سوف نتحدث هذا الأسبوع عن مرض الصرع، وهو مرض منتشر بشكل كبير في جميع أنحاء العالم، ولا يزال يشكل في بعض الدول الفقيرة معضلة صحية، ولكن نحن هنا في المملكة العربية السعودية، ربما نعتبر من أكثر الدول التي أولت مرض الصرع أهمية كبيرة، ولعل هناك نماذج متقدمة في علاج الصرع لا تتوفر إلاّ في الدول المتقدمة، وقد تم إجراء عمليات جراحية لمرضى الصرع في المملكة العربية السعودية، وحسب علمي فقد قام مستشفى القوات المسلحة، وهو مستشفى متقدم في العلوم العصبية، وقد تم إجراء هذه العمليات بالتعاون مع بين قسمي الأعصاب وجراحة الأعصاب، حيث تم نجاح هذه العمليات. وهناك جمعية أعتقد أنها تم إنشاؤها حديثاً، أو ربما قيد الإنشاء لرعاية موضوع مرض الصرع في المملكة العربية السعودية، من حيث تطوير وتثقيف الأطباء والمختصين في علاج مرض الصرع، وكذلك توعية المرضى وأهاليهم بمرض الصرع وكيفية التعامل مع مرض الصرع وأهمية استخدام الأدوية الخاصة بعلاج هذا المرض خاصة، وان هذا المرض مرض مزمن وله مضاعفات عضوية نفسية كثيرة. لذلك فأهمية إنشاء مثل هذه الجمعية أمر هام جداً للمرضى وذويهم في المملكة العربية السعودية. وهناك أشخاص لهم دور كبير في تطوير علاج مرض الصرع، وكذلك الاهتمام به، وجعله من الأمراض التي يهتم بها، وأخذ مرض الصرع ينال قسطاً من الاهتمام العربي والدولي وواحد من الذين يجب ان نذكر فضلهم على تطوير الاهتمام بمرض الصرع، حيث تم إنشاء أول مركز للصرع في المملكة العربية السعودية في مستشفى القوات المسلحة بالرياض وإنشاء الجمعية السعودية للصرع هو الأستاذ الدكتور اللواء صالح الذييب عندما كان رئيساً لقسم العلوم العصبية في مستشفى القوات المسلحة بالرياض، ورئيساً لجمعية العلوم العصبية العربية، ونائباً لرئيس الاتحاد العالمي للعلوم العصبية. مجهوداً يجب ألا يغفل للدكتور صالح الذييب الذي أيضاً يعود الفضل لله ثم له في إنشاء الجمعية السعودية للمختصين والمهتمين بشكل خاص بمرض الصرع. (Saudi Cahpter of Epilepsy)، كفرع للاتحاد العالمي للصرع (lnternational League of Epilepsy)، حتى عندما ترك الدكتور صالح الذييب مركزه كرئيس لقسم العلوم العصبية لم يتخل عن رعايته واهتمامه بمرض الصرع وإنشاء الجمعية السعودية صرع. الصرع أنواع متعددة، وكان مرضى الصرع في السابق يعانون من الاهمال في جميع دول العالم، حيث كان الاعتقاد السائد في شتى أنحاء العالم بأن الصرع مرض يسببه الجن أو الأرواح الشريرة أو أشياء غامضة، وكانت العلاجات غير فعالة اطلاقاً، وكان بعض المرضى يفقدون حياتهم من جراء الإصابة بمرض الصرع، ولكن في السنوات الأخيرة شهد العالم تطوراً وتقدماً مذهلاً في علاج مرض الصرع، وأصبح الآن من السهولة السيطرة على مرض الصرع في كثير من الحالات، إلاّ في حالات نادرة جداً. ولكن للأسف ما زال هناك من يعزو مرض الصرع إلى الجن والشياطين والأرواح الشريرة ويحاولون اخراج الجني أو الشيطان عن طريق الضرب المبرح الذي قد يقود في بعض الحالات