نما النقد المتداول خارج المصارف على المدى الطويل بنسبة 297% بين 1995 و2015، بينما نما في المدى المتوسط 77% خلال 2010 و2015، أما على المدى القصير نما 10% بين 2014 و2015، وهذا يؤكد أن الطلب على النقد في تصاعد حتى في الظروف الاقتصادية الصعبة التي تقل فيها نسبة السيولة، حيث وصلت النقدية إلى 182 مليار ريال في الربع الثاني من 2016 والأعلى تاريخيا، وهذا يجعلنا نطرح بعض التساؤلات أين تذهب هذه النقدية؟ هل تستطيع مؤسسة النقد متابعتها؟ وماعلاقتها بنمو ظاهرة الاقتصاد الخفي؟. من الممكن استخدام مؤشر الطلب على النقود في تقدير حجم الاقتصاد الخفي الذي يستخدم المتعاملين فيه النقدية لسهولة إخفاء قيمة معاملاتهم بدلا من استخدامهم المدفوعات الإلكترونية، فان زيادة الاقتصاد الخفي مرتبط طرديا مع الزيادة في الطلب على النقود، ولكي يتم تقييم الزيادة المفرطة في الطلب على النقود يستخدم الاقتصاديون معادلة الطلب على النقود القياسية لتقييمه عبر الزمن، حيث إن الزيادة المفرطة في النقود تمثل المبلغ الذي لم يتم تفسيره باستخدام معادلة الاقتصاد القياسي، أو تحديد كمية النقود المتداولة التي تنقلنا من الاقتصاد الرسمي إلى الاقتصاد الخفي، وذلك بتقدير الفرق بين الطلب على النقود في الاقتصاد ككل والطلب على النقود اللازم لتمويل المعاملات في الاقتصاد الرسمي، والذي يمثل تمويل معاملات الاقتصاد الخفي، ومن الممكن قياس سرعة تداول النقود في الاقتصاد الخفي، مقارنة بسرعة تداول النقود في الاقتصاد الرسمي في حالة غياب الاقتصاد الخفي خلال الفترة الزمنية التي تفصل بينهما، حيث يحفز ارتفاع العبء الضريبي وغيرها من العوامل الأفراد على العمل في الاقتصاد الخفي ولكن في اقتصادنا التستر والأعمال غير الشرعية هي التي تحفز التعاملات الخفية. حان الوقت للحد من الدفع نقدا وذلك بوضع سقف أعلى للمدفوعات النقدية لا يزيد عن (5000) ريال سواء كان ذلك بغرض التبادلات التجارية أو شراء السلع والخدمات الاستهلاكية والإنتاجية، بالإضافة الى رسم (10%) لمن تتجاوز مدفوعاته النقدية (1000) ريال لتحفيز البائعين والمشترين على استخدام المدفوعات الإلكترونية التي ستقلص الاقتصاد الخفي بمفهومه الواسع المرتبط بالأنشطة الاقتصادية التي لا تدخل في حساب الناتج المحلي الإجمالي الرسمي. في العديد من البلدان يتم تحديد السقف الأعلى لقيمة المدفوعات النقدية أو وضع شروط تحد من ارتفاع استخدامها. ففي بولندا بلغ حد الدفع النقدي للأشخاص (2260 يورو) في 2015، وفرنسا (1000 يورو)، وإيطاليا (2,999.99 يورو)، وبلغاريا يصل إلى (5112 يورو). في الدنمارك لا حدود على المدفوعات النقدية إذا تجاوزت كمية معينة، ولكن سيصبح المستهلك مسؤولاً بالتضامن والتكافل مع التاجر إذا كان التاجر لا يدفع الضرائب وضريبة القيمة المضافة من ثمن الشراء، وينطبق هذا في الحالات التي يتم دفع شراء سلع أو خدمات نقدا يصل الى 1340 يورو، وفي بريطانيا حددت أنظمة غسل الأموال، إذا ما كان عملك يقبل مدفوعات نقدية عاليه تبلغ 15,000 يورو أو أكثر مقابل السلع أو الخدمات، فإنك ستحتاج إلى التسجيل مع هيئة الإيرادات والجمارك. ان الحد من المدفوعات النقدية يعالج مرض الاقتصاد الخفي ويحول ما بين 540 مليار ريال الى مليار ريال سنويا من أموال الاقتصاد الخفي الى الاقتصاد الرسمي، وكل ما نحتاجه هو تضييق الخناق على النقدية والمعاملات الخفية التي سترتفع مع قرارات الرسوم والضرائب القادمة.