هدوؤها وإحساسها بالمسؤولية ورجاحة عقلها وإنسانيتها الراقية سمة ميزتها نحو قيادة التحدي وتحقيق المستحيل، حيث أيقنت ذلك، ومع الأشهر الأولى لابتعاثها، فكان محور اهتمامها أواخر عام 2005 في أميركا بالتحديد بمدينة لورنس وجامعة كانساس، حيث ساعد أصدقاء هالة محمد علي الجشي في التعرف الفعلي على أنظمة وقوانين بلد الابتعاث، فكانت تحمل امتناناً لهم مع انطلاقة شرارة للتطوع والعون المحمود نحو الغير والذي تضمره أصلاً؛ تواصلت سريعاً مع موقع "سعوديون في أميركا" المعروف، وكانت في أوائل خطوات نشاطها الاجتماعي والأكاديمي، وبدأت رحلتها بنشوة حماس ممزوج بإخلاص الإنسانية فقط. وفي نفس المنعطف، غدت "هالة" المندوبة الاجتماعية بولاية كانساس لدى مجموعة "سعوديون في أميركا"، وكانت تستقبل يومياً كمّاً هائلاً من الاستفسارات وطلبات المساعدة الفعلية، مع تلقي مكالمات نهاية الاسبوع للمساعدة في ايجاد سكن قريب من موقع الدراسة، أو متابعة قبول جامعي، أو إصدار أوراق رسمية حتى التأكد من إرسالها والحصول عليها، أو بنقل وكتابة تقارير عن الانشطة الاجتماعية بالأندية الطلابية السعودية بولاية كانساس.. كسبت الجميع وفي وقت استثنائي حتى أصبحت نائباً للمشرف العام ل"سعوديون في أميركا" ومن ثم المشرف العام لثلاثة أعوام حرصت فيها على أن تكون وبنجاح قياديّ تعاونيّ تكامليّ مع مبتعثين مميزين نحو عملٍ مخلصٍ متزنٍ يتوافق مع الملحقية الثقافية لخدمة الطالب من جهة، وإبراز جهود السعوديين المشرفة في جميع المحافل من جهة أخرى، فقامت وفريقها بإعادة التنظيم الهيكلي للادارة واستقطاب الكفاءات الموثوقة وبناء قواعد بيانية ومعلوماتية خاصة بالولايات والمدن التي بها جامعات أميركية موصى بها. وعلى خارطة النجاح الممزوج بالإخلاص سارت "هالة" بقدميها على وهج الإخلاص والنبل وفي مواقع غزيرة؛ فبعدما أنهت درجة البكالوريوس بامتياز جعلها في قائمة العميد للمتفوقين، انتقلت إلى ولاية ميرلاند والقريبة من الملحقية الثقافية بفرجينيا لإكمال درجة الماجستير، فكانت تتلقى الكثير من الاتصالات لمتابعة طلبات مرفوعة لدى الملحقية وكانت تتابع طلباتهم بالتدريج مع المشرفين الدراسيين أو مديري الأقاليم، ومنه كذلك تطوعت باحتراف مع الملحقية الثقافية بأميركا في لجنة الدعم والمساندة للأندية الطلابية السعودية، وفي اللجنة التطوعية لوسائل الاتصال الاجتماعي للملحقية الثقافية والتي مثلتها في عدد من الفعاليات والمؤتمرات مثل مؤتمر "US-Saudi Business Forum 2011"، وكذلك خلال زيارة وزير العدل السعودي، غير عملها البارز في لقاءات رؤساء الأندية الطلابية الدورية وحفلات التخرج السنوية للطلبة الدارسين في أميركا. وكما آمنت "هالة" بأن التعايش الإنساني فلسفة قويمة ملكّتها مفاتيح شخصيتها كاملةً، والمتأمل لتك الصفات يعي المعاني الراسخة للإيمان الفطري والإنسانية معاً في دواخلها ما جعلها تشارك كمنظمة لعدة حملات تطوعية إنسانية لمساعدة الطلبة بكافة أطيافهم وأجناسهم، وأنشطة أخرى تساعد على توفير البيئة الايجابية وسلامة الأطفال في أنشطتهم، وكذلك في عدة حملات دوريّة لتقديم الخدمات الغذائية للفقراء خلال ساعات الصباح الباكر مع التعاون مع مجموعة من المتطوعين الدوليين والأميركان في جوانب إنسانية متعددة في الجامعة والمجتمع والمستشفيات وتحديداً ذوي الاحتياجات الخاصة والتي أصبحت عضواً في مجلس خدمة الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة في الولاياتالمتحدة الأميركية.. فكانت رسالتها لزملائها المبتعثين وللعالم هي ذلك التناغم بين التطوع ودعوات التعايش الإنساني التي صنعتها ومازالت ترسمها بقلبها؛ مثار ما عُرف عنها ودهشة الآخرين!. تقول أخصائية الأبحاث بإدارة الأبحاث بمدينة الملك فهد الطبية: "ما أطمح إليه شخصياً أن يوجد التعايش ليستمر بيننا، وقد عملت وزملائي على تكريسه بين المبتعثين عندما مررنا بحياة الغربة الرفيعة ليغدو التعايش عادة وسلوكاً اجتماعياً إنسانياً يستحقه وطننا، فقيادتنا الحكيمة وضعت ثقتها في الجميع عندما عينت عدداً من رجالاتها في مناصب قيادية رفيعة وأرست مركزاً للحوار الوطني؛ فيجدر بذلك أن يكون نهجاً وخارطة طريق يحتذى بها على أصغر المقاييس الاجتماعية والأسرية التي نأمل بها أن يذوب معها مقت الطائفية والعنصرية والمناطقية.. أما علميّاً فليس طموحي غير نهوض مستوى الأبحاث الطبية في المملكة لتكون في مصاف الدول المتقدمة من حيث النشر العملي في المجلات المحكمة عالمياً لينعكس على المستوى الطبي المقدم لدينا". وفي آخر منعطف يليق، حيث لن نستغرب عندما دلفت "هالة" على الحياة من بوابة إنسانية راقية وتربية رصينة متمثلة بكل معانيها في حب العلم والتطوع والتعايش، تختم مسكاً خريجة ماجستير العلوم الصحية من جامعة توسون بولاية مريلاند: "والداي هما ولهما الفضل الأكبر في نجاحي وتفتح عقلي لتقبل الآخر، وضعا ثقتهما وعوّلا أملهما على نجاحي العلمي والاجتماعي والإنساني؛ فكان ثقلاً على كاهلي وفخراً، عملت جاهدة لأحققه ولا أخيب وجهة نظرهما في صنع امرأة سعودية ذات شخصية قوية تشبه والدتي "مورين السنان" التي لاتقبل أن توقفها عثرات الحياة.. ومنها، عندما تحلك الدنيا في وجهي دائماً ما أتذكر عزوة والدي (هالة ما ينخاف عليها)". [email protected]