خطأ جريدة الرياض المعتذر عنه باحترام ومهنية عالية، كشف نسبة ليست قليلة من الاحتقان لدى نوعية من البشر الذين يطاردون الهفوات غير المقصودة ليجعلوا منها كارثة كبيرة وأم المصائب، الاعتراض على الخطأ سواء كان مقصودا أو غير مقصود حق شريف لكل مهتم بالبحث عن الحقيقة، بل حتى الاعتراض على الصواب في مهنة الإعلام أمر مقبول في حال تنوعت مصادر الحقيقة وتقاطعت الاتجاهات، "الرياض" اخطأت طريقها المعروف عنها في الأزمة السورية في نشر الغرافيك الذي أثار الجدل، وذلك نتيجة خطأ في النقل وليس الترجمة، وكانت الإشكالية في نقل الترجمة بصحتها من رويترز، فبدلاً من أن يغير المحرر كلمة المتمردين بكلمة الثوار - تماشياً مع سياسة الجريدة الداعمة لثورة الشعب السوري ضد نظام بشار- وضع الكلمة كما جاءت بالأصل من وكالة رويترز، خطأ قد يحدث سهواً أو استعجالاً، أو إهمالاً، وكلف "الرياض" الاعتذار، وهذا ثمن عزيز قدمته لقرائها الأعزاء. الباحثون عن الأخطاء أو مروجو ثقافة الغضب بين متصفحي الانترنت، وجدوا في هذا الخطأ ضالتهم المنشودة، "فهذه "الرياض" وأخطأت" وعمدوا على تركيب سفالتهم على هذا الخطأ فزعموا ان هذه الجريدة تعمل ضد المعارضة السورية وان هذا اتجاهها المعروف عنها، قراء "الرياض" يعرفون جيدا موقف جريدتهم من الثورة، ومن كان خارج دائرة القراء ينبئه خبير: فموقعها الالكتروني يتيح خاصية البحث في الأعداد السابقة، والتأكد من تأييدها للمعارضة قضية سهلة ومتاحة، المحزن في الموضوع هو كمية الكذب والتزييف المخيف في الحقائق، والتعمد بوقاحة في حمل هذا الزيف والجري به من موقع الى موقع، تحذيرا وتشهيرا، وكأن جريدة الرياض عملت لقاء مع بشار ونشرته تأييدا، أي دم بهذه الوجوه، وما هو تعريف الحياء لديها؟ خطأ "الرياض" من الواضح انه غير مقصود والدليل اعتذارها المعلن والمنشور في صدر صفحاتها، ولكن الخطأ المقصود هو ما قام به بعض الكذابين، الذين جمعوا الأخطاء البسيطة بأهواء كبيرة لخنق الحق والموضوعية، أهواء لا يمكن ان تكون عارضة أو صبيانية، بل تعبر عن مواقف لأشخاص لهم أهدافهم المدروسة، ويحرصون على تقديمها للناس بعناية شديدة، فاعتراضهم على الخطأ لم يأتِ بشكل مطالبة بتوضيح المقصد منه أو أسبابه، ليظهر لهم الخطأ إن كان متعمدا لهم حق الرد وإن كان غير مقصود لهم حق الاعتذار، هكذا تصحح الأخطاء وهكذا يرد عليها، أما ركوب ظهور الأخطاء غير المتعمدة، لنشر المواقف المشبوهة في لغتها ومسارها وأهدافها فذاك أمر لا بد أن يفضح، فالتشجيع على تسويق ثقافة الغضب في شبكات التواصل الاجتماعي عمل منظم ومدروس بعناية، وإلا كيف يتحول خطأ في جريدة إلى ثورة فضائحية ممقوتة، خطأ لم يكشفه الاعتذار اللاحق بل سيل من الأخبار والتقارير والمقالات الداعمة للمعارضة السورية والمنشورة بهذه الجريدة منذ بداية ثورة الشعب السوري.