تم بحمد الله في الأول من شهر محرَّم 1438ه الاحتفال بإطلاق المركز السعودي للتحكيم التجاري بحضور أصحاب المعالي وزراء التجارة والاستثمار، والعدل، والصحة ومجموعة من أصحاب الاختصاص، وذلك للتعريف بأهداف المركز ونشاطاته ولوائحه المعتمدة لتسوية المنازعات، والاطلاع على ما أُعدَّ له من مقرٍّ وتجهيزات، ويظهر جلياً بأن ما تم إنجازه هو ثمرة جهدٍ مميَّز لمجلس إدارته في إعداد وتحضير قواعده وإجراءاته على ضوء تجارب الدول الأخرى التي سبقتنا في هذا المجال. وفي اليوم التالي أقام المركز منتدىً بعنوان التحكيم المؤسسي الواقع والمأمول، واستضاف فيه مجموعة من المتحدثين المختصين في هذا المجال، وقد عرض خلاله تجارب مؤسسات التحكيم الدولية والمحلية الخاصة بإدارة الإجراءات ومناقشة أفضل الممارسات والآليات التي يتبناها التحكيم المؤسسي مع المحافظة على ما يتسم به التحكيم من مزايا تسوية المنازعات وإدارة القضايا من يسرٍ وسهولةٍ في الإجراءات. كذلك تمت مناقشة آليات تعزيز خدمات التحكيم لخدمة قطاع الأعمال بتطوير إجراءآتها وإرشاد قطاع الأعمال وأصحاب العلاقة بكيفية صياغة شروط تسوية المنازعات عن طريق التحكيم. ولا جدال أنه بمباشرة المركز السعودي للتحكيم لنشاطه في تقديم خدمات مهنية شفافة وسريعة لتسوية المنازعات وفقاً لأفضل المعايير الدولية ومساهمته في رفع مستوى الوعي بإنشاء بنية آمنة جاذبة للإستثمار المحلي والأجنبي، أمر في غاية الأهمية تمثل ذلك في إعداد المركز لدليل إرشادي لصياغة شروط تسوية المنازعات وتحديد قواعده وإجراءاته المعتمدة؛ ليسهل على المحتكمين الإحاطة بالمراحل الإجرائية المختلفة، مما يكفل لهم الوضوح ويمكنهم من التعاون مع إدارة المركز وهيئة التحكيم في إنهاء الإجراءات في أقصرِ وقتٍ وأقلَّ كلفة. وبالتالي يمكننا القول بأن منظومة التحكيم في المملكة العربية السعودية قد إكتملت وأصبحت أكثر مرونة ووضوح لحسم ما يعرض عليها من منازعات تجارية مع إحتفاظها بما يتميَّز فيه نظام التحكيم من قواعد وإجراءات متطورة تعطي للأطراف الحرية الكاملة في اختيار المحكمين والإجراءات والمكان والقواعد واللغة، كما تعطي لحكم التحكيم الحصانة تجاه الإعتراضات التي قد يتقدم بها المحتكمين باستثناء ما يسمى بدعوى البطلان وهي التي تستند على مخالفة القواعد الشرعية أو النظامية. وهكذا فقد لاح عصر جديد للتحكيم يُبشِر بالخير، وهي ثمرة جهود بذلتها الجهات المختصة لإيجاد نظام مرن يُلبي متطلبات التنمية وجاذباً للاستثمارات الأجنبية، ويواكب التطورات التي تشهدها المملكة في مختلف المجالات.