تحدثت في المقال السابق عن السرطان عامة، وهنا سأتحدث عن سرطان القولون وفي المقال القادم سأتحدث عن سرطان المستقيم إن شاء الله. قد يتبادر لذهنك عزيزي القارىء سؤال: ما علاقة المستقيم بالقولون؟!. دعني أوضح لك ما العلاقة. الأمعاء الغليظة التى كنا قد درسناها في مادة العلوم (لمن هو من جيلي) والتى كنا نعرف أنها الجزء الكبير والأخير من الأمعاء والتي تبدأ بنهاية الأمعاء الدقيقة وتنتهي بفتحة الشرج، تُقسم الى قسمين وهما القولون والمستقيم. ويجب أن لا نخلط المستقيم بالعضو الذكري لدى الرجل والذي يأتيني بعض الناس بالغلط للعيادة يشتكون من عرض ما فيه، فهو من اختصاص جراح المسالك البولية. يبلغ طول القولون حوالي 1.5 متر، أما المستقيم فيبلغ طوله عشرين سنتيمتراً. يتألف القولون في التقسيم الطبي الحديث من أربعة أجزاء رئيسية هي: 1. القولون الصاعد أو القولون الأيمن ويعرف أيضاً بالقولون الأعور، 2. القولون المستعرض، 3. القولون النازل أو القولون الأيسر، 4. القولون السيني أو السيجمي وهو الجزء الأخير من القولون والمتصل بالمستقيم. يتكون جدار الأمعاء بصفة عامة ومنها القولون والمستقيم من أربع طبقات. وهذه الطبقات الأربع هى بالترتيب من الداخل الى الخارج: طبقة الغشاء المخاطي، وطبقة العضلات الدائرية، ثم طبقة العضلات الطولية، وأخيراً الطبقة المصلية أو المشيمية، يتخللها أوعية لمفاوية ودموية (أوردة وشرايين) تأتي من القلب وتعود له. يتميز القولون عن الأمعاء الدقيقة بوجود الشرائط القولونية والتقببات. فالشرائط القولونية عبارة عن ثلاث حزم من الألياف الطولانية توجد على كامل طول القولون وتمثل الألياف العضلية الطولية الخارجية للقولون. أما التقببات القولونية ناتجة عن التقلصات العضلية الداخلية الدائرية للقولون. من أهم وظائف القولون الأساسية هي امتصاص الماء والأملاح من بقايا الطعام المهضوم قبل دفعه إلى الخارج على شكل كتلة برازية شبه صلبة، وللقولون جدار عضلي يتقلص وينبسط دافعا تلك المواد باتجاه الوسط الخارجي وفي القولون تتجمع الغازات، كما يؤمن القولون وسطاً مناسب لنمو البكتيريا المعوية والتي لها أهمية في صنع بعض الفيتامينات مثل فيتامين كي (K). تتم تروية القولون الدموية عن طريق ثلاثة شرايين رئيسية وهى الشريان المساريقي العلوي ويغذي القولون الصاعد والثلثين القريبين للقولون المعترض، أما الثلث البعيد للقولون المعترض والقولون النازل والقولون السيني وأعلى المستقيم فيتم تغذيتهم بواسطة الشريان المساريقي السفلي. بعد هذه النبذة السريعة عن القولون، أجيبكم عن ما هو سرطان القولون. في الحقيقة سرطان القولون عبارة عن عدة أنواع، أشهرها وأكثرها انتشاراً هو سرطان الطبقة الغشاء المخاطي والمسمى بالسرطان الغدي (اوAdenocarcinoma). وهذا يعني أن كل طبقة من طبقات القولون ومحتوياتها يمكن أن تصاب بسرطان خاص بتلك الطبقة ويختلف عن سرطان الطبقات الأخرى. فالسرطان الغدي (الغشاء الخاطي الداخلي للقولون) هو ثاني أكثر السرطان إصابة بها عند الرجال وهو الثالث عند النساء. لا أحد يعلم على وجه التحديد لماذا نصاب بسرطان القولون ولكن هنالك عوامل كثيرة تجعلك يا ابن أدم أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض، أجارنا الله جميعاً منه. أذكر من هذه العوامل على سبيل المثال وليس الحصر؛ عامل الوراثة، السمنة، قلة النشاط البدني، كثرة تناول اللحوم الحمراء واللحوم المصنعة مثل المرتديلا، الهوت دوق، السجق، والتدخين وشرب الكحول. فشرب الكحول بكميات كبيرة قد يزيد من خطر الاصابة بسرطان القولون هناك دراسة وجدت أن «الأشخاص الذين يستهلكون أكثر من 30 غرام من الكحول يومياً (خاصةً الذين يستهلكون أكثر من 45 غراما يومياً) لديهم