أبواب المشهد السياسي الكويتي مشرعة على كافة الاحتمالات الوضع في الكويت «أزمة نفوس لا أزمة نصوص» الكويت - سعد العجمي: أزمة نفوس لا أزمة نصوص، قد تلخص هذه المقولة وتختزل جميع تداعيات وتطورات المشهد السياسي الكويتي بعد رحيل الشيخ جابر الأحمد الصباح الذي ترك غيابه فراغا دارت في فلكه تجاذبات أطراف الأسرة الحاكمة في ظل الحالة الصحية للشيخ سعد العبدالله، فدستوريا يعتبر أمر تولي الشيخ سعد لمقاليد الحكم محسوما بغض النظر عن مرضه وهو ما كان سيتم لو سارت الأمور في قنواتها الاعتيادية بين أطراف أسرة آل صباح، على اعتبار أن قضية أداء الأمير للقسم سيوجد لها مخرجا بطريقة أو بأخرى كعقد جلسة سرية، أو تطبيق النموذج الأمريكي في أداء القسم، أو الاستناد إلى سابقة حاكم الكويت السابق عبدالله السالم الذي تولى الامارة وأدى اليمين لاحقاً، وهذا الطرح ما كانت تنادي به بعض الأطراف - من الأسرة وخارجها - حتى لا تدخل البلاد أزمة سياسية، كحل مؤقت ومن ثم اعادة ترتيب بيت الحكم بصيغة توافقية بين القطبين الرئيسيين (آل أحمد) و(آل سالم) حفاظاً على تماسك الأسرة وكذلك على صورة الكويت وتجربتها الديمقراطية الرائدة في المنطقة، لكن عدم صفاء النفوس أدى الى هذه التجاذبات التي تعيشها الكويت للمرة الأولى في تاريخها. وبعيداً عن السيناريوهات التي قد يحسم بها هذا التباين والخلاف الأسري فإن تسليط الضوء على ما وراء كواليس الخلاف قد يتيح للمتابعين من خارج الكويت الاطلاع على تفاصيل المشهد والإلمام بكافة خيوط القضية من أجل صورة أكثر وضوحا، فبعد تعرض كل من الأمير الراحل الشيخ جابر والأمير الحالي الشيخ سعد لطارئين صحيين أديا إلى عدم قدرتهما على القيام بمهامهما الرسمية بشكل تام ارتفعت وتيرة الحديث عن ضرورة الإقدام على ترتيب بيت الحكم من جديد لتأهيل الصف الثاني من شباب وقيادات الأسرة الحاكمة للاطلاع والقيام بمهامها المستقبلية وتهيئتها لقيادة البلاد، إلا أن هذا الحديث كان في الغالب ما يواجه برفض من كبار الأسرة، بيد أن الشيخ سالم العلي رئيس الحرس الوطني وعميد فرع آل سالم قد حرك المياه الراكدة لخروجه بين فترة وأخرى منذ اواخر عام 2003 بتصريحات اعتبرت لافتة في حينها طالب خلالها بالاقدام على ترتيب بيت الحكم وإشراك أفراد فرعه والمحسوبين على آل سالم في مناصب قيادية كبيرة حيث أنه كان يرى أنهم محيدون من قبل أبناء آل أحمد. وشكلت هذه التصريحات لغطاً وحديثاً في الأوساط الكويتية آنذاك بين مؤيد ومعارض، وهو ما حدا بالأمير الراحل الشيخ جابر إلى الإعلان في رمضان الماضي انه سيتخذ قراراً حاسماً في هذا الأمر دون أن يفوت فرصة الاشادة وتجديد الثقة في رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الأحمد، لكن الحسم لم يتم فقد رحل الشيخ جابر دون اتخاذ تلك الخطوة التي كانت ستغير كثيراً من مجريات الأحداث التي تشهدها الكويت حاليا، بعد أن وجد صعوبة في اتخاذ القرار عندما لمس مقدار الخلاف الأسري وتحديدا بين الفرعين الرئيسيين. وفي هذا الإطار لا يمكن اغفال قضية فصل رئاسة مجلس الوزراء عن ولاية العهد باعتبارها كانت المدخل الحقيقي للخلاف بعد أن تم تعيين الشيخ صباح رئيساً للحكومة وبقي الشيخ سعد ولياً للعهد، فقط، حيث أن منصب الأمير ورئيس الوزراء هما المنصبان التنفيذيان فعلياً، أما ولاية العهد فهي ليست بمستوى وحجم وأهميتهما، ما اعتبره آل سالم تفرداً بالسلطة بشكل أو بآخر. ومع محاولات حلحلة الوضع الراهن الذي تقوم به بعض الأطراف لحسم هذا الجدل الدائر نهائيا منذ رحيل الشيخ جابر لاحت في الأفق بوادر محاصصة سياسية بين الفريقين بدأ بمرحلة الاستقطاب السياسي الذي تبلور في توافد عدد من أبناء الأسرة الحاكمة الى منزل الشيخ صباح لمبايعته ضمنيا، فرد فريق الشيخ سالم العلي باصدار بيان أكدوا فيه تضامنهم مع الشيخ سعد وتمسكهم به كأمير شرعي للبلاد، ليبدأ الحديث عن توزيع المناصب القيادية في البلاد والحقائب الهامة لوزارات السيادة على أن يكون (الشيخ صباح - الشيخ نواف الأحمد وزير الداخلية) من فرع آل أحمد و(الشيخ سالم العلي- الشيخ محمد الصباح وزير الخارجية) من آل سالم أرقاما صعبة في معادلة الحكم الجديد، دون إغفال أسماء هامة أخرى كالشيخ أحمد الفهد والشيخ جابر المبارك - آل أحمد - والشيخ محمد الخالد والشيخ سعود الناصر والشيخ فهد سالم العلي- آل سالم - ستتوزع بينها حقائب الداخلية والخارجية والدفاع، بيد أن جهود اللحظات الأخيرة التي قامت بها بعض الأطراف أفضت في النهاية الى تقريب وجهات نظر المعسكرين (مؤقتا) عندما قرر مجلس الأمة عدم تطبيق الاجراءات الدستورية حيال طلب الشيخ سعد الادلاء بالقسم من جهة وكذلك طلب مجلس الوزراء تفعيل المادة الثالثة من قانون توارث الامارة من جهة اخرى، وفسح الوقت لمزيد من جهود تقريب وجهات النظر على ألا تتجاوز الفترة الممنوحة (48) ساعة، لحسم الوضع نهائيا من خلال اتفاق أقطاب الأسرة الحاكمة فيما بينهم وإلا فإن الدستور وقبة البرلمان هي ما سيحسم الخلاف والجدل الدائرين، في وقت تردد فيه القوى السياسية والأوساط الشعبية الكويتية وهي تراقب الوضع مقولة «اشتدي يا أزمة تنفرجي» لعل وعسى.