يحدث كثيراً أن يفاجيء أحد الناس سامعيه بكلمة غير متوقعة أو غير منطقية أو عكس ما يمليه الموقف، فيكون لهذه الكلمة دوي وصدى.. وعندها يقال إن هذه الكلمة هي زلة لسان! لكن زلة اللسان هذه تظل تلاحق صاحبها حتى النهاية لأن البعض يعتبر أن هذه "الزلة" تعبر عما يفكر به صاحبها بصدق وبعيداً عن المجاملات التي تفرضها الظروف. ومؤخراً تعرض محمود عباس (أبو مازن) لمثل هذا الموقف عندما وصف "إسرائيل" ب "العدو الصهيوني"، مما اضطره إلى أن يتراجع ويوضح للإسرائيليين أن ما جرى هو، فقط، زلة لسان غير مقصودة.. وقد أكد على ذلك في حديثه لصحيفة إسرائيلية هي "يديعوت أحرونوت". وقد تكون العاصفة مرت بسلام، خصوصاً بعد توضيح محمود عباس، ولكن من المؤكد أن هذه "الزلة" ستلاحقه عند أول مشكلة أو سوء تفاهم مع الإسرائيليين الذين لا ينسون أبداً. أما الزلة القنبلة فهي ما فجرته كونداليزا رايس مؤخراً أثناء جلسة الاستماع لاعتماد ترشيحها كوزيرة جديدة للخارجية الأمريكية في مجلس الشيوخ عندما قالت إن المد البحري المدمر (التسونامي) الذي اكتسح أجزاء واسعة من آسيا وقتل عشرات الآلاف من البشر وشرد الملايين وأتلف ما يقدر بمليارات الدولارات من الممتلكات إنما هو "فرصة رائعة" لأمريكا يمكن أن تجني منها فوائد كبيرة جداً!!. لم يكن من السهل قبول مثل هذا الكلام حتى في مجلس الشيوخ الأمريكي الذي تهمه مصالح أمريكا قبل ضحايا التسونامي. وقد أخرج هذا الكلام السيناتورة باربرا بوكسر عن طورها فاستشاطت غضباً وعنفت كونداليزا رايس قائلة إن التسونامي كارثة إنسانية فظيعة وان تصريح رايس أحدث خيبة أمل عميقة!. لكن السؤال الذي يصعب تجاوزه هو هل أن الحكومة الأمريكية تعتقد، حقاً، أن كارثة التسونامي هي فرصة رائعة يمكن أن تجني منها فوائد كبيرة جداً!؟ هل زلة اللسان التي "فلتت" من كونداليزا رايس هي مجرد زلة لسان عابرة، مثلما يحدث في الحياة الاجتماعية لأى شخص عادي، أم أنها انعكاس لما تفكر به الإدارة الأمريكية!؟. السياسات الخارجية للدول لا تقوم على العواطف والمشاعر وإنما على الحسابات الدقيقة للمصالح.. وهذا هو ما يجعل زلة لسان وزيرة الخارجية الجديدة للولايات المتحدة فظيعة حتى لو تم تبريرها بأنها مجرد زلة لسان!!. بداية سيئة للوزيرة الجديدة.. وكم نود أن تكون مجرد زلة لسان!!.