مرت يوم أمس الاثنين الذكرى الأولى لتوقيع اتفاقية السلام السوداني في نيفاشا الكينية بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم والحركة الشعبية لتحرير السودان التي أنهت الحرب المريرة التي استمرت لأكثر من عشرين عاماً بين الشمال والجنوب وراح ضحيتها أكثر من مليونين من السودانيين وشردت أكثر من خمسة ملايين آخرين بين نازح ولاجئ، وكان السودانيون ولايزالون يأملون في أن تؤدي تلك الاتفاقية إلى سلام شامل ودائم في أنحآء البلاد كافة إلا أن تفجر قضية دارفور التي لازالت تراوح مكانها في مفاوضات أبوجا وارهاصات تفجر قضية الشرق الرديفة لازلتا تقفان حجر عثرة أمام تطلعات السودانيين في السلام الشامل المؤدي إلى الأمن والاستقرار وتعمقان المرارات والحسرات في نفوس السودانيين الذين يرفعون أكفهم اليوم عقب صلاة عيد الأضحى الى المولى عز وجل أن تهدأ النفوس ويهدي الجميع الى كلمة سواء توحد الأمة السودانية وتؤدي إلى السلام الشامل والاستقرار المستدام. ولمناسبة هذه الذكرى أصدرت وزارة الخارجية السودانية بياناً عن فقيد السودان الدكتور جون قرن الذي أرسى سفينة السلام يداً بيد مع نائب رئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه واستعرض البيان ما تم تنفيذه حتى الآن من بنود الاتفاق، مشيراً الى الفراغ من صياغة دستور انتقالي يحكم السلوك السياسي في الفترة الانتقالية وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية وحكومة جنوب السودان وأغلب المفوضيات التي نصت على تشكيلها الاتفاقية، وتشكيل المجلس الوطني (البرلمان)، ومجلس الولايات، ومجلس الجنوب (برلمانة)، والأجهزة التشريعية والقضائية، والسعي الدؤوب لمراجعة كافة القوانين التي لم تكن متوافقة مع مقررات الدستور الانتقالي، وأعربت الخارجية السودانية عن أملها في أن يتواصل توطيد السلام بتجاوز الأزمة في دارفور على ذات النسق الذي أمكن به الوصول إلى السلام في الجنوب، ودعت المجتمع الدولي لتنفيذ تعهداته التي قطعها على نفسه حتى تتواصل جهود البناء واعادة الاعمار في الجنوب والمناطق العديدة المتأثرة بالحرب.. من جهة أخرى اختتم مؤتمر الحوار الجنوبي/ جنوبي أعماله بمدينة جوباجنوب البلاد بإعلان دمج قوات دفاع الجنوب بقيادة اللواء فاولينو ماتيب في الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية لتحرير السودان، وقرر المؤتمر تشكيل لجنة لدمج القوات واعتبر الفريق سلفاكير ميارديت النائب الأول لرئيس الجمهورية رئيس حكومة الجنوب ان ما تحقق من اتفاق على وحدة الفصائل الجنوبي المسلحة انجاز تاريخي وخطوة مكملة لاتفاقية السلام التي وقعت العام الماضي، وقال لدى مخاطبته ختام فعاليات الحوار الجنوبي - جنوبي عصر أمس الأول بقاعة المجلس التشريعي لجنوب السودان بمدينة جوبا الذي استمر لمدة ثلاثة أيام وانتهى بالاتفاق الذي سمي ب (إعلان جوبا)، قال إننا نسعد بتزامن اعلان الوحدة مع الاحتفال بالذكرى الأولى لاتفاقية السلام (أمس الاثنين). وأكد سلفاكير انه منذ اليوم لن يكون هناك عداء ين الفصائل الجنوبية، وسيتم تأمين النفط السوداني من مواقع الانتاج بالجنوب حتى ميناء بشائر ببورتسودان، مؤكداً ان وحدة السودان قد بدأت اليوم بتوقيع اتفاقية تتضمن وحدة الفصائل الجنوبية المسلحة، وتؤكد أن أبناء الجنوب يدا واحدة، داعياً الجميع لتحمل مسؤولياتهم تجاه الحفاظ على هذا الاتفاق، وأشاد سلفاكير بالجهود التي بذلها معهد موي الكيني الذي رعى الحوار الجنوبي - جنوبي، وثمن الخطوة التي قام بها فاولينو مانيب قائد قوات دفاع جنوب السودان ومجموعته الذين استجابوا لنداء الحوار والوحدة، ودعا سلفاكير المجلس التشريعي لحكومة الجنوب والحكومة الاتحادية والمجلس الوطني (البرلمان) بدعم (إعلان جوبا). ومن جانبه أكد اللواء فاولينو ماتيب التزامهم بالاتفاق ودعم مسيرة السلام بالبلاد، وقال إن الجنوب يولد اليوم من جديد بتوحيد فصائله المسلحة، وأشاد ممثل معهد موي الكيني بكل الجهات التي ساهمت في التوصل بهذا الاتفاق، معرباً عن سعادته بتحقيق السلام الشامل في السودان. وفي الخرطوم عقدت قيادة قوات دفاع جنوب السودان بالقيادة العامة للقوات المسلحة السودانية اجتماعا برئاسة اللواء غوردون كوانق مشول قائد ثاني قوات دفاع جنوب السودان بحضور اللواء الركن محمد الحسن الفاضل من القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية ومشاركة قادة قوات دفاع جنوب السودان الذين لم يشاركوا في مؤتمر جوبا. وأكدت قيادة قوات جنوب السودان في بيان صدر عنها عقب الاجتماع انها مع السلام، وأنها جزء أصيل من حكومة الوحدة الوطنية وحكومة الجنوب بقيادة الفريق سلفاكير ميارديت، وان خلافها مع اللواء فاولينو ماتيب بسبب اصرار قوات دفاع جنوب السودان على ضرورة ترتيب أجندة للتفاوض مع اخوانهم في الحركة الشعبية وليس كما يشاع بأن قوات دفاع جنوب السودان ضد الحوار الجنوبي - جنوبي بدليل مشاركتهم بملتقى مركز موي بنيروبي الذي وضع الأساس للتفاوض. وكان نائب رئيس حكومة الجنوب الدكتور رياك مشار في رده عن سؤال صحافي حول رفض القائد اللواء اكتوم ولدوم المشاركة في أعمال مؤتمر جوبا واعلانه وقواته (جزء من قوات دفاع جنوب السودان) الانضمام للقوات المسلحة (الجيش السوداني) أو استيعابهم في الخدمة المدنية، قال د. مشار ان ذلك الموقف لا يعتبر نقطة للخلاف، مبيناً أن اللواء اكتوم اختار أحد الخيارات الموجودة في اتفاقية السلام، وأشار إلى أنه وبعد الاتفاقية ليس هناك قوات غير محددة الاتجاه، ويقوم ويرفض الحوار بل اختار احد الخيارات بأن ينضم للقوات المسلحة (الجيش السوداني).