قد تكون ناجاباتينام آخر مكان يمكن أن يوحي بالأمل.. كوخ متداع مليء بأوان بشكل عشوائي تحيط به بركة مياه راكدة ملوثة إلى جانب البالوعات التي تخرج منها مياه المجاري والأثاث الذي أتلفته الأمطار. ولكن جيتا المرأة التي تسكنه وتعمل بالصيد والتي تعيش في مخيم للناجين من أمواج المد بجنوب الهند حامل في شهرها الخامس. وهي أول ناجية تصبح حاملا بعد أن أجريت لها جراحة للقضاء على أثر جراحة التعقيم التي أجريت لها في وقت سابق على أمل أن ترزق بأبناء بعد أن جرفت مياه الفيضانات ابنتيها جوتيكا (5 سنوات) وسوسيكا (3 سنوات) في العام الماضي. وساعدت قصة نجاحها في إحياء الأمل في قلوب أزواج آخرين يرغبون باستماتة في أن يصبحوا آباء مرة أخرى وملء الفراغ الذي خلفته الكارثة التي تسببت في مقتل أكثر من 231 ألفا في نحو 12 دولة بالمحيط الهندي أغلبهم من النساء والأطفال. وحتى الآن أجرت نحو 50 امرأة الجراحة التي يتم من خلالها إعادة وصل قناتي فالوب وإلغاء أثر جراحة التعقيم التي تجرى في إطار برنامج لتنظيم الأسرة برعاية من الدولة بهدف الحد من النمو السكاني الهائل في الهند. وبالرغم من أن أربعة منهن فقط أصبحن حوامل فإن احتمال الولادة مرة أخرى للتغلب على مشاعر فقد الأبناء والبنات أدى إلى تسجيل عشرات آخرين أسماءهن لتجرى لهن تلك الجراحة. وقالت جيتا (29 عاما) وهي تمسك ببطنها متحدثة خارج كوخها في ناجاباتينام وهي البلدة الرئيسية في الساحل الجنوبي الشرقي للهند الأكثر تضررا «أشعر بفرحة غامرة ولكني سأكون أكثر سعادة فقط بعد أن ألد بسلام». أضافت «لا يمكن أن ننسى أبدا البنتين اللتين فقدناهما ولكن المولود الجديد سيساعد في التخفيف من حزننا... إذا اتضح أن المولودة بنت فسنسميها على اسم إحدى البنتين». وزوجها باشكاران يشعر أيضا بنفس الفرحة الممتزجة بالقلق. وقال «ربينا بنتينا بحب وعاطفة كبيرين ثم فقدناهما. لذلك لا نريد أن نفرح قبل أن يولد الطفل». تسببت أمواج المد في سقوط 6065 قتيلا على الأقل في منطقة ناجاباتينام في ولاية تاميل نادو وكان الأطفال يمثلون أكثر من الثلث. وتقول جماعات متطوعة وخبراء في الصحة العقلية إنه بالنسبة للأسر التي فقدت أبناءها تمثل الحاجة إلى انجاب أطفال مرة أخرى جزءا رئيسيا من إعادة بناء حياتهم. وتبلغ نسبة نجاح جراحة إعادة وصل قناتي فالوب وهي جراحة معقدة بصورة كبيرة أقل من 50 في المئة بالنسبة للنساء اللاتي ما زلن في سنوات الخصوبة. ويقول أطباء في أمراض النساء إن عوامل كثيرة تتوقف على مدى سلامة وحجم قناتي فالوب. ولكن نساء مثل اناندي وهي جارة جيتا التي فقدت ثلاثة أولاد واثقة من استجابة الله لدعائها. وقالت اناندي (26 عاما) «مرت سبعة أشهر على الجراحة ولكن لم يحالفني أي حظ بعد. ولكني عندما أنظر إلى جيتا أشعر بأمل كبير». ويقول اطباء إنه كما تسببت أمواج المد في جعل النساء يجرين هذه الجراحة فإن الامواج أدت أيضا إلى زيادة حالات الحمل بصورة عامة بين الناجين في اندونيسيا والهند. وقال الدكتور برايان سريباهاستوتي إخصائي الأمراض التناسلية من صندوق الأممالمتحدة لرعاية الطفولة (يونيسيف) في اتشيه إنه في اتشيه أكثر المناطق تضررا في اندونيسيا يرغب الكثير من الناجين في أن يكون لهم أبناء ولكنهم يواجهون عقبات مثل شعورهم بالصدمة وظروف المعيشة المتدنية. وأضاف «أتوقع الكثير من الولادات خلال ما بين ثلاثة وستة أشهر في المخيمات وإن لم يكن ذلك في اتشيه بشكل عام». وفي ناجاباتينام الهندية أيضا قال أطباء إنهم شهدوا زيادة طفيفة في حالات الحمل بين فبراير شباط ويونيو حزيران عندما تزوج الكثير من الناجين. وقالت الطبيبة بي. سيتالا وهي طبيبة أمراض نساء شهيرة في ناجاباتينام «التعقيم أصبح نادرا الآن. يقول الناجون إنهم لن يفكروا فيه إلا عندما يرزقون بثلاثة أو أربعة أبناء». وبما أنه من المستبعد أن يحمل النصف تقريبا من اللاتي أجريت لهن جراحة إعادة توصيل قناتي فالوب سيتعين على الأسر في نهاية الأمر أن تتبنى أيتاما وتقول السلطات وعمال إغاثة إن تلك الجراحة قد يتضح في نهاية الأمر إنها ما هي إلا وسيلة عزاء مؤقتة. ولكن الطبيبة سيتالا قالت إن الكثير من النساء اللاتي أجريت لهن الجراحة يرغبن باستماتة في الحمل مرة أخرى لخشيتهن من أن يهجرهن أزواجهن الصيادون ويتزوجون نساء أصغر للإنجاب. وأضافت «بعض الصيادين يريدون استغلال هذا الأمر كفرصة للتخلي عن زوجاتهم اللاتي قمن بالتعقيم والتزوج مرة أخرى... اتضح أن هذا يسبب صدمة لزوجاتهم ويردن الحمل بمجرد أن تجرى لهن جراحة إعادة توصيل (القناتين)».