هيئة التخصصات الصحية. كان انشاؤها بمثابة اشراقة شمس جديدة للقطاع الصحي في المملكة ورغم عمرها القصير إلا أن ما تحقق يشهد له الجميع فقد استطاعت أن تكون سداً منيعاً في وجه الاحتيال والتزوير في شهادات الممارسين الصحيين، فخلال الأربع سنوات الماضية وحسب ما ذكره ضيفنا في هذا الحوار الدكتور حسين بن محمد الفريحي أمين عام هيئة التخصصات الصحية تمكنت الهيئة من اكتشاف أكثر من (400) حالة تزوير في شهادات وكفاءات الممارسين في المجال الصحي بالمملكة وقامت بتصنيف المؤهلات وتقويم قدرة وكفاءة الممارسين واعادت هيكلة وتوصيف العمل لكل ممتهن صحي وسعت إلى الحد من تجاوزات بعض معاهد التدريب الصحي وتطويرها والعديد من الانجازات التي نتحاور فيها مع الدكتور الفريحي الذي لم يخف اعترافه بقصور الهيئة في بعض الأمور وسعيها إلى تلافي أي مشاكل أو اخطاء تقع. وهذا هو نص الحوار الذي أجرته «الرياض» مع الأستاذ الدكتور حسينبن محمد الفريحي - أمين عام هيئة التخصصات الصحية: ٭ بودنا أن نلقي الضوء على التصنيف الذي تقوم به الهيئة للممارسين الصحيين؟ - التصنيف اجراء يشمل جانبين مهمين الاول المؤهلات والتأكد من صحتها وتوثيقها والثاني التقويم لقدرة وكفاءة الممارس في أداء العمل المتوقع منه حسب اختصاصه. ٭ في جانب التوثيق كيف تستطيع الهيئة التأكد من شهادات الممارسين وتوثيقها؟ - نحن فخورون بموظفينا وبما كسبوه خلال السنوات الماضية من خبرة ودراية بالكشف عن معظم المزورين والفضل يعود بعد الله للتعاون بيننا وبين عدة جهات وعلى رأسها جامعة الأمير نايف العربية للعلوم الأمنية حيث تفضلت مشكورة بترتيب دوره على مدى اسبوعين لموظفينا واكسبوهم خلفية جيدة عن كيفية الكشف عن التزوير ومن ثم تطبيق ما تعلموه وتم تأمين جهاز كشف للتزوير تقني متطور وأحدث ذلك مردود ايجابي وقد لا يمضي الآن اسبوع الا ونكتشف حالة تزوير أو أكثر. ٭ وكم بلغ عدد الذين تم اكتشافهم؟ وكيف تتعاملون معهم؟ - قائمة المزورين منذ أن بدأنا تسجيل المزورين قبل أربع سنوات تجاوزت (400) ممارس صحي وجل المزورين في تخصصات معينة وبالذات في الصيدلة والبصريات، وربما لكون هذين التخصصين يمارسان من قبل مؤسسات خاصة وتكون غالباً مصادر التزوير من دول شرق آسيا، وعندما يكتشف المزور نقابله بالأدلة والقرائن واكثرهم يعترف ومن يعاند أو أن لم نكن متأكدين 100٪ من عملية التزوير نطلب توثيق الشهادة من مصدرها، وقد اضطرت الهيئة في الآونة الأخيرة إلى تعيين موظف مختص على حسابها في الملحقية الثقافية بسفارة المملكة بباكستان وعمله متابعة الشهادة المشكوك فيها مع مصادرها في آسيا وبعد التأكد أو إن كان اعترف تسلمه الهيئة للجهات الأمنية المحلية. وإذا وصل التأكيد متأخراً يتم التنسيق مع الشئون الصحية بالمنطقة وإدارة الرخص الطبية والجهات المعنية. ٭ ولكن لماذا دائماً يتأخر اكتشاف المزورين حتى يمارسوا أعمالهم وربما يرتكبوا اخطاء بحق المرضى والمراجعين؟ - التصنيف يبدأ عندما يصل الممارس للمملكة ومعظم المتواجدين حالياً تم تصنيفهم، إلا ان من صنفوا سابقاً - لم نكن في وضع يمكننا من كشف التزوير وربما تجاوزنا بعض الشهادات وثم اكتشفنا بعد نظام التسجيل الذي بدأ عام 1419ه انها مزورة والآن عدد قليل من ثبت انهم مزورين وهم على رأس العمل والغالبية العظمى ممن يفدون حديثاً ويكتشف أمرهم. ٭ هل اكتشفتم تزوير في شهادات الأطباء والاستشاريين أم أن ذلك محصور على تخصص العيون والصيدلة؟ - التزوير فيما بين الأطباء محدود للغاية فالمزورون ال (400) وزيادة (25) شخصاً منهم كانوا أطباء أي بمعدل 5٪ وغالبية المزورين من الأطباء في الطب العام وهم لا يشكلون خطورة كالاستشاريين أو الجراحين. ٭ هل جميع الشهادات التي تشكون في مصداقيتها تكون فعلاً مزورة؟ - أكثر من (90٪) من الشهادات التي يشك بها موظفو الهيئة يثبت فعلاً أنها مزورة. ٭ وما هو مصدر التزوير؟ - الغالبية من المزورين يحملون مكاتب الاستقدام الخارجية مسؤولية التزوير ونسبة كبيرة من حالات التزوير تكون احتيال والتفاف على الأنظمة بحيث لا يكون المزور دخيلاً على المهنة 100٪ ولكن تأهيله ليس بالمطلوب أو دراسته لم تكتمل أو خبرته لا تؤهله للعمل بالمملكة ولذلك يلجأ للتزوير. ٭ د. حسين.. هل نستطيع الحصول على بعض حالات التزوير التي لازلتم تتذكرونها؟ - في يوم من الايام اكتشفنا توثيق لشهادة من مرجع سعودي وشك موظفونا بصحة التوثيق وخاطبنا نفس المرجع ولكنه أفاد بأن التوثيق صحيح فتمسكنا برأينا وطلب أحد الزملاء مقابلة الشخص المعني بتلك الجهة وبالنقاش اقتنعوا فعلاً أن توثيقهم لتلك الشهادة كان مزوراً. وفي بعض المرات تأتينا بلاغات أو ايحاءات عن أحد الممارسين واذكر أن اخصائياً مساعداً في المختبرات الطبية في مرفق حكومي ولمدة سنوات طويلة وكان ممن يعملون بالتقييم للآخرين - وعندما أراد الله أن يكشف أمره - حدث بينه وبين آخر خلاف فبلغ الهيئة أن شهادات فلان مزورة.. وقد تعاملنا مع البلاغ بشكل جدي وكان مصدر شهادته بريطاني من لندن وكنا غير مصدقين أن شهادة دكتوراه مزورة من لندن والشخص يعمل في مرفق حكومي على مدى سنين وعندما خاطبنا الجامعة بلندن أكدت لنا بالفعل أن الشهادات مزورة. وفي قصة اخرى قام طبيب اسنان عام سعودي بتزوير قرار تصنيف له من هيئة التخصصات بأنه يعمل استشاري بعد أن زور شهادة مرجعها جامعة تفت بأمريكا وتقدم بذلك للشؤون الصحية بجدة لترقيته وبعد أن شكوا بأمره بسبب أن المدة التي قضاها ليست كافية لحدوث ذلك خاطبونا فاكتشفنا أن قرار التصنيف مزور وتأكدنا من الجامعة أيضاً أن شهادته مزورة وقامت الهيئة بسحب ترخيصه لعدم أمانته واحتياله الا انه واصرارا منه في الخطأ تقدم بشكوى لديوان المظالم ثم لم يحضر المرافعات. وآخر حالة تزوير تم اكتشافها لطبيب يعمل في المملكة في مجال تسويق الأدوية وعندما اكتشف أمره بأن شهادته الصادرة من احدى الدول العربية مزورة كان عذره بالقول: أنا أريد فقط أن أعيش!! ٭ هل تتوقع أن تنخفض اعداد المزورين؟ - الآن اصبح هناك وعي ومكاتب الاستقدام بدأت تدرك أن أمرها قد انكشف وإذا كنا قد اكتشفنا في السابق أن هناك حالات تزوير صادرة من داخل المملكة فإن التزوير بالداخل أصبح محدوداً جداً الآن أما في الخارج فهو في تناقص ولكن لازال مستمراً. ٭ في موضوع آخر غير تزوير الشهادات - يرى بعض الاخصائيين أن الهيئة لم تقدم لهم مهاماً واضحة وتصنيفاً لأعمالهم وشهاداتهم؟ - الكلام الذي ذكرته صحيح بالنسبة للتعامل معهم وظيفياً وإدارياً وبكل أسف اللائحة الصحية المعمول بها من عام 1412ه لا تميز بين حملة المؤهلات المختلفة وقد خاطبت الهيئة الخدمة المدنية لتمييز الاخصائيين حسب شهاداتهم. وهناك اتفاقية معهم لإعادة النظر في اللائحة الصحية لتأخذ بالحسبان كل ما طرأ على التخصصات الصحية المختلفة والمسميات. وستنتهي قريباً من التوصيف والتصنيف الجديد لجميع الممارسين. ٭ الاخصائيين أيضاً متذمرين من عدم انتخاب ممثليهم في الهيئة أسوة بالمجلس الطبي؟ - الهيئة تطلب من الجهات تسمية ممثليهم المؤهلين والمجلس التنفيذي يختار بناءً على التوافق والترشيح ولا تتدخل الهيئة في اختيار هؤلاء إلا إذا كان المرشح عليه ملاحظات فيطلب من جهته البديل. ٭ بعض المسجلين بالهيئة يتساءلون عن الفائدة التي يجنونها من تسجيلهم بها؟ - أولاً التسجيل نظام متعارف عليه وهو يؤكد انتساب الشخص إلى هذه المهنة وبهذه الدرجة والاختصاص ويخوله التسجيل للممارسة. ٭ كم بلغ عدد المعاهد الصحية الخاصة التي تشرف عليها الهيئة؟ - أكثر من 60 معهداً في المملكة ولكل معهد تخصصات معينة. ٭ وكيف ترى تجربتكم مع المعاهد الخاصة خلال العامين الماضيين؟ - التجربة صعبة، وهي من اقسى الأمور التي مارستها الهيئة، لأن البداية لم تكن جيدة وكان هناك قصور من جانبنا لعدم وجود مشرفين متخصصين. ولكن الأمور الآن بدأت تتحسن رغم وجود بعض الرواسب من الماضي. ٭ وما هي هذه الرواسب؟ - مثلاً في السابق كانوا يقبلون خريجي الأدبي وكان هناك تساهل في شروط قبول الطلبة ولكنني أتوقع الآن بعد المتطلبات اللازمة الجديدة للمعاهد أن عدد المعاهد الصحية الخاصة سينحصر لأن البعض سيضطر للتوقف لعدم كفاءته واستطاعته تحقيق هذه المتطلبات. كما أنه سيتم باذن الله تقنين عدد الطلبة وتوحيد المناهج وسيكون هناك باذن الله امتحان مركزي وشامل باشراف الهيئة ولدينا خطط لتركيز القبول في المعاهد الخاصة في مجال التمريض على البنات للنقص الكبير والحاجة الماسة لذلك في المجال الطبي ولأن التمريض مهنة سامية والمرأة أقرب إلى هذه المهنة. ٭ وماذا عن الطلبة من البنين؟ - لدينا الآن عدد كبير من الممرضين البنين فبين (10) آلاف طالب مقبولين بالمعاهد الخاصة (3) آلاف طالب تمريض ورغم أن الحاجة أكثر إلى المختبرات إلا ان الطلبة بهذا التخصص فيها ألف طالب فقط لذا نريد أن يكون هناك توازن في التخصصات التي تحتاجها المملكة، والآن الفرصة مهيئة لتدريب البنات في التمريض بعد أن تم تجاوز بعض العادات التي أصبحت من مخلفات الماضي. ٭ هل مسموحاً للمعاهد الصحية الخاصة قبول خريجي الثانوية الأدبي الآن؟ - الأدبي ليس ممنوعاً قبولهم ولكنهم لا يقبلون في المجالات الصحية المهنية ويقبلون في المجالات الصحية الإدارية كالسكرتارية الطبية والملفات والتسجيل، ولدينا الآن اتفاق مع وزارة التربية والتعليم لحل هذه الاشكالية بتأهيل خريجي الأدبي للدخول في المعاهد الصحية حيث اعدينا منهجاً ودورة لتأهيل خريجي الأدبي وسنطرح المنهج للتدريب في بعض المدارس الثانوية الخاصة ومدة الدورة أربعة شهور وباشراف من هيئة التخصصات الصحية.