ينظر المراقبون بتشاؤم إلى النتائج المتوقعة لزيارة رئيس الوزراء الياباني جونتشيرو كويزومي إلى كوالالمبور التي استغرقت أربعة أيام لحضور القمه الإقليمية. ويرى المختصون بالشؤون الآسيوية أن استمرار كويزومي بزيارة ضريح ياسوكوني لتكريم ضحايا الحرب العالمية الثانية بمن فيهم من صنفوا مجرمي حرب من الدرجة الأولى ساهم في إنحدار العلاقات الصينية/ اليابانية إلى أسوأ مستوى لها منذ أن أعاد البلدان تأسيس علاقاتهما الدبلوماسية في العام 1972 وتستفز هذه الزيارات الصين وكذلك كوريا البلدين اللذين غزتهما اليابان خلال الحرب العالمية الثانية وينظران إلى ضريح ياسوكوني كرمز للتاريخ العسكري الياباني الذي لم تبد اليابان الندم عليه وتعتبران زيارات كويزومي له إهانة واستفزازاً لهما. ويرى المحللون أنه بذلك يقوض فرصة نجاح إقامة اتحاد دول شرق آسيا لأن علاقة البلدين هي الأهم بالنسبة لهذا الاتحاد حسب رأي الأستاذ الجامعي أميتاف أتشاريا في جامعة نانيانغ الذي يقول «ما لم يكن هناك مصالحة عميقة بين اليابان والصين، لا يمكن أن يكون هناك اتحاد شرق آسيوي، تماماً كما الاتحاد الأوربي (لم يكن ممكنناً أن يحدث) بدون مصالحة عميقة بين ألمانيا وفرنسا». فعلى خلفية زيارته إلى ضريح ياسوكوني الخاص بديانة الشينتو اليابانية في 17 أكتوبر رفضت الصين إجراء محادثات مع كويزومي حتى على هامش القمم متعددة الأطراف ناهيك عن تعليق الزيارات المتبادلة مدة أربع سنوات. ويبدو أن كويزومي غير قادر أيضاً على عقد لقاء مع الرئيسِ الكوري الجنوبي مو هيونغ أثناء زيارته إلى كوالالمبور. وأعرب الأكاديميون عن تشاؤمهم حيال إمكانية نجاح اتحاد شرق آسيا في ظل عدم تمكن زعماء اليابان والصين وكوريا من اللقاء نظراً للنزاع بينهم على خلفية زيارات الزعماء اليابانيين إلى الضريح. وللمساعدة على كسر هذا الجمود الدبلوماسي التام اقترح البروفسور أكيهيكو تاناكا من جامعة طوكيو أن تعمل الدول الثلاث على التهدئة ووقف التراشق حول قضية ياسوكوني، على الأقل إلى أن تنتهي ولاية كويزومي في سبتمبر القادم. واقترح تاناكا أيضاً بأن يتوقف كويزومي عن زيارة ضريح ياسوكوني كرئيس وزراء، وأن تمتنع بكين وسيول عن ذكر القضية. ومن بين التوصيات الأخرى، حث الأستاذ الجامعي سون كو سوب من جامعة سيول الوطنية اليابان على بناء نصب حرب تذكاري جديد يكون مقبولاً للجميع بحيث يمكن أن يزوره الرئيس الكوري والرئيس الصيني أيضاً، وحثها أيضاً على تقديم رؤية واسعة للشراكات الإقليمية بدلاً من الانشغال في لعبة النفوذ الدبلوماسي . ويطلب رئيس جامعة إيواتي من كويزومي العودة إلى خطابه السياسي في يناير العام 2002 في سنغافورة، الذي دعا فيه إلى خلق اتحاد إقليمي بتعميق التعاون مع الصين وكوريا الجنوبية كونهما «قوة هامة في هذا الاتحاد». وجاءت كل اقتراحات المفكرين داعية إلى تطوير وتحسين علاقات الثقة المتبادلة بين اليابان وجيرانه وخصوصاً الصين لأهميتها في إطار الاتحاد الشرق آسيوي المزمع، ولكنهم كانوا متشائمين من إمكانية اختراق هذا الظرف في المستقبل القريب. حيث قال أتشاريا «من المحزن بالنسبة لي أن أسمع أنه بالنسبة لليابان، العلاقة مع الولاياتالمتحدة تأتي في المقام الأول قبل العلاقة مع شرق آسيا» بالإشارة إلى تعليقات كويزومي الشهر الماضي، الذي قال في مؤتمر صحفي في 16 نوفمبر بعد محادثاته مع بوش «كلما كانت العلاقات اليابانية/ الأمريكية أفضل، كلما سهل بناء علاقات جيدة مع الصين وكوريا الجنوبية وبلدان آسيوية أخرى بالإضافة إلى بقية العالم.» وفي إشارة سلبية أخرى، رفضت الحكومة اليابانية تخصيص ميزانية في السنة المالية 2006 لدراسة الجدوى من بناء نصب حرب تذكاري علماني، حسب مصادر من الحكومة والائتلاف الحاكم. ويضيف الأستاذ تاناكا بالتأكيد إن الإدارة الحالية لا تؤكد على أهمية الدبلوماسية، والمشكلة هي أنه منذ التسعينات لم يظهر في اليابان زعيم سياسي قوي لا من حيث الإصلاح المحلي ولا في الدبلوماسية الإستراتيجية». وتوقع الأستاذ موري من جامعة واسيدا بأن الكوارث الدبلوماسية الحالية ستلوح كقضية أكثر جدية لوريث كويزومي الذي تنتهي ولايته في سبتمبر القادم.