الديدان التي تشكل عادة طعماً لصيادي الأسماك وغذاءً للطيور المبكرة تحظى هذه الأيام باحترام من علماء البيولوجيا الذين يركزون على نوع شديد المراس يستطيع أن يعيش في درجات حرارة التجمد ويبقى على قيد الحياة دون طعام حتى سنتين. وقد قدمت وكالة الطيران والفضاء (ناسا) لدانيال شاين - أستاذ البيولوجيا، منحة مالية لدراسة قدرة ديدان الجليد على العيش في مثل هذه الظروف القاسية. وقد توفر الدراسة فكرة عن كيف يمكن للحياة أن تعيش في عوالم جليدية بعيدة مثل قمر المشتري «أوروبا» وتعطي حلولاً لمشاكل أرضية كالمحافظة على الأعضاء البشرية المخصصة لعمليات الزرع بإبقائها على الثلج. ونعيش دودة Mesenhrytraeus Solifugus التي تقتات بالعضويات المجهرية داخل الشقوق الجليدية في الصفائح الجليدية للجبال الساحلية في الاسكا وكولومبيا البريطانية وولاية واشنطن في بيئة حرارتها صفر (32 درجة فرنهايت). وإذا خفضت الحرارة درجات قليلة تجمد الديدان، وإذا رفعت الحرارة درجات قليلة فإن لحمها يبدأ بالذوبان. ويقول شاين: «إذا وضعت ديدان أرضية أو أي عضوي آخر على الجليد فلا تعيش جيداً. أما ديدان الجليد فإنها تنتعش». ويضيف شاين الذي يدرس الديدان منذ عشر سنوات أن كثيرين من الناس الذين يعيشون في جبال الاسكا لم يسمعوا بالديدان التي يبلغ طولها 2,5 سم من قبل، أو يعتقدون أنها مخلوقات خيالية. ولكن إذا تمشيت على صحيفة جليدية بعد غروب الشمس بقليل ترى أن سطح صحيفة الجليد يصبح لونه رمادياً مع خروج الديدان من الشقوق إلى السطح بالملايين ولا يسعك إلا أن تراها. وفي رحلاته الابحاثية يستعمل شاين «ملعقة قديمة عادية» لالتقاط آلاف الديدان ووضعها في ثلاجة لشحنها إلى نيوجرسي. وقد أقام عالم البيولوجيا شاين الذي يسافر إلى الاسكا مرة كل سنتين، علاقات مع أطراف في المنطقة ترسل له شحنات منتظمة من الديدان اللازمة لاختباراته. ويقول شاين إن أبرز أعماله يتعلق بمادة ادينوزين تريفوسفات (ATP)، وهي موليكولة تخزن الطاقة في خلايا العضويات الحية. وتنتج معظم المخلوقات كميات أقل من هذه المادة تهبط درجات الحرارة. ولكن عندما طحن شاين ديدان الجليد وخلطها مع أنزيم يضيء استجابة لل ATP اكتشف أنه كلما بردت الدود كلما بعثت ضوءاً أكثر. ولدى شاين نظرية تقول إن الميكانية التي تنظم ATP لا تعمل في ديدان الجليد. والخطوة التالية هي تربية باكتيريا يمكن تعطيل نفس الميكانية عندها لترى ما إذا كانت قادرة على البقاء على قيد الحياة بدرجات حرارة أقل. ويقول شاين إن الناس تبدي اهتماماً بالموضوع لأن الظروف القائمة على الصفائح الجليدية تشبه كثيراً الظروف الموجودة على بعض الكواكب الباردة التي يعتقد العلماء أنها قادرة على إعانة الحياة. واكتشاف الشيء الذي يمكن ديدان الجليد من العيش سيوفر للعلماء نقطة للمقارنة إذا تم اكتشاف الحياة في عوالم جليدية أخرى، كالقمر أوروبا.