إلى الوفاة، وأحياناً كثيرة إلى اضرار بدنية سيئة..!! ان مرض الصرع هو عبارة في أكثر الحالات عبارة عن اختلال شحنات الكهرباء في الدماغ، علاجه أصبح متيسراً بأدوية حديثة حيث أصبحت هذه الأدوية أكثر فاعلية وأقل أعراضاً جانبية. ففي السابق كانت الأدوية المضدة للصرع لا أعراض جانبية كثيرة، مما يجعل البعض يواظب عليها باستمرار، لكن الآن أصبحت هذه الأدوية الحديثة فاعلة بشكل كبير جداً إضافة إلى قلة أعراضها الجانبية مما يجعل السيطرة على الصرع أمراً ميسوراً، لكن يجب التوعية بهذا المرض الذي نرى الكثيرين يقسمونه على ان هناك صرعاً طبياً وهناك صرع جن وصرع شياطين وغيرها من الأمور غير العلمية..! والتي قد تضر أكثر مما تنفع. الآن توصل العلماء إلى طريقة يمكنهم بها توقع نوبات الصرع. حيث ان نوبات الصرع كما هو معروف تصيب المرضى فجأة بدون تحذير وهو ما قد يؤدي إلى الاعاقة أو الوفاة في بعض الأحيان. فريق من مستشفى دي لا بيتي ساليبيتري بباريس يعتقد أنه قد يكون من الممكن توقع موعد نوبة الصرع عن طريق جهاز لرسم موجات المخ ويسجل هذا الجهاز النشاط الكهربائي من أجزاء مختلفة من المخ ويتعقبها. وحلل هذا الفريق الفرنسي ستة وعشرين تسجيلاً للنشاط الكهربائي من فترات تصل إلى ستين دقيقة قبل حدوث النوبة. وتوصل الباحثون إلى وجود علامات معينة في الإشارات الكهربائية التي تخرج من المخ قبل حدوث النوبة وان هذه العلامات تستمر لعدة دقائق. وتمكن الباحثون من توقع النوبة قبل حدوثها بنحو تسع دقائق في خمس وعشرين حالة من ست وعشرين حالة تم تحليل تسجيل الإشارات الكهربائية للمخ فيها. وقال الباحثون في مجلة لانست الطبية ان الجهاز المستخدم رخيص نسبياً، وانه يمكن للمرضى تسجيل نشاطات المخ الكهربائية على جهاز مبيوتر شخصي في المنزل. وقالوا: ان القدرة على توقع نوبة الصغر يمكن ان يكون لها تأثيرات كبيرة على عدد كبير من المرضى الذين يعانون من الصرع الخارج عن السيطرة. وأضاف الباحثون ان هذه الطريقة أثبتت فاعليتها، كما ان بامكانها تقليص العواقب الطبية لنوبة الصرع وتحسين حياة المرضى عن طريق تقليص احتمالات الإصابة، وأيضاً عن طريق الخلص من الاحساس بالعجز الناجم عن عدم القدرة على توقع موعد النوبات. وقال الدكتور ديفيد فيش من معهد الأمراض العصبية في لندن ن هذه الدراسة تمثل تقدماً مدهشاً يمكن ان يكون له تأثير كبير على علاج الصرع. لكنه حذر من ان هذه الطريقة لا تزال بحاجة للمزيد من الاختبارات حتى يتم التأكد من فاعليتها، كما ان المرضى بهذه الطريقة سيظلون مرتبطين بهذا الجهاز طوال حياتهم..!! لكنه قال في الوقت نفسه: ان التمكن من رصد التغييرات الانتقالية في نشاط المخ والذي يسبق الإصابة بنوبة الصرع يمكن ان يساعد في تطوير عقاقير جديدة لعلاج المرضى. وقال فيليبلي رئيس الجمعية البريطانية للصرع ان هذا البحث تطور مهم، ومثير، ورحب به قائلاً: انه يزيد من قدرة الأطباء على فهم طبيعة المرض مما سيؤدي إلى تطوير طرق العلاج.. للحديث صلة.