يبدو أن الاقتصاد السعودي على موعد جديد مع عصر الطفرات والإنجازات والنجاحات المتلاحقة، التي تجعله دائماً في مقدمة اقتصادات منطقة الشرق الأوسط، ويبدو أيضاً أن الاقتصاد السعودي لن يتأثر كثيراً بتراجع أسعار النفط، بعد أن قرر أن يعيد اكتشاف نفسه من جديد، بأسلوب فريد وحديث، ووسائل غير تقليدية، تلخصها "رؤية المملكة 2030"، التي نالت استحسان قادة العالم، ورأوا فيها نموذجاً عملياً يعزز المكتسبات التي حققها هذا الاقتصاد في العقود الماضية. ولعل زيارة ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز إلى آسيا التي انطلقت الأسبوع الماضي، وشملت باكستان، ثم الصين، ثم اليابان، قبل العودة مجدداً إلى الصينً، لحضور قمة العشرين، خير مثال على المستقبل الباهر الذي ينتظر الاقتصاد السعودي. الزيارة التي استمرت ثمانية، أيام، كانت ناجحة بكل المقاييس. وهذا الأمر جعلها تثمر عن عقد ما يزيد على ثلاثين لقاء واجتماع مباحثات بين الوفد السعودي الذي ضم وزراء المنظومة الاقتصادية، والمستشارين ورجال الأعمال، وبين نظرائهم في الصينواليابان، ليس هذا فحسب، وإنما شهدت الزيارة أيضاً إبرام أكثر من 25 اتفاقية ومذكرة تفاهم، تمهد لمشروعات اقتصادية عملاقة في النفط والغاز والصناعة والزراعة والسياحة بمليارات الدولارات، وفي الزيارة أيضا، كانت هناك ثلاث رخص حصلت عليها شركات أجنبية عالمية، على رأسها "هواوي"، كانت حريصة على الدخول إلى السوق السعودي والاستثمار فيه، لإدراكها أن هذا السوق يتضمن فرصا استثمارية لا يستهان بها. أستطيع التأكيد على أن التوجه الذي ينتهجه الأمير محمد بن سلمان، والذي يعتمد على توطين التقنية، وتفعيل الابتكارات والاختراعات، بهدف إيجاد الحلول للكثير من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي نواجهها في حياتنا، هو التوجه الأمثل الذي تعتمده دول العالم الأول المتقدمة حالياً، وحققت من ورائه إنجازات يشار لها بالبنان؛ حيث رأى الأمير الشاب، من خلال "رؤية 2030"، أن يشارك العالم المتقدم طموحاته وتطلعاته، في أن يكون للمملكة جيل من المبتكرين والمبدعين، الذين يعززن مبدأ "اقتصاد المعرفة" ويستطيعون الانتقال ببلادهم إلى "عصر ما بعد النفط"، وأعتقد أن الرؤية بهذا المفهوم، تواصل مسيرتها المظفرة، بالأسلوب الذي رسمه لها الأمير محمد بن سلمان، وأؤمن أن جني ثمار هذه الرؤية سيكون قريباً جداً، وسيكون لدينا اقتصاد قوي قائم على دعائم استثمارية لا تلين. وما ننتظره من شبابنا؛ شبانا وفتيات، أن يتأهلوا علمياً ونفسياً لتطبيق متطلبات الرؤية، وأن يدركوا أن الأساليب القديمة قد عفا عليها الزمن، ولا تصلح لهذا العصر، فلكل عصر رجاله ورؤيته، والشباب المتعلم المثقف، وعلى رأسهم ولي ولي العهد، هم أهل هذا الزمان، وهو الأجدر بإحداث نقلة في تاريخ الاقتصاد السعودي، ولهذا الأمر أشعر كثيرا بالتفاؤل، وأؤمن أن الغد سيكون أفضل من اليوم.. وعلينا أن ننتظر ونترقب.