سهلت الطرق في بداية تعبيدها السفر لمرتاديها حيث بات من يسلكها يعرف بالضبط متى سيصل إلى وجهته وبالوقت المحدد وذلك من خلال النظر في اللوحات الإرشادية والتي تعطي المسافة المتبقية للوصول إلى الوجهة التي يريدونها إذ تدون فيها عدد الكيلومترات المتبقية، بينما كانت الطرق الصحراوية خاوية من أي لوحة إرشادية وكانت فطنة السائق وخبرته هي خير دليل له في سفره، وكانت البدايات في تركيب اللوحات الإرشادية بسيطة ومتواضعة شأنها في ذلك شأن كل حديث يظهر إذ دائماً ما تكون البدايات صعبة وتتواءم مع التقدم الذي يعيشه الناس في كل فترة من الزمن وتعتمد على ما يتيسر من تقنية. التقنية تتيح للسائقين معرفة زمن الوصول والسرعة المحددة وتنبيههم بأماكن الازدحام ومخاطر الطريق كان حساب الكيلومترات بين المدن يتم عن طريق الاجتهاد الشخصي وبواسطة المشي بالسيارة على الطريق واحتساب المسافة بعداد السيارة حيث كانوا يضعون في كل مسافة عشرة كيلومترات لوحة توضح ما تبقى من مسافة حتى الوصول إلى أقرب بلدة يمرها الطريق بينما يكتب ما بقي من مسافة إلى المدينة الرئيسية كمدينة الرياض أو مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة وما وغيرها من المدن الكبرى، وكانت تلك اللوحات تكتب بخط اليد عن طريق الاستعانة ببعض الخطاطين المشهورين، ولم تكن اللوحات الإرشادية إلا لتحديد الوجهة وبيان المسافة بين المدن وخصوصاً الكبرى منها، وإذا ما تعرضت لوحة لحادث اصطدام أو تمت إزالتها من مكانها لأي سبب كان فقد كان الأمر يتطلب جهداَ وقتاً طويلاً من أجل إيجاد بديل لها، إضافة إلى أن اللوحات كانت لا تضيء ليلاً ولا تكتب بلون فسفوري عاكس مما كان يستلزم شدة المتابعة من قبل السائق لمعرفة الاتجاهات وبقية المسافة المتبقية، وفي زمننا هذا بات من السهولة رؤية اللوحات برونقها الجميل حيث باتت الكتابة أكثر وضوحاً واللوحات أكبر حجماً وفيها من الإرشاد ما يفوق الوصف، كما ظهر نوع من اللوحات الجديدة التي تضيء ليلاً وبخط فسفوري عاكس في الطرق التي لا تتوفر بها خدمة الكهرباء، أما في المدن فقد أصبحت اللوحات أكثر دقة وإرشادا وفيها من المعلومات الشيء الكثير فقد دون عليها السرعة المسموح بها وأسماء الشوارع والاتجاهات، كما تبين للسائق مدى الازدحام مما يوفر التحذير الكافي له، إضافة إلى إعطاء معلومات للسائق إذا كان الطريق مزدحماً، وتبين أيضاً للسائق المدة المتبقية له للوصول إلى المخارج الرئيسية . البدايات بعد ظهور السيارات في المملكة لم يكن هناك طرق مسفلتة بل كانت كلها ترابية وبالتالي فلم يكن هناك لوحات إرشادية إذ كان الطريق صحراوياً وكانت العلامات الوحيدة هي عن طريق التعرف على الطريق بعلامات طبيعية كالأشجار أو الجبال وقد يعمد بعض السائقين الذين يترددون على المدن والبلدات على وضع علامات من الصخور وذلك برص الصخور على بعضها لتعلوا بمقدار المتر أو أطول قليلاً للاهتداء بها في السير وتسمى مجموعة الصخور هذه (رجم)، فأصبحت هذه العلامات دليلاً للكثير من السائقين نهاراً، أما إذا حل الظلام فان من الصعوبة بمكان الاستدلال على الطرق لذا فقد كان السائقين يحرصون على الوصول الى أقرب بلدة أو محطة استراحة قبل حلول الظلام ومن ثم يقفون للراحة والنوم حتى يطلع الصبح ومن ثم يتابعون المسير ، وبعد أن ظهر كثرت السيارات كان من الضرورة إنشاء الطرق المعبدة حيث عرف أول طريق معبد في عهد المؤسس الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه- ، وذلك في عام 1344ه، والذي يربط بين مكةالمكرمة والطائف، ثم أنشئ طريق يربط بين مكةالمكرمةبجدة، ثم توالى تعبيد الطرق حتى شملت كل مدينة وقرية، وكانت الطرق في بداياتها تفتقر إلى اللوحات الإرشادية