بلغت نسبة الافراد مستخدمي الانترنت في العراق (11.30%)، اما سورية فقد كانت (28%) وذلك حسب آخر احصائية صدرت عن الاتحاد الدولي للاتصالات، وقد تكون هذه النسب ضئيلة نوعاً ما، لكن المتتبع لتدرج هذه الاحصائية يتلمس فيها شيئا من الغرابة يبعث على التساؤل. فخلال السنوات الست الماضية نجد أن نسبة مستخدمي الانترنت في العراق قفزت من (2.50) الى (11.30) بالمئة، أما سورية فقد ارتفعت من (11) الى (28) بالمئة، وحيث أن العراق وسورية تعدان من الدول غير المستقرة، والتي تعج بالصراعات والنزاعات العسكرية، فإن ذلك الارتفاع وتلك الزيادة في نسبة المستخدمين مع ضعف الشبكات الاتصالية والظروف المحلية الصعبة والبنية التحتية المهترئة، يجعلنا نقف متسائلين عن السبب وراء هذه القفزة، ففي هكذا حالة من المفترض ان نكون أمام احدى نتيجتين، إما ان يكون هناك ارتفاع طفيف في معدل المستخدمين أو ثبوت المستوى عند نقطة معينة، ولكن الأرقام أظهرت غير ذلك. إن هذه الزيادة الملحوظة لها دلالة مهمة، فمن المرجح أن هذا الاستخدام يعززه نشاط الجماعات الإرهابية وليس أفراد الشعب المدنيين، فقد وجدت هذه الجماعات في الانترنت وسيلة ناجعة لخدمة مصالحها وغاياتها والاستفادة منها لتشكيل خلايا ارهابية واستقطاب العناصر من كل مكان بلاحدود أو حواجز، فعندما تنفذ عشر عمليات إرهابية خلال فترة زمنية واحدة، ومن نفس الفاعل وفي مواقع مختلفة من العالم كما حدث أواخر رمضان الفائت، فإن ذلك إشارة إلى أن هذه العناصر تملك وسيلة للتواصل تستطيع من خلالها التحضير للعملية والتجنيد لها ومن ثم اصدار الاوامر عن بعد، ولا يوجد في وقتنا الحالي مايقدم هذه الخدمة لتلك العناصر الارهابية أفضل من الفضاء السيبراني. إن ملاحقة الارهاب عسكريا لا تكفي لوحدها، وإنما يجب ملاحقته والتصدي له "سيبرانياً"، فما يحدث علانية من هجمات هي نتيجة لتحضيرات سيبرانيةٍ تتم في الخفاء، ولعل هذا ما يميز هذا الفضاء الذي يتيح خاصية التواري وعدم الانكشاف، لذا ما يجب التركيز عليه وتظافر الجهود لمواجهته هو تدمير البنية التكنولوجية للإرهابيين، لذلك لابد من أن يكون هناك تعاون دولي في هذا الشأن، كما يجب أن يكون هناك تشديد على ضرورة الرقابة الدولية المشتركة وتعزيزها. وبالعودة للاحصائيات مجدداً، نجد أن نسبة الافراد مستخدمي الانترنت في إيران ارتفعت من (12.02 إلى 39.35 %) خلال الست سنوات الماضية، وإيران من بين الدول التي يرجى تعاونها الدولي في هذا المجال، ولكن ما يثير التساؤل الان هو وجود هذه الزيادة الكبيرة في المستخدمين مع محدودية الاستخدام العام الفردي للانترنت في إيران ويرجع ذلك الى الاجراءات الحكومية الصارمة بشأن الانترنت، فهل يكون مصدر هذه الزيادة هي أنشطة تتعلق بالإضرار بالأمن السيبراني؟، فبحسب صحيفة "بزنس انسايدر" تمتلك طهران أكبر الجيوش الالكترونية في العالم، وتضيف: إن هذا الجيش ليس دفاعياً فقط. * محاضرة في القانون الدولي