قبل ستة أعوام أصدر الكاتب المغربي الذي يعيش في باريس طاهر بن جلون كتابا للاطفال تحت عنوان «بابا.. ماذا تعني كلمة أجنبي؟» ولعل أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001 وما تبعها من «الحرب على الارهاب» وتزايد التفجيرات والهجمات قد فتحت شهية الكاتب الشهير لاصدار تكملة لكتابه الاول تحت عنوان » بابا.. من أين تنبع الكراهية؟». في الوقت نفسه تحمس الممثل الالماني بيره فرانكش لتسجيل الحوارات التي جرت بينه وبين ابنته في كتاب يحمل اسم » بابا.. اشرح لي عالمك وأنا أشرح لك عالمي». ومن المؤسف أن الكتاب الثاني لبن جلون لم يحمل الجاذبية التي حملها سابقه ففي القصة الثانية يحاول الاب أن يوضح لابنته سبب معاداة السامية والكراهية الامريكية ويشرح لها الدوافع وراء العمليات الانتحارية ويتطرق الاب أيضا إلى معنى القاعدة وطالبان والجهاد كما يلقي الضوء على مشاكل المهاجرين ونقاط الخلل في الديمقراطية العربية. وقد يكون الشرح الذي ورد في الكتاب مفهوما وثريا بالمعلومات غير أن ما يؤخذ على الكتاب هو أن لغة الحوار التي لجأ إليها الكاتب هي لغة لم يتعود عليها القارئ كما أن محاولات الكاتب الخروج عن الصرامة والجدية التي يحتاجها الموضوع لم تنجح بشكل كبير. وعلى الجانب الاخر لم يذكر الكاتب الكثير عن شخصية الابنة ولذلك فإن القارئ لم يعرف بالضبط إن كانت هي نفس الابنة التي كانت بطلة الكتاب الاول أم ابنة ثانية. كذلك لم تنجح الاسئلة التي طرحتها الابنة في الكتاب في التدليل على شخصية الطفلة أو عمرها فهي مرة تكون ساذجة وتطرح أسئلة طفولية ومرة أخرى نجدها تشارك الاب الحوار بكثير من الوعي والدقة. ولهذا فإن الكثيرين يرون أن شخصية الطفلة لم تتعد كونها وسيلة لطرح المواضيع وإعطاء الكاتب الفرصة للتطرق إلى العديد من الموضوعات. وفي الكتاب الالماني الذي أصدره فرانكش تلعب الابنة (13 عاما) دورا أساسيا في القصة فهي تقوم مع والدها بطرح الموضوعات التي ترغب في معرفتها مثل الحب والجنس والوظيفة التي تحلم بها والخلافات والسعادة غير أن هذا كله يأتي في نفس الاطار الذي اتبعه بن جلون حيث يجيب الاب على أسئلة الابنة الحائرة ويربطها بأساطير وقصص عايشها هو نفسه في طفولته. ولم يخل كتاب فرانكش من بعض النصائح والارشادات مثل «الجمال لا يصنع السعادة» و «مشاهدة التليفزيون بشكل مستمر تؤدي للغباء» علاوة على بعض التصورات الرومانسية مثل «الحياة تخبئ لكل شخص شريك الحياة المناسب» غير أن عالم الفتاة الصغيرة يبقى -عكس ما يقول عنوان الكتاب- في الظلام ولا يعلم عنه القارئ شيئا. ورغم الانتقادات التي وجهت للكتابين إلا أن هذا لا ينفي الاستفادة التي تعود على الاباء عند قراءة هذه الكتب لاطفالهم فهي كفيلة بفتح أبواب النقاش مع الاطفال وقد تكون هذه المناقشات فكرة لكتاب جديد.