إذ كانت الطرق تسفلت فقط ولم يكن هناك علامات أرضية كالخطوط البيضاء المتقطعة أو الخطوط الصفراء المتصلة على جانبي الطريق مما كان يستلزم مهارة كبيرة من السائقين في تفادي الاصطدام بالسيارات المقابلة، ولخطورة المرور ليلاً على الطرق في تلك الفترة التي وافقت ظهورها لأول مرة فقد كان السفر يتم غالباً في النهار، اذ يفضل قائدي السيارات التوقف في المساء من أجل الراحة وانتظار الصباح، مما يجعل محطات الراحة والتزود بالوقود تمتلئ بالمسافرين، ومن أجل ذلك فقد كانت الطرق تكون شبه خالية في الليل، كما كانت المحطات والاستراحات تغلق أبوابها في بداية الليل حيث يخلد الجميع لأخذ قسطاً من الراحة والنوم وذلك لعدم توفر الكهرباء في تلك الفترة من الزمن. العلامات التحذيرية لم تكن الطرق عند بداية إنشائها تحظى بوجود أي علامات سواء تحذيرية أو إرشادية وكانت أمور السلامة في الطريق تخضع لمهارة السائق وقد ساعد في قلة الحوادث المرورية قلة السرعة في القيادة وحرص السائقين على اليقظة والاستعداد لمفاجآت الطريق خصوصاً في المنعطفات والمناطق الشديدة الانحدار أو الارتفاع، كما أن لوحات تحديد السرعة لم تكن موجودة أصلاً، ولا لوحات التنبيه إلى وجود حيوانات أو تساقط صخور أو زحف رمال، وبعد أن تم تركيب لوحات تحديد المدن وقياس المسافات بينها فقد كانت تكتب بخط اليد وبألوان (باهتة) غير شديدة الوضوح حيث كانت هذه اللوحات بحاجة إلى صيانة دورية من أجل تجديد الكتابة بعد أن تبهت وتتعرض إلى العوامل الجوية من برودة وحرارة وأمطار، كما أن شركات صيانة الطرق قديماً تقوم بصيانة الطرق قبل أكثر من نصف قرن حيث تقيم لها مقر مؤقت كان يطلق عليه مسمى (كمب) وهو أشبه بمعسكر صغير يحتوي على عدد من الغرف لسكن المهندسين الأجانب مع عائلاتهم ونظراً لقلة الطرق التي تخدم المدن الكبرى فقد كان عدد هذه الشركات لا يتعدى أصابع اليد الواحدة وقد كانت هذه الشركات الأجنبية تستعين بعدد من الموظفين السعوديين كسائقين وعمال يقومون بقيادة السيارات التي تقوم بصفة دورية شبه يومية بالمرور على الطريق لإصلاح أي خلل كما تقوم بتنظيف الطريق من المخلفات التي تتركها السيارات مثل الإطارات التالفة أو قطع الغيار وأحياناً بعض ما يسقط من سيارات النقل خلال مرورها، أما معدات هذه الشركات فقد كانت قليلة جداً حيث يجب أن يكون من ضمنها (شيول) و(قلاب) و (دراكتر) و (رصاصة) وسيارة (قار) وعدد محدود من سيارات النقل الصغيرة، وظلت هذه الشركات تعمل على صيانة الطرق بإشراف المهندس الأجنبي المسؤول في كل شركة صيانة والذي يتسم بالصرامة حيث يقضي العديد من العمال والسائقين أياماً عدة في هذه المخيمات بعيداً عن أهلهم ويتناوبون في العمل، وقد كان عملهم شاقاً حيث يعملون طوال النهار تحت لهيب الشمس وتقلبات الطقس من البرودة وتساقط الأمطار، وبعد أن تقدم الزمن وتم الاستغناء عن تلك الشركات الأجنبية قامت بمغادرة البلاد وبيع باقي ما تملكه من هذه المعدات على عدد من كان يعمل فيها ممن اكتسبوا الخبرة من المواطنين بأسعار مغرية بسيطة، الأمر الذي أتاح للعديد منهم العمل بهذه المعدات في أعمال المباني بينما اتجه آخرون إلى العمل في إنشاء الطرق حيث تسلموا العديد من المشروعات الصغيرة والبعض الآخر تقدم إلى وزارة المواصلات وحصل على عقود صيانة للطرق، الأمر الذي شجع المواطنين على فتح مؤسسات صغيرة سرعان ما تحولت إلى شركات وطنية رائدة في مجال إنشاء الطرق شهدت عمليات كفاح وتضحية من أجل الوصول إلى ذلك. لوحات حديثة وبعد أن تطورت أعمال الخطاطين باستخدام التقنية الحديثة شهدت لوحات الطرق تغييراً كبيراً حيث ودعت خط اليد بعد أن شاع استخدام الطباعة حيث باتت اللوحات تكتب بخط واضح