجبة بساعتين منخفضة يجب نقص جرعة الإنسولين قصير المفعول. إن كان مريض السكري من مستخدمي العلاج التقليدي بالانسولين وهو خليط الصافي والعكر قبل الافطار وخليط الصافي والعكر قبل العشاء فهو بحاجة إلى تحليل السكر أربع مرات في اليوم قبل الوجبات الثلاث الأساسية وقبل النوم. ولكل تحليل مدلوله فتحليل الإفطار يحدد جرعة الأنسولين العكر قبل العشاء وتحليل قبل الغداء يحدد جرعة الانسولين الصافي قبل الافطار وتحليل قبل النوم يحدد جرعة الانسولين الصافي قبل العشاء. فإذا مستوى السكر مرتفع في أحد هذه الأوقات يجب إضافة وحدة أو وحدتين من الانسولين المناسب لهذه الفترة والعكس صحيح إذا كان السكر منخفضاً في فترة معينة فيجب خفض جرعة الانسولين المناسبة. إن معرفة المريض لفترة عمل كل نوع من أنواع الانسولين يساعده على التحكم في جرعة الانسولين وبالتالي التحكم في مستوى السكر. ويعتقد بعض مرضى السكر خطأ أن جرعتي الانسولين الصافي والعكر يجب أن تكونا ثابتتين والصواب انهما تختلفان باختلاف مستوى السكر في الدم ويسمى هذا بميزان جرعات الانسولين فيحدد مثلا بوحدة واحدة إذا كان مستوى السكر أكثر من مائة ووحدتين إذا كان مستوى السكر أكثر من مئتين وهكذا. ويجب على مريض السكري بمساعدة طبيبه اختبار هذا الميزان بأن يحلل السكر بعد الأكل بساعتين ويزيد أو ينقص جرعات الانسولين حسب الحاجة. ويجب الأخذ في الاعتبار بأن تكون كميات الأكل ثابتة من الناحية النوعية والكمية والوقتية وان يكون الفارق الزمني بين تحليل السكر وآخر وجبة سواء كانت وجبة خفيفة أو رئيسية ساعتين فأكثر. حيث إن التفاوت في الفارق الزمني يؤثر في مستوى السكر وبالتالي في تذبذيه. أما إن كان مريض السكري من مستخدمي العلاج المكثف بالانسولين بأن يستخدم أربع حقن في اليوم وهي حقن الإنسولين قصير المفعول قبل الوجبات الرئيسية الثلاث وإبرة الإنسولين طويل المفعول قبل النوم فإنه يلزمه تحليل السكر سبع مرات في اليوم قبل الوجبات الثلاث وبعدها وأثناء النوم وأيضاً يلزمه معرفة كيفية حساب الكربوهيدرات في الوجبات الغذائية. إن جرعة الانسولين الهمولوج سريع المفعول تتحدد على حسب عدد الجرامات من الكربوهيدرات المتناولة وأيضاً مستوى السكر قبل الوجبة الغذائية وهذا ما يعرف بمبدأ التناسب. فمثلاً لو تناول المريض عشرة جرامات من الكربوهيدرات فإنه يجب عليه أخذ وحدة واحدة من الهمولوج وهكذا. يخطئ من يعتقد أن زيارة الطبيب دون عمل تحليل السكر المنزلي مفيدة