ينص دستور البحرين الصادر في العام 2002 في مادته الأولى فقرة (ه) على مساواة المرأة بالرجل على صعيد الحقوق الاقتصادية والسياسية. كما نص في مادته الرابعة على أن الحرية والمساواة والأمن والطمأنينة وتكافؤ الفرص دعامات تكفلها الدولة. أكدت المادة الخامسة فقرة (ب) على كفالة الدولة للتوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها في المجتمع، كما أوضحت المادة 16 فقرة (ب) بأن المواطنين سواء في تولي الوظائف العامة، وفقا للشروط التي يقررها القانون. ونصت المادة 18 بأن الناس سواسية في الكرامة الإنسانية ويتساوى المواطنون أمام القانون في الحقوق والواجبات ولا تمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة. وجاء في المادة 45 بأنه يشترط فيمن يتولى الوزارة أن يكون بحرينيا لا يقل سنه عن 30 سنة ميلادية، فأطلقت بذلك الأمر للرجل والمرأة على حد سواء. كذلك، منح القانون البحريني الاستقلالية التامة للمرأة والأهلية القانونية غير المنتقصة والمتساوية بالرجل في مجال إبرام العقود وإدارة الممتلكات والمقاضاة المتساوية أمام المحاكم في إقامة القضايا باسمها الشخصي، كذلك، تحصل المرأة على الخدمات القانونية مثلها مثل الرجل، تماشيا مع التعاليم الإسلامية في منح المرأة قبل الزواج أو بعده حق التصرف في أموالها وممتلكاتها، مادامت قد بلغت سن الأهلية، وحق إبرام ما تشاء من العقود والتصرفات القانونية دون أن تخضع لأية ولاية أو وصاية من أحد. كما تعمل المرأة البحرينية في مجال المحاماة، ولها الحق كوكيل قانوني في أن تقيم الدعاوى وتردها باسم وكلائها أمام الهيئات القضائية بجميع درجاتها. وانطلاقا من انضمام البحرين لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، حسب المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2002، فقد أصبحت طرفا في الاتفاقية التي تدين أية تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس، كما باتت معنية باتخاذ كافة التدابير التي تقضي على التمييز ضد المرأة. وتنفيذا للاستراتيجية الوطنية للمرأة، التي أطلقها عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة في يوم المرأة العالمي في الثامن من آذار مارس 2005. اتجهت الدولة البحرينية إلى تعميق وعي المرأة بحقوقها وواجباتها في مختلف المواقع، وتضافرت مختلف إدارات الدولة لتوفير الظروف المناسبة للمرأة للتوفيق بين عملها ودورها في الحياة العامة من جهة، وواجباتها الأسرية من جهة أخرى، وذلك بهدف صيانة التوازن التربوي والإنتاجي المنشود في المجتمع. على مستوى أوضاع المرأة البحرينية، يمكن ملاحظة مؤشرات ذات دلالة على الصعيد التعليمي والثقافي العام. وقد بدأ التعليم الرسمي المنظم للنساء في البحرين في العام 1928، وكان له أثر كبير في مشاركة المرأة بفعالية في المجتمع بما في ذلك انخراطها في سوق العمل، مما خلق اتجاهات ومواقف اجتماعية إيجابية نحو المرأة وتواجدها في شتى مجالات الحياة. وتفيد المؤشرات بارتفاع نسبة التحاق الإناث بالتعليم في جميع المراحل الدراسية، بما في ذلك الجامعية، إضافة إلى تدني نسبة الأمية بشكل عام. ولقد تجاوزت البحرين في وقت مبكر مشكلة توفير فرص التعليم للمرأة في مراحل التعليم الأساسي والثانوي والجامعي، ولابد من التوجه إلى تطوير نوعية التعليم وتوسيع مجالاته لتشمل برامج متطورة تلبي الاحتياجات التعليمية والتدريبية المتجددة للمرأة لمواجهة متطلبات العصر ومواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية والمعلوماتية في العالم، مع توفير إمكانات متنوعة للالتحاق بالدراسات العليا، والتعليم المستمر، والبرامج التدريبية المهنية والتخصصية، لضمان زيادة فرص تمكين المرأة ومشاركتها الفعالة في التنمية