زيادة في خطر الإصابة بسرطان القولون. يبدأ سرطان القولون الغدي عادة بورمة (لحمية) حميدة تسمى بوليب تنمو وتكبر مع الوقت وتتحور الى ورم سرطاني. لا يتسبب البوليب في العادة بأية أعراض، حتى إذا تحول البوليب إلى سرطان، فإن الأعراض تكون نادرة إلى أن يصبح الورم ضخما مسبباً إنسدادا في الأمعاء الغليظة أو نزيفاً ظاهراً في البراز. حين يحدث هذا قد يكون السرطان قد اخترق جدار الامعاء وانتشر إلى الغدد الليمفية في البطن أو إلى أعضاء أخرى. أما الأعراض التي قد تظهر هي الامساك، خروج براز دموي فاتح أو شديد القتمة، وألم في البطن. إن سرطان القولون قد يؤدي إلى الإمساك وإلى الألم في القولون إلا أن معظم حالات الإمساك وآلام البطن ليس سببها سرطان القولون. هناك أعراض أخرى قد ترافق سرطان القولون، وهي كما يلي: كون البراز أرفع بكثير من المعتاد، وأنت تقول إن هذه المشكلة مزمنة وليست حديثة، انزعاجٌ عام بالمعدة (انتفاخ، امتلاء، مغص)، آلام غازية متكررة، الشعور بأن الأمعاء غير فارغة تماماً، انخفاض الوزن بدون أسباب، شعورٌ دائمٌ بالتعب. عزيزي القارىء، اذا كنت تعاني –لا سمح الله- من نزيف من المستقيم، فقد يجري لك الطبيب واحدا أو أكثر من الاختبارات التشخيصية. إن فحص القولون بالمنظار المرن يكون غالبا هو أول وسيلة عندما يكون نزول دم احمر مع البراز هو العرض الأساسي، إذ يكون الارجح ان الدم آت من النهاية البعيدة من القولون (أي الاقرب إلى المستقيم والشرج). وقد يطلب الطبيب اختبار حقنة الباريوم الشرجية عند عدم توفر الفحص بمنظار القولون أو عند رفض المريض منظار القولون، فكل منهما يمكن ان يكشف عن سرطان القولون، بالإضافة إلى الأسباب الأخرى للنزيف وتشمل البواسير، التهاب المستقيم، والبوليبات غير السرطانية. عادة ما يفضل الأطباء الفحص بمنظار القولون بصفة عامة لأنه بالإضافة للكشف عن السرطان، يمكن الطبيب أثناء الفحص من أخذ عينات من ورم – يحتمل ان يكون سرطانيا – لفحصه، كما يمكنه من استئصال البوليبات المسببة للنزيف. كما قد يقوم الطبيب بإزالة قطعة صغيرة من أي نسيج يبدو غير طبيعي وفحصها للكشف عن السرطان. ينصح بإجراء فحوص بمنظار القولون بانتظام للاشخاص المعرضين بدرجة عالية للاصابة بسرطان القولون. يتم تصنيف سرطان القولون إلى أربع درجات أو مراحل. يعتمد الإجراء العلاجي على الدرجة. عادةً، ينصح بإجراء جراحة لاستئصال جزء من القولون أو ربما كامل القولون حسب العوامل المصاحبة لحالة المريض بالإضافة لدرجة المرض، وهذا يشمل شق البطن واستئصال الجزء المصاب بالسرطان من المعي (استئصال القولون). كما يمكن إجراء الجراحة أيضا باستخدام المنظار الجراحي وذلك بعد أن يصنع الجراح عدة شقوق صغيرة كثقب المفتاح في البطن يتم استئصال القولون المصاب بواسطة استخدام بعض الأدوات التي صنعت لهذا الإجراء خصيصاً. قد يتبع الجراحة العلاج بالكيماوي، يعتمد ذلك على الدرجة التى وصل لها المرض. ، معظم مرضى سرطان القولون لا يحتاجون إلى تفميم القولون أو ما يعرف بالفغارة المعوية الجانبية، والاجراءات الجراحية التي تحافظ على العاصرة الشرجية تسمح لغالبية المرضى بالاحتفاظ بقدرتهم على التحكم في امعائهم والتخلص من فضلاتها بالطريق الطبيعي. وكما يعلم الجميع أن درهم وقاية خير من قنطار علاج. فدرهم الوقاية هنا - عزيزي القارىء - هو أن تغير نمط الحياة غير الملائم يمكن أن يمنع سرطان القولون بحول الله وقوته. كما أن المحافظة على الوزن المثالي، اللياقة البدنية والتغذية الصحيّة تقلّل من مخاطر الأمراض السرطانية بشكل عامّ ومن مخاطر الإصابة بسرطان القولون بنسبة 60-80%. احذر من الإفراط في اللحوم الحمراء سرطان القولون قلة النشاط البدني تجعلك عرضة للاصابة بالمرض