على الرّغم من نجاحه في مجال تقديم البرامج، ما يزال الإعلامي طوني بارود يذكر بحسرة تجربته مع الرّياضة، يقول بأسى «الرّياضة كسرتني جسدياً ومعنوياً»، لكنّها حتماً لم تكسر طموحه، فهو يؤمن أنّ النّجاح يولد من رحم المعاناة، وأنّه ما كان ليصل إلى هذه المرحلة لو لم يحارب، ويتحدّى. ومع أنّ انطلاقته كانت من خلال التعليق الرّياضي، يعلن طوني اعتزاله التعليق لأنّ الرّياضة لا تعدو كونها موضة في لبنان، ويؤكّد أنّ برنامجه الجّديد «اكتشفنا البارود» يشكّل تتويجاً لطموحه الإعلامي.. معه كان هذا الحوار: على الرّغم من الأجواء المرحة في برنامج «اكتشفنا البارود»، لاحظنا جانباً جدّياً من شخصيّتك لم نشاهده من قبل، فهل تغيّرت توجّهاتك الإعلاميّة بعد مرحلة الزّواج والأبوّة، أم هو النّضج الإعلامي، أم ماذا؟ - بغض النظر عن حياتي الشخصية وما استجد في وضعي العائلي، كان هدفي الظّهوربهذه الشخصية منذ وقت طويل، غير أنّ طبيعة البرامج التي كنت أتولّى تقديمها لم تكن تسمح بذلك. هذا البرنامج يشبهني أكثر من أي برنامج آخر قدمته، لأنّه عفوي ومدروس ولائق، الهدف منه الإضاءة على جوانب من شخصيّات النجوم لا يعرفها الجمهور، وأكثر ما يسعدني أن يقول لي ضيفي أنه فرح بوجوده معي في البرنامج، فنحن نطرح قضايا خفيفة ومرحة، بشكل رصين ولا يزعج الضيف. تحدّثت منذ أكثر من عام عن برنامج ضخم تنوي تقديمه، فهل «اكتشفنا البارود» هو ذلك البرنامج الذي كنت تعلّق عليه الكثير من الآمال؟ - بالضّبط، وقد فوجىء بعض الزّملاء بمضمون البرنامج، لكنّي أعتبره تحدّياً كبيراً لأنّه انطلاقة جديدة لنوعيّة من البرامج لم يتطرّق إليها أحد من قبل. في تجربتك الأولى مع الفنّانين، هل لمست لديهم هذا القدر من الحساسيّة في برنامج يقوم على النّبش في أعماق الضّيف؟ - لا شك أن النجوم حسّاسون، لكننا نحن أيضا حساسون، وقد يستغرق إعداد حلقة أكثر من شهر، فنحن نحاول قدر الإمكان أن نمرّر أسئلتنا بحذر كي لا نجرح الضّيف، وأحياناً نحذف فقرات في المونتاج لمجرّد أنّ الضّيف أبدى انزعاجه منها، بغضّ النّظر عن الفائدة التي كنّا سنجنيها في حال عرضنا تلك المواقف. السكوب بالنّسبة لي مثلاً، هو ما تحدّث به الفنّان الكبير دريد لحّام عن مراحل فقره، حيث كان يضطرّ إلى شراء ملابسه من سوق الثياب المستعملة. هل تعتبر أن حديثه يجب أن يكون عبرةً للفنّانين الجّدد الّذين أدارت الشّهرة رؤوسهم؟ - هذا الفنان مرّ في حياته بمراحل، فقر، كفاح ثمّ نجاح، بينما بعض الفنّانين يصلون من دون أدنى تعب أو جهد، لذا أحسده على ما مرّ به من تجارب صقلت شخصيّته وأعطته هذا الكم من الثّقافة. معظم الفنّانين الكبار مرّوا في حياتهم بمعاناة من فقر ويتم وكفاح، برأيك هل ثمّة نجاح لا تسبقه معاناة؟ وهل يصنع الألم بالضّرورة نجاحاً؟ - بالطّبع، فأنا لا أفهم كيف يصل البعض إلى النّجاح من دون معاناة أو كفاح، أنا شخصيا لم أصل بسهولة إلى ما كنت أطمح إليه، حوربت كثيراً وعملت بالمقابل على تثقيف نفسي وصقل شخصيّتي الإعلاميّة، فالمعاناة تولد التحدي، والتحدي هو السبيل إلى النجاح، ولا تنسي أن كنت رياضياً على مدى عشرين سنة، الرّياضة كسرتني جسدياً ومعنوياً، فضلا عن الشهرة الصغيرة التي أعطتني إيّاها. لكنّك لم تأخذ حقّك كلاعب كرة سلّة، هل لا يزال هذا الأمر حسرة في قلبك؟ - نعم لكنّ الله عوّضني في مكان آخر، من التعليق على مباريات كرة السلة إلى تقديم برنامج حواري. لماذ اعتزلت التعليق الرياضي؟ - لأني قدمت في هذا الإطار ما كنت أطمح إلى تقديمه، فضلا عن أني أؤمن أن النجاح لا يأتي سوى من باب واحد، كما شعرت أن الرياضة ليست مرتكزة على أسس متينة في لبنان، بل هي مجرد موضة. برنامجك الجديد مسالم نوعا ما نسبة إلى باقي البرامج الفنية، فهل هو رد على تلك البرامج التي تهدف أولاً وأخيراً إلى تحطيم الفنّان؟ - برنامجي ليس رداً على أحد، أنا أقدم برنامجا يشبهني، وهذه هي شخصيّتي، فأنا لا أتقمّص دوراً أو أتصنّع شخصيّة لا تشبهني، في حياتي اليوميّة أنا رجل مسالم، لا أدخل في خصوصيات غيري، كل هدفي كان تقديم برنامج غير تقليدي، بعيد عن التبخير والتبجيل. مؤخرا أصبحت البرامج الفنية برامج عدائية، حيث يتعمد المذيع إلى التجريح بالضيف لإرضاء الجمهور، ما رأيك بهذه الموجة؟ - لا أعرف، ربما هذا الأسلوب يرضي حشرية المشاهد، لكن أحيانا يجرّ الحوار المذيع إلى أماكن لا يستطيع الخروج منها. لا شكّ أنّ لدى نجومنا كماً من التحفّظ تجاه أمورهم الشّخصيّة، فهل وجدت صعوبة في تخطّي هذه الحواجز، أم أنّ اسم «أل بي سي» سهّل من مهمّتك؟ - نوعيّة البرنامج شجّعت النّجوم على تقبّل الفكرة بسهولة، وأنا أقدّر قبول بعض النجوم بتصوير حلقة قبل عرض البرنامج. دائما يقال إن الفن أصبح رخيصا، فلماذا اخترت الدّخول إلى عالم البرامج الفنيّة، مع انحدار الفن إلى هذا المستوى؟ - لا تنسي أنّ البرنامج يستقبل ضيوفاً لا ينتمون إلى عالم الفن، وحتّى الفنانين الذين أستقبلهم هم نجوم في مجالهم ويتمتعون بقدر من الثقافة، وأنا أحاول إدارة الحلقة بطريقة راقية كي أقدّم إلى الجمهور صورة جميلة عن ضيوفي. تتعامل مع المشاهير من كافّة الميادين، فهل وجدت التعامل مع الفنانين أصعب؟ - طريقتنا في التعامل مع الفنانين جعلتهم يطمئنون إلينا، فضلا عن الجانب الإنساني الذي نسلط الضوء عليه، والذي يقرب الفنان من الضيف. لماذا «اكتشفنا البارود»، أليس في إطلاق اسمك على البرنامج نوعاً من النّرجسيّة؟ - أولاً أحب أن اوضج أن إدارة المحطّة هي التي اقترحت هذه التّسمية، وهذا تعبير رائج في لبنان، فنحن نكشف عن جوانب مهمة من شخصيّة الضّيف، وقد صودف أن التسمية تطابقت مع اسمي. سمعنا أنك ستستضيف عائلتك في البرنامج؟ - أتمنى أن أستضيف عائلتي وهذه ستكون الحلقة الأصعب، لأنّي أعرف كل شيء عن زوجتي وهي تعرف كل شيء عنّي وهنا يكمن التّحدّي، لكنّي لا أعرف حتماً ما إذا كانت هذه الحلقة ستعرض في نهاية البرنامج، لأنّنا لم نحدّد مدّة زمنيّة لعرضه، وقد يستمر لسنوات. على سيرة زوجتك، إلى أي مدى يصعب على الرجل الشرقي الارتباط بملكة جمال؟ - أنا رجل منفتح، وأعرف أنّي ارتبطت بكريستينا صوايا صاحبة الاسم النّظيف، وابنة العائلة المحترمة، وقد أحببت فيها الزّوجة والأم والابنة. لو لم تكن كريستينا ملكة جمال هل كنت ستتزوجها؟ - بالطبع، فأنا أحببت فيها روحها قبل أن أحب شكلها، وقد كان هدفي تكوين عائلة وليس مظاهر زائلة. الزواج هو أكثر من إعجاب، هو حياة مشتركة.