لم يدر بخلد أكثر المتشائمين لمسيرة الصحف الإلكترونية ومواقعها الإلكترونية تحديداً، أن تبدأ نهايتها بهذه السرعة، فقد تناقصت زياراتها، وقلّت أرقامها، وضعفت احصائياتها، بل ونقصت إيراداتها! خلال السنوات الماضية كان لا يخلو أي مؤتمر أو ندوة أو محاضرة تتطرق للإعلام من قريب أو من بعيد، إلا أن تستعرض موت الصحافة الورقية وتتناول الصحافة الإلكترونية باعتبارها المنقذ لمسيرة ومستقبل الصحافة. لكن ماحدث هو العكس تماماً، فتطبيقات الجوال وشبكات التواصل سحبت البساط من تحت اقدامها، وجاءت الشبكات الاجتماعية لتكون هي الضربة القاضية، فأصبح كل من يبحث عن معلومة أو خبر يكتفى بمتابعة التايم لاين الخاص بحسابه، بينما المواقع الإعلامية واتحدث هنا عن مواقع الويب تحديداً اصبحت مجرد توثيق "رفرنس" كصفحات مرجعية. سلوك المستخدم اختلف وبالتالي أثر على الجدوى الإعلانية والاستثمارية على تلك المواقع، وكل الآمال التي عقدت عليها لتعوض خسارة الورق والأحلام التي بنيت عليها لتكون بديل الصحافة الورقية ذهبت سدى! هل الإشكالية توقفت على الخسارة المادية؟ للأسف لا بل كانت الخسارة الأكبر في المحتوى، فضعف الجانب المادي أثر على الكوادر الإعلامية وصعّب استقطاب المواهب الإعلامية المميزة، لذا قلت جودة هذا المحتوى وضعفت ادواته، واصبحت الإثارة هي عنوان كل مادة إعلامية، بلا معايير مهنية ولا حتى أخلاقيات اعلامية، فالهدف -وبكل أسف- هو كسب مشاهدات بأي وسيلة وبأسرع طريقة. إذا كنّا نبحث عن حل لهذه المعضلة أو ثمة انقاذ فسيكون باستثمار المحتوى أو مايسمى مجازاً ب"صحافة المحتوى" ويكون من خلال التكيّف مع هذا الواقع وعدم السباحة عكس التيار، وذلك باستغلال الوسائل المتاحة وتمرير المحتوى من خلالها واستغلاله إعلانيا وتسويقيا. عندما نذكر المحتوى فلا يقصد به في طبيعة الحال نصوصا وصوراً كما كان سابقا، بل يشمل كل صنوف المحتوى الجاذب وعلى رأسها ال الفيديو وتشمل الموشن-جرافيك والانفوجرافيك والمواد الصوتية وغيرها. الحقيقة التي يجب نتوقف عندها طويلاً، لا توجد جدوى حقيقية من تبنى مشروعات إعلامية تركها الناس، لذا يجب مسايرة الواقع وتتبع سلوك الناس لتحقيق الانتشار والنجاح. * متخصص في الإعلام الإلكتروني