نجح المنتخب السعودي من تحقيق العلامة الكاملة في بداية تصفيات "مونديال روسيا 2018" بعد أن انتصر على تايلاند بنتيجة 1-صفر، ثم حوّل تأخره 1-صفر إلى انتصار على العراق 2-1، ولكنه خسر فيهما المستوى والأداء وغاب التناغم والانسجام بين اللاعبين، ولم يظهر الأداء المنتظر من المنتخب عدا في دقائق بسيطة، وعلى الرغم من ذلك إلا أنه بتحقيق المهم وهي النقاط التي تكمن أهمية تحقيقها في أنها الفيصل في ختام التصفيات وسينظر لترتيب المنتخبات بناءً على نقاطها وليس أداءها، لكنّ ذلك لا يعني مطلقاً التسليم بهذا الأداء الهزيل والمخجل، فالمنتخب يخوض تصفيات قوية تتطلب جهداً مضاعفاً وأداءً مختلفاً، وتجاوز "الأخضر" أول مباراتين بلا مستوى ربما لا يتكرر في الجولات المقبلة، فلم يظهر أحد من لاعبيه بمستواه المعهود عدا ياسر المسيليم، الذي كان نجماً في الذود عن عرين "الأخضر"، فيما تألق فهد المولد أمام العراق وكان علامة تميز بعد دخوله، ونجح نواف العابد من تسديد ثلاث ركلات جزاء من دون خوف أو ارتباك، لكن بقية اللاعبين لم يحضروا في كلتا المباراتين. المحطة المقبلة للمنتخب السعودي بعد شهر تقريباً، ستكون أمام استراليا ثم الإمارات في جدة، مواجهتان قويتان يجب أن يحضر فيهما الأداء والنتيجة، أولاً مباراة استراليا سيجد نفسه أمام منافس شرس، يتفوق على المنتخبات الآسيوية بمراحل طويلة، ينتهج طريقة لعب أخرى لا تشابه الكرة الآسيوية، وهو مؤهل كرقم أول للوصول إلى كأس العالم، وهذا لا يعني الاستسلام باكرا وتسليمه المباراة، لكن ذلك تمهيد لمعرفة مدى قوة المنافس، ومن أجل ذلك فإن المنتظر خلال الشهر الذي يفصل بين المنتخب وبين المواجهة، أن يعكف الهولندي بيرت مارفيك على متابعة مباريات استراليا والتدقيق في تفاصيله الفنية، ومتابعة الدوري السعودي عن قرب لاختيار أفضل اللاعبين للمرحلة المقبلة، وبعد الفراغ من استراليا سيستضيف "الأخضر"، منتخب الإمارات الذي سيحل ضيفاً خفيفاً على النفس ثقيلاً على الميدان، فمستواه شهد تطوراً ملحوظاً تحت قيادة مدربه مهدي بن علي، وسيحضر إلى السعودية ولن يبحث عن شيء أكثر من النقاط الثلاث، ولذا فإننا أمام مواجهتين مفصليتين في تصفيات مونديال روسيا. ما زلنا في بداية المشوار ومن الصعوبة التكهن بمن سيتأهل للمونديال، لكن حينما تخرج من أمام استرالياوالإمارات بنتائج إيجابية، فإننا سنكون قطعنا شوطاً طويلاً إلى التأهل، وهنا تمكن أهمية هاتين المباراتين، وكذلك فإن الخروج من أمام استرالياوالإمارات بنقاط كاملة، ستكون دفعة قوية قبل الطيران إلى اليابان لملاقاة "الساموراي" هناك ، وهي المواجهة التي لن تقل قوة عن المواجهتين السابقتين. "الأخضر" بدأ خطواته في التصفيات بداية مميزة كحساب نقاط، والمنتظر أن تكتمل هذه البداية بل وتتطور لتصل إلى تميز على صعيد الأداء كذلك، لا يجب الركون إلى أن الرطوبة في مدينة جدة قد تؤثر سلباً على استراليا، فهي لم تمنعهم من هزيمة الإمارات، ولم تمنعهم مسبقاً رطوبة المنطقة الشرقية من هزيمة المنتخب السعودي، لكن الذي سيمنعهم من الانتصار علينا هو الأداء الرجولي وروح الانتصار التي يجب أن يظهرها لاعبي المنتخب أمامهم، فاللعب العشوائي والاستهتار أثناء المباراة ربما تكون عواقبة وخيمة أمام منتخب بمثل هذه القوة الفنية. يجب أن يدرك أي لاعب يمثل المنتخب، أن الكرة السعودية غائبة عن المونديال منذ عام 2006م ، وهذا الغياب الطويل لا يعكس تطورها ، ولا يستحق وطناً تولي حكومته كرة القدم كثيراً من الاهتمام هذا الغياب الطويل، والشعب السعودي يستحق أن يحتفل بتأهل بلاده إلى المحفل العالمي في ختام هذه التصفيات، ولكن الاحتفال يتطلب قتالية داخل الملعب من اللاعبين، بعد أن توفرت لهم جميع سبل النجاح للمرحلة المقبلة، فالعهد الرياضي في السعودية بات متطوراً عن ما مضى سابقاً، وجميع اللاعبين الذين يصلون المنتخب هم محترفون ومتفرغون لكرة القدم، فلا مبرر لظهورهم بأداء هزيل أو غياب قتاليتهم في اللقاءات المقبلة، وإدارياً يتحمل إتحاد الكرة مسؤولية كبرى في الجولات المقبلة، ولعل أهمها التشديد على الهولندي مارفيك في البقاء قريباً من متابعة الدوري السعودي، وحضور أكثر المباريات للوقوف على مستويات اللاعبين وجاهزيتهم، المنتخب السعودي تنتظره مباريات هامة يحتاج فيها لتكاتف والتفاف الجميع، إعلام وجماهير وأندية وقبلهما لاعبون وجهاز فني وإداري واتحاد كرة، "مونديال روسيا 2018م" يجب أن يشهد عودة المنتخب السعودي لمكانته الطبيعية بين منتخبات العالم.