طرد أعضاء البرلمان الهندي بأغلبية الأصوات 11 من زملائهم النواب بعد إسقاط عضويتهم في عملية غير مسبوقة في تاريخ الهند. وعشرة منهم ينتمون الى مجلس النواب وواحد الى مجلس الأعيان. وكان موقع على الإنترنت بالتعاون مع قناة تليفزيونية قد سجل قبض هؤلاء النواب رشاوى تراوحت بين عشرة آلاف الى أكثر من مئة ألف روبية لقاء طرح الأسئلة في البرلمان وهي أسئلة يجب على الحكومة الرد عليها خلال مدة معينة. وطرح الأسئلة حق قانوني لكل نائب إلا أنه لم يكن بحسب ان أحد أن النواب يتقاضون رشاوى مقابل طرح أسئلة لفائدة شركات ومؤسسات ربما تكون أجنبية. ولم يتم سابقا إلا إسقاط عضوية نائب واحد وبنفس التهمة - طرح الأسئلة في البرلمان مقابل نقود - سنة 1951. وقد ثارت ضجة في الهند على مختلف المستويات بعد كشف هذه الفضيحة وعين رئيس البرلمان من فوره لجنة من أعضاء البرلمان من مختلف الأحزاب. وقررت هذه اللجنة بأغلبية الأصوات طرد النواب المرتشين من عضوية البرلمان نظرا لحطهم من مكانة البرلمان وتعريضه للتشهير مما يضعف من ثقة عامة الناس بهذا الركن الهام من أركان الحكم والديمقراطية. وعارض حزب الشعب الهندي وحده من بين كل الأحزاب قرار الطرد لأن غالبية النواب المرتشين - 6 على وجه التحديد - كانوا من هذا الحزب الذي لم يكل يتبجح بالنزاهة وحب الوطن إلا أن فترته في الحكم قد اتسمت بكثير من الفضائح التي تحقق الحكومة الحالية في بعضها. وهناك فضيحة أخرى تكشفت بعد أيام انكشاف فضيحة النواب المرتشين المطرودين وذلك عندما عرضت قناة أخرى لقطات لعدد من النواب وهم يطلبون رشاوى مقابل تخصيص مبالغ من الميزانية المخصصة للتنمية في منطقة كل نائب وهي تبلغ ملياري روبية سنويا وهي توضع تحت تصرف كل نائب ويجوز له تخصيص جزء من هذه الميزانية للإنفاق على أي مشروع يراه مناسبا داخل دائرته الانتخابية. وقد بدأت هذه البدعة أيام رئيس الوزراء الأسبق ناراسيمها راؤ - الذي هدم المسجد البابري خلال عهده - والذي اتهمه أحد مضاربي بورصة الأسهم ببومباي أنه قدم له رشوة بملغ مليار روبية «موضوعة في شنطة» وأنكر راؤ إمكانية وضع مليار روبية في شنطة واحدة )!!( فما كان من المضارب - وإسمه هارشاد ميهتا - أن وضع مليار روبية في شنطة واحدة وعرضها للملأ في مؤتمر صحفي.. ولإسكات النواب قام راؤ بتخصيص مليار روبية لكل نائب سنويا وله أن ينفقه على مشاريع دائرته كما يشاء. ومع مر الزمن تم رفع هذه الميزانية الغريبة الى ملياري روبية كل سنة. وكانت هذه رشوة مكشوفة حيث من المعروف فساد الحياة السياسية في الهند فأخذ النواب يخصصون مبالغ من هذه الميزانية لقاء رشوة يتقاضونها مسبقا على أن تعطى لهم بواقع نسبة معينة من المبلغ الذي يوافقون عليه لمشروع معين. وظهر عدد من النواب في اللقطات التي عرضتها قناة تليفزيونية هنا وهم يطالبون 45 في المئة من المبالغ التي يوافقون عليها لأي مشروع حتى لو كان وهميا وعلى الورق ولكن بشرط أن يحصلوا على «نسبتهم» مسبقا عند تسليم الخطاب الذي بموجبه سيحصل صاحب المشروع على المبلغ من الحكومة!! وقد عرضت هذه القضية هي الأخرى على اللجنة الأخلاقية بالبرلمان الهندي ومن المتوقع أن هؤلاء النواب هم الآخرون سيتم إسقاط عضويتهم خلال أيام. وقد زعم النواب المطرودون أنهم ضحية مؤامرة استهدفتهم وهناك أصوات في الإعلام تتساءل عن مدى مشروعية استخدام الكاميرات السرية لكشف الفساد إلا أن الرأي العام الهندي يوافق على طردهم وسط إحساس شعبي عام بأن الوسط السياسي متخم بالفساد ولابد من تطهيره. وجاء في استفتاء أجرته إحدى الصحف هنا أن 98 في المئة من الذي أجابوا على الاستفتاء رأوا أن السياسيين الهنود فاسدون. وهناك مشروع الآن لتتكفل الحكومة بالإنفاق على الحملات الانتخابية لكل مرشح في الانتخابات وذلك للقضاء على الفساد وذلك لأن السياسيين بصورة عامة يبررون الفساد بقولهم انهم بحاجة الى أموال كثيرة لخوض الانتخابات التي أصبحت مكلفة للغاية.