وجميل وبألوان ثابتة، كما تغيرت اللوحات نفسها إذ تم استخدام لوحات من الشرائح تركب في عمودين بحيث أنه في حالة تغيير الكتابة في اللوحة وإضافة معلومات جديدة أصبح من السهل عمل ذلك دون الاستغناء عن اللوحة كلها وذلك بتغيير عدد من الشرائح فقط أو بالطباعة على الشرائح مرة أخرى بعد طمس العبارة السابقة، وصارت اللوحة أكبر حجماً والكتابة فيها بخط كبير يستطيع السائق قراءته بكل يسر وسهولة وتمت كتابة أسماء كل المدن والقرة التي يمر بها كل طريق على خلاف السابق حيث كان يكتب أسماء الدن الرئيسية الكبرى فقط، كما أن اللوحة إذا تعرضت للاصطدام فإنها قابلة للتصحيح بدل الاستغناء عنها وذلك بالتعديل أو باستبدال الشرائح المتضررة، وبفضل التقنية الحديثة أيضاً فقد كثرت اللوحات الإرشادية والتحذيرية في جميع الطرق وشملت جميع اللوحات التي تستخدم عالمياً مثل التنبيه في المنحنيات أو عدم التجاوز أو في التنبيه إلى أعمال الصيانة أو إلى السرعة المطلوبة، إضافة إلى تخطيط الإسفلت بالخطوط البيضاء المتقطعة أو المتصلة أو الخطوط الصفراء على جانبي الطريق. ومن التطور الذي طرأ على لوحات الطرق هو استخدام اللون الفسفوري العاكس الذي يضيء ليلاً عند تعرضه لأنوار السيارات مما سهل على السائقين قراءة اللوحات الإرشادية والتحذيرية بكل يسر وسهولة، كما انتشرت اللوحات التي ترشد المسافر إلى الوجهة التي يريدها والتي باتت تغنيه عن السؤال عن جهة أي مدينة أو قرية صغيرة ومدون بها المسافة المتبقية على ذلك بخط عصري جميل، إضافة إلى استخدام لوحات كبيرة معلقة داخل المدن عمل لها إضاءة بالكشافات موضح بها المخارج مرقمة في كل طريق رئيسي أو دائري وأسماء الشوارع الرئيسية والاتجاهات الأصلية والفرعية وأهم المنشاءات الحكومية كالجامعات والمستشفيات والمطارات وغيرها من الأماكن الحيوية الهامة كالمتنزهات والأماكن السياحية والتراثية، ولم تغفل اللوحات التنبيهية والتحذيرية حيث انتشرت في كل شارع لوحات تحدد السرعة المسموح بها والأماكن التي يسمح بالوقوف فيها أو يمنع الوقوف بها. استخدام التقنية من آخر التطورات التي طرأت على لوحات الطرق وخصوصاً في المدن استخدام تقنية شاشات العرض التي تعمل بالكتابة المتغيرة حيث تمكن السائق من معرفة الوقت المتوقع للوصول إلى المخرج الرئيسي القادم بالدقيقة أو تعطي معلومات عن مدى سلاسة المرور أو الازدحام، كما تعطي تحذيرات للسائقين بوجود أعمال طرق أو تبين السرعة المسموح بها، وتتيح هذه اللوحات لرجال المرور تغيير العبارات في وقت قصير يتناسب وسرعة المتغيرات التي تطرأ على الطرق، ففي العاصمة الرياض مثلاً تتركز هذه اللوحات على الطرق الرئيسية كطريق الملك فهد وطريق الملك عبدالله والطرق الدائرية وستشمل هذه اللوحات ذات التطبيقات الذكية معظم الطرقات الرئيسية التي تشهد كثافة مرورية عالية تباعاً، وقد ساهمت هذه اللوحات الجديدة والتقنية الحديثة في توجيه السائقين وإرشادهم وتحذيرهم وذلك سعياً من أمانة مدينة الرياض وإدارة المرور في الاستفادة من كل ما هو حديث من أجل الوصول بالمدينة إلى مصاف المدن العصرية. طريق «كرا» عام 1384ه ويلاحظ عدم وجود لوحات إرشادية سفر الحجاج من جدة إلى مكة قبل ستين عاماً عبر طريق خال من اللوحات لوحة توضح أول طريق أنشئ بالمملكة في عهد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه لوحة إرشادية قديمة في مدخل مكةالمكرمة مكتوبة بخط اليد لوحة تبين المسافة إلى مكةالمكرمة والطائف اللوحات الإرشادية تطورت كثيراً عن السابق وأصبح السائق يجد فيها مايريد من معلومات غرف تحكم إلكتروني متطور بطريق العروبة الجديد لوحة إلكترونية إرشادية لتحذير السائقين بمفاجآت الطريق حمود الضويحي