يمكن النظر إلى الجهاز التنفسي خلال الحج من منظورين، الأول يتعلق بكل الحجاج والآخر يتعلق بالمرضى المصابين بأمراض الصدر المزمنة. هناك أمور معينة في الحج تجعل جميع الحجاج معرضين لبعض الأمراض التنفسية والتي تتركز في الأساس بالأمراض المعدية التي تنتقل عن طريق الاستنشاق وتزيد احتمالات الاصابة بهذه الأمراض بسبب شدة الزحام وقرب الحجاج من بعضهم ونقص التهوية يضاف الى ذلك وجود حجاج من مختلف مناطق العالم والذين قد يكونون مصابين ببعض الميكروبات التي لا توجد في منطقتنا، يضاف الى ما سبق الاجهاد الذي قد يتعرض له الحاج مما قد يؤثر على جهازه المناعي ويجعله عرضة للأمراض المعدية، ويمكن تقسيم الأمراض التي قد تنتقل عن طريق الاستنشاق إلى أمراض فيروسية وأمراض بكتيرية، وأشهر الأمراض الفيروسية المعروفة والتي تنتقل عن طريق الاستنشاق مرضا الانفلونزا والزكام ولكن هناك فيروسات أخرى قد تصيب الجهاز التنفسي وأشهر الأمراض البكتيرية التي تنتقل عن طريق الاستنشاق مرض الدرن (السل) ومرض التهاب السحايا (الحمى الشوكية) وهو مرض خطير يحتاج إلى العلاج الطبي السريع لتجنب مضاعفات المرض، ومرض الانفلونزا سريع الانتقال بين الحجاج واعراضه معروفة للجميع وتكون أشد عند كبار السن والأطفال والمرضى المصابين بأمراض الصدر المزمنة أو الذين لديهم أمراض أخرى تؤدي الى نقص المناعة، وبما أن الحديث هذه الأيام يكثر عن انفلونزا الطيور فاني أطمئن القارئ بأنه لم يثبت بشكل قاطع حتى الآن انتقال انفلونزا الطيور من إنسان لآخر فعلى فرض انه حضر أحد الحجاج من منطقة موبوءة وهو مصاب بانفلونزا الطيور فإنه لم يثبت علميا انه ينقل المرض لإنسان آخر لذلك لا داعي لقلق الحجاج من مرض انفلونزا الطيور، أما انفلونزا الانسان فانها سريعة الانتقال من إنسان لآخر، اما الدرن فان عدواه ليست بسرعة العدوى في الانفلونزا كما أن الاعراض لا تظهر سريعا وقد لا تظهر على المصاب حتى عودته من مناسك الحج لذلك ينصح الحجاج ببعض الأمور قبل الذهاب للحج ومن هذا الأمور الحصول على لقاح الانفلونزا والتي تقلل بمشيئة الله من الاصابة بالعدوى بنسبة 80٪ وكذلك الحصول على لقاح التهاب السحايا بفترة كافية (10 - 14 يوما) حتى يتمكن الجسم من تكوين الجسم من تكوين الأجسام المضادة ضد المرض، وينصح الحجاج بالسكن في أماكن جيدة التهوية لأن ذلك يقلل من انتقال العدوى كما يفضل الابتعاد عن الأماكن المزدحمة قليلة التهوية بقدر الامكان، وينصح الحاج بالحصول على راحة كافية خلال أداء النسك وكذلك الحصول على نوم كاف لأنه من المثبثت علميا ان نقص النوم قد يؤدي إلى نقص في المناعة مما قد يعرض الحاج للاصابة بالعدوى، اما بالنسبة لاستخدام الكمامات، فمن الضروري التنبيه على أن الكمامات المتوفرة تجاريا لا تمنع وصول الميكروبات ولكن استخدامها للمصابين قد يحد من نقلهم العدوى للآخرين حيث إن المريض حين يعطس أو يسعل يتطاير منه كمية كبيرة من الزذاذ حاملة الميكروب الى آخرين، كما ان استخدامها من قبل الحجاج غير المصابين لا يصر ولكنه قد ينفع، اما الكمامات الطبية الخاصة فانها تقلل من احتمال انتقال العدوى. وبالنسبة للحجاج المصابين بأمراض مزمنة في الصدر فإنهم أكثر عرضة للاصابة بجميع الامراض السابقة ويضاف الى ذلك احتمال زيادة اعراض الأمراض المصابين بها خلال الحج. فجميع الالتهابات التنفسية الفيروسية تؤدي الى زيادة اعراض المرض الأساسي كالربو وانسداد مجرى الهواء المزمن وغيرها لذلك تكون الاحتياطات المذكورة سابقا أكثر أهمية للمرضى المصابين بأمراض الصدر المزمنة، وينصح المرضى المصابون بأمراض الصدر المزمنة بزيارة اطبائهم قبل الذهاب للحج للحصول على النصائح اللازمة، وينصحون كذلك بالحصول على كمية كافية من العلاج وتخزينها في أماكن جيدة والحصول على تقرير مختصر من طبيبهم المعالج يلخص حالة المريض ويحتوي على قائمة بجميع الأدوية التي يتناولها المريض والذي بدوره يساعد كثيرا الأطباء في الحج عند حاجة المريض لأي مساعدة طبية، وينصح المريض بحمل هذا التقرير معه طوال الوقت كما ينصح أن تعطى نسخة من التقرير لطبيب البعثة، وينصح مرضى الربو بالانتظام على علاجهم خلال الحج حتى في حال عدم وجود أي أعراض للمرض ومضاعفة جرعة البخاخ الواقي في حال اصابتهم بالانفلونزا والتوجه الى أٍقرب مركز طبي في حال زيادة اعراض المرض وعدم استجابتها للعلاج، ويتم تناول البخاخات الموسعة للشعب قبل اي مجهود وقبل البدء في أي من المناسك التي تحتاج لبعض الجهد، اما المرضى الذين يحتاجون للأكسجين أو أي أجهزة تنفس أخرى فإنهم يحتاجون لاستشارة اطبائهم قبل التوجه للحج بفترة كافية حتى يتم ترتيب الامور اللازمة لاستمرارية حصولهم على علاجهم خلال الحج والمرضى المصابون بتوسع قصبات الهواء المزمن هم اكثر عرضة للالتهابات البكتيرية لذلك ينصحون بسرعة التوجه إلى أقرب مركز طبي عند ظهور اي اعراض حتى تقيم حالتهم ويتم صرف المضادات الحيوية اللازمة، مع تمنياتي للحجاج بحج مبرور وسعي مشكور وصحة دائمة وكل عام وانتم بخير.