والتقدم الاجتماعي والعلمي والاقتصادي- كما تقول بهيجة الديلمي، عضو المجلس الأعلى للمرأة في البحرين. وتشجع الدولة الفتيات على مواصلة الدراسة الجامعية عن طريق المنح والبعثات في التخصصات المختلفة حسب حاجة البلاد، وتعتمد المنافسة في الحصول على المنح الدراسية على معيار التحصيل العلمي كأساس، حيث يحق للمتقدمين من الجنسين الذكور والإناث التنافس للحصول على ما تقرره وزارة التربية والتعليم من عدد البعثات والمنح في كل عام. والملاحظ هنا تساوي نسب البعثات والمنح الدراسية لكلا الجنسين في العام الدراسي 2003/2004 ، كما أن وجود جامعة وطنية وأخرى خليجية قد دفع بالكثير من الطالبات من الأسر المحافظة إلى متابعة التعليم. كذلك، فإن تخفيض رسوم الدراسة في جامعة البحرين بأمر ملكي (منذ العام الدراسي 2001/2002) قد شجع الجنسين على الالتحاق بالتعليم الجامعي. وهناك أيضاً برنامج ولي عهد البحرين الشيخ سلمان بن حمد للمنح الدراسية العالمية، الذي يهدف إلى مساعدة الطلبة المتميزين من الجنسين على الدراسة خارج البحرين، ممن ليست لديهم الموارد المالية التي تساعدهم على تحقيق ذلك ذاتيا. وقد بلغ مؤشر المساواة بين الجنسين في مجال الإلمام بالقراءة والكاتبة 0,90 في العام 2001. كما تحققت خلال العقد الأخير إنجازات مهمة باتجاه محو الأمية لكلا الجنسين، حيث ارتفعت معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة للبالغين من 71 ٪ إلى 83 ٪ لدى النساء البالغات مقابل ارتفاعه من 87 ٪ إلى 93 ٪ لدى الرجال بين الأعوام 1991، 2001. وتعد هذه النسب متقدمة بالمعايير العالمية. وتفيد المؤشرات بأن المرأة البحرينية تقبل على دراسة الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات، حيث أخذت في التواصل مع الكمبيوتر في محيط العمل، سواء الحكومي منه أو الخاص. وعلى صعيد البيئة المؤسسية للمرأة البحرينية، تم إشهار العديد من الجمعيات النسائية، والمؤسسات المجتمعية التي قامت برعاية الأنشطة والجهود النسائية، وكذلك تم تأسيس مؤسسات رسمية حكومية ساهمت في تفعيل هذه الجهود، عبر استراتيجية وطنية شاملة لدعم أنشطة المرأة في البلاد، برعاية من المجلس الأعلى للمرأة، الذي ترأسه حرم عاهل البلاد الملك حمد بن عيسى آل خليفة. وحول وضع المرأة البحرينية في كتلة العمل الوطنية، تفيد المؤشرات بأن نسبتها في هذه الكتلة قد ارتفعت إلى 27,1٪ حسب التعداد السكاني لعام 2001، بينما كانت 18,7٪ في تعداد العام 1991. ولقد بدأ تأهيل المرأة لدخول سوق العمل مباشرة بعد انخراطها في مجال التعليم، وذلك منذ العام 1928، وهو تاريخ بدء التعليم النظامي في مدارس البنات، حيث ظهر احتياج المدارس إلى مدرسات وعاملات. ولا تزال المرأة البحرينية تقبل بشكل كبير على الوظيفة الحكومية في قطاعات التربية والتعليم والصحة والشؤون الاجتماعية، إذ تبلغ نسبة النساء في وزارة التربية والتعليم 60,27٪ من إجمالي الموظفين. أما في وزارة الصحة فقد بلغت 53,6٪ ، وبلغت في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية 60,42٪ ، وذلك وفقا لمؤشرات العام 2001 (أسست لاحقا وزارة مستقلة تحت مسمى وزارة الشؤون الاجتماعية، تتولى حقيبتها الدكتورة فاطمة البلوشي). ووفقا لمؤشرات العام نفسه، بلغت نسبة مشاركة النساء في العمل في قطاع الخدمة المدنية (الحكومي) 33,64٪. وحين نسلط الضوء على الدور الإنتاجي للمرأة البحرينية في مرحلة ما قبل النفط، نجده صدى للخصائص الجغرافية لمنطقة الخليج العربي، فوجود البحرين وسط هذا الخليج أدى إلى جعل المواطنين يعتمدون بشكل رئيسي على البحر، وما تتطلبه الاستفادة القصوى منه من مواد وآليات واحتياجات يتم توفيرها وتصنيفها من خلال أعمال يدوية وصناعات تقليدية. كما أن البحرين كانت