أفهم جيداً أنني لو قلت: إن منتخب الإمارات أصعب على المنتخب السعودي من أستراليا قبل مواجهة الأخير مع "الأخضر" التي انتهت بالتعادل 1-1 لخرج الجميع ليصفوني بعدم الفهم في الرياضة؛ بل إنني _ أصلا_ لم أكن لأتجرأ لأقول ذلك لأسباب كثيرة منطقية وفنية لا مجال لذكرها؛ كوني أرى أن ليس هناك اثنان يختلفان عليها أصلاً. الآن وبعد التعادل الذي فرض نفسه في مواجهة المنتخب السعودي ونظيره الأسترالي يبدو الأمر مختلفاً تماماً، إذ بات منتخب الإمارات أصعب من أستراليا، وهنا لا أشير للجانب الفني، وإنما للجانب الحسابي في جدول المجموعة، فبعد التعادل مع "الكنغارو" الذي تعاملنا معه بفرح طاغٍ فاق تعاملنا مع الفوز الذي حققه "الأخضر" في مباراتي تايلاندوالعراق، ولدوافع متفهمة وليس بالضرورة مبررة، سنكون حين نواجه "الأبيض" الإماراتي أمام لحظة الحقيقة، التي ينبغي أن توقظنا من سكرة الفرح الذي بالغنا فيه، لنعود إلى الواقعية في التعاطي مع مغامرة التصفيات الصعبة. لحظة الحقيقة التي أعنيها هي أن التعادل السابق أمام أستراليا سيكون بمثابة الفوز إن ردفناه بفوز على الإمارات، لأننا بذلك سنكون قد تمسكنا بصدارة المجموعة حتى في حال فازت أستراليا على اليابان، أتكلم هنا مع غض النظر عن حسابات الأهداف، بينما سيكون ذلك التعادل بمثابة الخسارة في حال خسرنا أو حتى تعادلنا في المباراة، لأننا بذلك سنكون قد خسرنا خمس أو أربع نقاط في مجموع المباراتين وخسرنا معها المركزين الأول وربما الثاني أيضاً بحسب ما ستؤول إليه نتيجة أسترالياواليابان. حسابياً يعد سيناريو الخسارة فادحاً بل حتى التعادل سيكون مكلفاً في صراع المنافسة على بطاقتي التأهل للمونديال، وتزداد فداحة الأمر كوننا سنكون قد خسرنا هذا الكم من النقاط على أرضنا، وهو أمر قاصم للظهر، ففي هكذا تصفيات تعد الأرض اللاعب الأهم لكل المنتخبات، وهنا لا ننسى أننا قد نفتقد اللعب على أرضنا أمام العراق، إن لم تحكم محكمة "كاس" لصالحنا في القضية المرفوعة ضد قرار الاتحاد الدولي، وهو ما سيزيد الأمور تعقيداً. أدرك أن هذا السيناريو موجع، لكنه محتمل، شئنا أم أبينا؛ خصوصاً وأننا نواجه منتخباً قوياً وعنيداً، فضلاً عن أن مبارياتنا مع الأشقاء الإماراتيين باتت اليوم بمثابة "ديربي الخليج"، وتحتاج هذه المباراة لتعامل خاص نفسياً وفنياً، وأول هذا التعامل اعتبار هذه المواجهة أهم وأصعب من مواجهة أستراليا، وليس في ذلك مبالغة؛ عطفاً على "السيناريو" المخيف لها. لست متشائماً ولا مثبطاً، لكنني حين أتذكر ألم غيابنا عن "الموندياليين" الماضيين، وما تسبب من أوجاع لكرتنا، أرى في مواجهاتنا في هذه التصفيات مسألة "حياة أو موت" للكرة السعودية، التي لم تعد تحتمل أكثر من ذلك الغياب، وهو ما يجب أن يستوعبه لاعبو المنتخب الذين نطالبهم بأكثر مما قدموه في مواجهة أستراليا، وهم يستطيعون، ولعلي أستحضر هنا مقولة المدرب الأسكتلندي وأسطورة ليفربول بيل شانكلي الذي يقول :"يعتقد البعض أن كرة القدم مسألة حياة أو موت، للأسف هذا يجعلني حزيناً فهي أكثر من هذا بكثير"، وهكذا يجب أن يتعاطى معها لاعبونا.. حياة أو موت!.