منذ ابتكر تشارلز اتش داو مؤشر داو جونز الصناعي عام 1896 اكتسب المؤشر أهمية بالغة باعتباره مرجعا لقياس حركات المد والجزر في سوق الأسهم الأمريكية.. إلا أن المتابعين لأداء المؤشر في الفترة الأخيرة يرون أنه بحاجة إلى بعض التعديل بعد أن فقد 200 نقطة بسبب تراجع سهم جنرال موتورز (واحد من 30 سهما نشطا يشملهم المؤشر) خلال العام الماضي إلى أدنى مستوى له منذ 23 عاما. ونتيجة لذلك تخلف مؤشر داو جونز عن نظيره الأوسع نطاقا ستاندرد أند بورز 500 الذي صعد خلال 2005 بنسبة 5ر6 في المائة فيما لم تتجاوز مكاسب داو جونز نسبة الواحد في المائة. وما كان هذا الأداء الضعيف يلفت الانتباه لو كان داو جونز مجرد إحصاء يدرج في الجرائد.. غير أن الأمر أكبر من ذلك حيث أنه منذ 1998 أصبح المستثمرون قادرون على شراء المؤشر من خلال ما يطلق عليه اسم دياموند تراست وهو أحد انواع صناديق التبادل (إي تي أف) التي تقوم بمراقبته. ويبلغ حجم الاستثمارات في دياموند تراست حاليا حوالي 5ر7 مليارات دولار ومنذ الخريف الماضي حين بدأت جنرال موتورز في التراجع حقق المستثمرون الذين اشتروا صناديق التبادل في مؤشر اس اند بي 500 مكسبا أعلى بكثير من نظرائهم في مؤشر داو جونز. ولا يمكن لأحد الأن أن يصف سهم جنرال موتورز بأنه سهم نشط أو مميز مما دفع بعض الخبراء في وول ستريت للتساول حول السبب في استمراره ضمن مؤشر داو جونز معتبرين أن المؤشر توقف منذ وقت طويل عن كونه مقياسا للأداء الاقتصادي الأمريكي. وترصد مجلة بيزنس ويك الأمريكية أنه رغم كون أن جنرال موتورز ما تزال من كبرى الشركات حتى الآن بمبيعات سنوية تبلغ نحو 200 مليار دولار إلا أن حصة الشركة من السوق العالمية للسيارات هبطت من الذروة التي بلغتها في 1962 عندما كانت تستحوذ على 51 في المائة من اجمالي السوق لتصل حاليا إلى 26 في المائة فقط وأصبحت مهددة بأن تتخطاها شركة تويوتا اليابانية خلا ل العام الحالي لتصبح شركة السيارات الأولى في العالم. ويزيد من مصاعب جنرال موتورز ما تواجهه من التزامات ضخمة للمعاشات وما تكبدته من خسائر بلغت 8ر3 مليارات دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من 2005. ولعل ذلك ما دفع بعض مؤسسات التصنيف الائتماني إلى ترويج روايات حول إمكانية إفلاس الشركة. ويرى سكوت سبرنزن المحلل المالي أن افلاس جنرال موتورز لم يعد أمرا بعيد الحدوث إذا استمر التدهور الذي شاهدناه خلال الشهور الماضية.. كما قللت مؤسسة اس ان بي تصنيفها الائتماني للشركة إلى الدرجة بي بانخفاض خمس درجات عن الدرجة المحددة للاستثمار. وبدأ عدد من كبار حاملي أسهم جنرال موتوز في التخلي عنها بالفعل ، مثل مؤسسة كابيتال ريسرش اند مانجمنت التي سارعت الى بيع 5ر15 مليون سهم في الشركة خلال الربع الثالث من ,2005. كما كشفت شركة كيرك كيرنوريان تراسيندا التي حصلت على حصة كبيرة في الشركة بداية العام الماضي عن بيعها أخيرا 12 مليون سهم من حصتها في الشركة. ورغم أن سهم جنرال موتوز كان عائقا في العديد من المؤشرات خلال العام الماضي إلا أن تأثيره على مؤشر داو جونز كان هو الأكثر بروزا حيث أن مؤشري ويل شير 5000 واس اند بي 500 يقيسان الأسهم حسب قيمتها السوقية أما داو جونز فدائما ما يقيم الشركات حسب سعر سهمها مما يجعل سهم جنرال موتورز الذي لا يتجاوز 19 دولارا في ذات الأهمية تقريبا لسهم مايكروسوفت الذي يبلغ سعره 26 دولارا فيما تتجاوز قيمته السوقية نحو 25 مرة ذلك السعر.. ولا يتوقع الكثيرون رغم ذلك أن تقوم مؤسسة داو جونز بإجراء أي تغيير على المؤشر ما لم تزدد الأمور سوءا بالنسبة لجنرال موتورز. يشار إلى أن محرري جريدة وول ستريت جورنال المملوكة لنفس المجموعة المالية التي تمتلك المؤشر يقومون باختيار الأسهم المدرجة في المؤشر الذي حرصوا على مر السنين على التأني طويلا عند إجراء أي تغيير فيه.. ومن أشهر التعديلات التي طرأت على المؤشر إضافة أسهم شركات مايكروسوفت وإنتل وأس بي سي كوميونيكاشن في شهر نوفمبر 1999 في ذروة ارتفاعات أسهم التكنولوجية.