تكرر المشهد عينه الذي شاهدناه قبل ست سنوات على شاشات التليفزيون الهندي: كبار مسؤولي وزارة الدفاع الهندية يقبضون رشا ويعدون بشراء أسلحة وهمية لم يتم إنتاجها بعد.. وطاح عنذئذ عدد من الرؤوس من فيهم وزير الدفاع وعدد من الجنرالات ومستشاري وزارة الدفاع الهندية. ومرة أخرى شاهدت الهند كلها في ذهول على شاشات التليفزيون طوال يوم الاثنين كيف أن 11 نائبا تقاضوا رشا من صحفية ادعت أنها تعمل لبعض الشركات وكان المطلوب من هؤلاء النواب أن يطرحوا أسئلة معينة في البرلمان ويحصلوا على أجوبتها من الوزراء المختصين. وهذا حق من حقوق كل نائب أن يطرح الأسئلة في البرلمان ويجب على الوزراء المختصين أن يقدموا الأجوبة في مدة زمنية محدودة أمام البرلمان أو مباشرة الى النائب. إلا أنه لم يكن بحسبان أحد أن النواب يمكن أن يسقطوا الى حد تقاضي أموال لقاء طرح أسئلة تخدم أطرافا أخرى قد تكون لها صلة بقوى خارج البلاد. وقد شاهدت الهند على شاشات التليفزيون كيف تقاضى النواب مبالغ تتراوح بين عشرة آلاف روبية الى أكثر من مائة ألف روبية لقاء هذه «الخدمة» بل وطالب بعض النواب بأن تساعدهم الشركة في تمويل حملتهم الانتخابية! وطالب بعضهم برسوم سنوية لقاء هذه الخدمة مع إبداء الاستعداد بطرح أي عدد من الأسئلة خلال السنة! ويجري تصوير هذه اللقطات بواسطة كاميرات التجسس المتناهية الصغر التي يحملها الصحفي في صورة قلم أو نظارة وما شابهها. وقد دأبت مختلف القنوات الخاصة على تقديم لقطات لموظفين ومسؤولين في مختلف الإدارات الحكومية حيث تتفشي الرشوة لقاء تقديم أو تسهيل خدمات مثل إدارة الضرائب والشرطة والسجون والمستشفيات الحكومية بل وعرضت إحدى القنوات كيف أن مخرجي الأفلام يطالبون قضاء الليل مع ممثلات لقاء السماح لهن بدور في أفلامهم. إلا أن تصوير نواب وهم يتقاضون الرشا أمر غير مسبوق ويكشف عن خلل أساسي في النظام السياسي الهندي مما أدى الى قيام ضجة في الأوساط السياسية وقامت الأحزاب السياسية فورا بتجميد عضوية هؤلاء النواب كما طالبهم رئيس البرلمان (سومناث تشاترجي) بألا يحضروا الى البرلمان ريثما تجري التحقيقات التي عين لها رئيس البرلمان لجنة فور انكشاف الفضيحة. والنواب ينتمون الى مختلف الأحزاب إلا أن الغالبية هي من حزب الشعب الهندي ذي التوجهات الهندوسية المتطرفة وهو حزب لا يفتأ يتباهى بحبه للوطن وبالنزاهة إلا أن حكمه الذي دام ست سنوات قبل الحكومة الحالية قد كشف حقيقته للجميع واتضح أن زعماءه أسوأ من الآخرين في كل شئ ما عدا قدرتهم على التبجح والصراخ في كل مناسبة وغير مناسبة!!