ولفترة طويلة تمتلك أراضي زراعية خصبة، حتى أطلق عليها «بلد المليون نخلة»، الأمر الذي جعل الكثير من أفراد المجتمع، يتجه للاستفادة من المنتوجات الزراعية في الصناعات التقليدية واليدوية، فنشأت صناعات مختلفة، مثل تصنيع ماء اللقاح الذي يتم استخراجه من شجر النخيل، وصناعات السلال والصناديق التقليدية وصناعة منتجات الخوص وغيرها. ونتيجة للظروف الاقتصادية التي لم تكن تتميز بالرخاء والوفرة، شارك جميع أفراد الأسرة في الأعمال الإنتاجية والتنموية، وكانت للمرأة البحرينية أدوار متعددة، فهي أم وعليها واجبات رعاية الأبناء، إضافة إلى مساهماتها في أعمال تدبير المنزل، وكذلك المساهمة في الأعمال التي توفر مصدر رزق لأسرتها - كما تقول الباحثتان البحرينيتان أمينة عباس وهويدا البلوشي في بحثهما القيم المعنون ب«دور المرأة في التنمية الاقتصادية من خلال مشاريع الأسر المنتجة في مملكة البحرين». ويعتبر مشروع الأسر المنتجة الذي أطلق في العام 1978 من المشاريع الإنمائية الهامة، وقد هدف إلى تنمية موارد الأسر محدودة الدخل وتحويلها إلى أسر منتجة قادرة على الاعتماد على قدراتها الذاتية. وقد ظهرت في الساحة البحرينية مؤسسة بارزة في هذا المجال هي مؤسسة «بحرين بازار» الاجتماعية التنموية، التي تخصصت في مجال دعم الأسر المنتجة من خلال ترويج منتجاتها، إذ أن القائمين على أمر هذه المؤسسة هم من أفراد الأسر المنتجة الذين تدرجوا في مراحل التنمية الاقتصادية. وقد عملت المؤسسة على تبني مشاريع وبرامج طموحة ساهمت في الرقي بمستوى منتوجات هذه الأسر كما ونوعا. ولقد كان للمرأة دور كبير في إنشاء هذه المؤسسة، كون مؤسِستها ورئيسة مجلس إدارتها امرأة ساهمت بقدر كبير وبجهد متواصل في تأطير وتقنين عمل الأسر المنتجة، بالتنسيق والتعاون وبدعم من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، حتى أصبحت المؤسسة وخلال فترة قصيرة ظاهرة تستحق التوقف عندها. وأخيرا، فإن عمل المرأة اليوم أصبح ضرورة لدعم اقتصاد الأسرة وإعالة أفرادها، وهناك أعداد كبيرة من الأسر تعتمد اليوم على دخل المرأة، سواء من الوظيفة أو من التجارة أو الصناعات الصغيرة - كما تقول السيدة فائزة الزياني، رئيسة جمعية المرأة المعاصرة في البحرين. وعلى مستوى النشاط العام للمرأة البحرينية، يمكن ملاحظة أن هذه المرأة قد حصلت منذ العام 2002 على حق الترشيح والانتخاب، إذ كان وضعها سابقا يقتصر على الانتخاب، وذلك منذ العام 1951 عندما عدل قانون البلديات الذي سنّ في العام 1920. وشاركت المرأة البحرينية في التنافس على مقاعد المجالس البلدية التي جرت في التاسع من أيار مايو من العام 2002، فترشّحت 31 امرأة من أصل 306 مرشحين، بيد أن الحظ لم يحالف أي منهن في تلك الانتخابات، بل لم يرد اسم مرشّحة واحدة في الجولة الثانية التكميلية، كما خاضت المرأة البحرينية الانتخابات التشريعية (24-10-2002) وبلغ عدد النساء ثماني مرشحات من أصل 190 مرشحاً. ولم يستطعن الحصول على أي مقعد نيابي، بيد أنهنّ سجّلن تقدّماً مقارنة مع انتخابات المجالس البلدية، إذ تمكّنّ من الوصول إلى الدور الثاني بمرشّحتين. ولكن بعد أن تمّ شغل الأربعين مقعداً، والتي هي مقاعد الغرفة الأولى (مجلس النواب) في الانتخابات التشريعية، استكملت البحرين مؤسستها التشريعية بتعيين أربعين عضواً لمجلس الشورى بأمر ملكي صدر في 16-11-2002، كانت حصّة المرأة منه ستة مقاعد. والسيّدات اللواتي تم تعيينهن في المجلس هن: أليس سمعان (مسيحية تعمل في مجال الإعلام، وعضو في مجلس الشورى القديم)، والطبيبة ندى حفاظ (عينت لاحقا وزيرة للصحة)، والتربويتان: وداد الفاضل، ونعيمة الدوسري، والأكاديميّة فوزية الصالح، والأستاذة بكلية العلوم الصحية الدكتورة فخرية الديري.