يدل الانتصار الكبير لحركة حماس في انتخابات السلطات المحلية على النتائج المتوقعة في الانتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني التي ستنعقد في يناير القادم. واستعداداً لاحتمال انتصار حماس في هذه الانتخابات ايضاً حذر الأمريكيون والأوروبيون الناخبين الفلسطينيين من أن مثل هذه النتيجة من شأنها أن تلحق ضرراً بالمساعدات التي يقدمها العالم لإعادة بناء السلطة. وفي إسرائيل أيضاً تنطلق أصوات محذرة من أن إسرائيل لن تتعاون مع سلطة فلسطينية تكون فيها حماس شريكاً كبيراً. لا يوجد خلاف في أن حركة حماس معروفة كمنظمة ارهابية وأن نشاطاتها ضد إسرائيل أدت الى عدد كبير من الاصابات في الجانب الإسرائيلي منذ اندلاع الانتفاضة في سبتمبر 2000. كما أنه لا مجال لمنح الشرعية لمنظمة تحمل السلاح، لا تزال تهدد بمواصلة حربها ضد اسرائيل (بعد فترة تهدئة قصيرة) وتعارض اجراء المفاوضات معها في المستقبل. صحيح أن إسرائيل أوضحت بأنها لن تتدخل في الانتخابات في السلطة وأن الشكل الذي يقرر فيه سكان المناطق كيف ينتخبون هو شأنهم، ولكن لا يمكن تجاهل التأثير الذي سيكون لنتائج هذه الانتخابات على العلاقات المستقبلية بين الطرفين. فانتصار حماس لا يدخل بالضرورة على تأصل المجتمع الفلسطيني، أو على أن طريق الانتخاب مقبول من سكان المناطق أكثر من طريق المفاوضات، ولكن أسباب صعود حماس هو أمر فيما أن النتيحة هي أمر آخر. فاختيار حماس من شأنه أن يمس بكل احتمال لاتفاق مستقبلي ومن شأنه ان يشكل ذريعة في الجانب الاسرائيلي لوقف تام لكل نشاط سياسي استعداداً لمثل هذا الاتفاق. فلعل الفلسطينيين ينتخبون حماس كرد فعل على عجز السلطة الفلسطينية عن تحسين ظروف حياتهم، ولإسرائيل بالتأكيد نصيب حاسم في وضعهم المتدهور. ولكن النتيجة من شأنها أن تكون محملة بالمصائر للطرفين. مع أن حركة حماس اثبتت قدرة على الالتزام باتفاقات هدنة وتثبت قدرة على كبح الجماح في تنفيذ العمليات عندما يخدم الأمر مصالحها، إلا أن حماس لم تتخذ بعد الخطوة الحاسمة في الاعتراف باسرائيل كشريك في مفاوضات سياسية على تقسيم البلاد بين الشعبين، وهي خطوة اتخذت في اتفاقات أوسلو من قبل اسحق رابين ومنظمة التحرير الفلسطينية، وفي العام الأخير من قبل رئيس الوزراء ارئيل شارون. والمطالبة بنزع سلاح حماس، والتي تنطلق من إسرائيل، من الولاياتالمتحدة ومن أوروبا ليست مطالبة تكتيكية بل استراتيجية، وهي مقدمة لكل تغيير في الموقف من الحركة. وهكذا ايضاً مطالبة الحركة بالاعتراف بإسرائيل. لم يبق لاسرائيل غير ابقاء الباب مفتوحا للمفاوضات مع حماس، والأسف من مساهمتها المتواصلة في أن حركة محمود عباس ضعفت لدرجة أن حماس اصبحت الحركة الفلسطينية الرائدة، ليس بوسع اسرائيل أن تفعل في هذه المرحلة أكثر من ذلك. كل تدخل اسرائيلي في الانتخابات الفلسطينية سيعد كتحرك من جانب المحتل في الخطوة الديمقراطية للشعب الخاضع للاحتلال. صحيفة «هآرتس»