عندما يهتز شارب جون بولتون - مندوب الولاياتالمتحدة في الأممالمتحدة فإن هذا يُعد بمثابة مؤشر واضح على أنه غاضب من شيء. وقد أنصب غضبه هذه المرة على امرأة (صغيرة الحجم) كانت تعمل قاضية بالمحكمة العليا الكندية. فمفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان لويز اربور القاضية السابقة بالمحكمة العليا الكندية تحدثت علانية عن شيء يعرفه كثيرون في الأممالمتحدة لكنهم لا يتحدثون عنه علانية وهو أن الحرب الأمريكية على «الإرهاب» تنتهك الحظر الدولي على التعذيب وحقوق الإنسان. وما كادت المفوضة (58 عاماً) تنهي مؤتمرها الصحفي في مقر الأممالمتحدة حتى جرى بولتون ممسكاً بالميكروفون قائلاً بطريقة عاصفة إنه «من غير الملائم ومن غير المشروع» أن تعمد موظفة دولية إلى «التشكيك في الأسلوب الذي نتبعه في حربنا ضد الإرهاب استناداً إلى أدلة تقرأها في الصحف». ورداً على سؤال للصحفيين عما إذا كانت الحكومة الأمريكية ستذعن لطلب اربور بتفتيش سجن غوانتانامو في كوبا قال بولتون ليس ثمة ضرورة لذلك. ولو كانت اربور تريد استجلاء الأوضاع في السجن لكان حرياً بها أن تتحدث معي مباشرة في أي وقت بدلاً من أن تتحدث إلى الصحفيين. جدير بالذكر أنه منذ مدة طويلة لم يشتبك مسئول بارز مع الولاياتالمتحدة على نحو ما فعلت اربور هذا الأسبوع. وعادة ما تكون الانتقادات لواشنطن خافتة ربما مخافة أن تحجب الولاياتالمتحدة عن المنظمة الدولية حصتها الكبيرة في ميزانيتها. لكن اربور ليست سياسية ولا دبلوماسية فهي قاضية وقد أصدرت بصفتها رئيسة الإدعاء في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي عرائض الاتهام ضد شخصيات ذات نفوذ قوي مثل الرئيس اليوغسلافي سلوبودان ميلوسيفيتش حتى وهو لا يزال في الحكم. وجاءت انتقادات اربور للسياسات الأمريكية قبل الاحتفال بالذكرى السنوية لتبني الأممالمتحدة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 والتي حلت يوم السبت. وقالت اربور إن الولاياتالمتحدة تريد «خلق مناطق عازلة قانونية» عبر سجن غوانتانامو. وأن الحرب على الإرهاب تستغل بشكل متزايد كعذر لتجاهل الحظر على التعذيب. كما هاجمت بشدة الدفوع الأمريكية بأن بنود معاهدة الأممالمتحدة المناهضة للتعذيب لا تنطبق عندما يتم الاستجواب خارج أراض أمريكية. وأشارت إلى أن 45 من الدول أعضاء الأممالمتحدة لم تصدق على المعاهدة الأمر الذي يجعل من كل هذه البلاد مكاناً يمرح فيه عملاء المخابرات الأمريكية بوصفها أماكن يمكن فيها استخدام الوسائل التي تحظرها المعاهدة. أضافت قائلة إنه إذا كانت كل الوسائل مبررة باسم الأمن فإن العالم قد يتحول إلى مكان «لا نشعر فيه بأمن أو حرية». وجاءت انتقادات اربور في وقت تقوم فيه وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس بجولة في أوروبا للدفاع عن السياسات الأمريكية التي يتردد أنها تقوم بإرسال أو تسليم عناصر يشتبه أنها إرهابية إلى سجون سرية في بلدان ثالثة بعضها في شرق أوروبا. وقالت اربور إن للظاهرة «تأثيرا هداما على الحظر الدولي على التعذيب والمعاملة الوحشية وغير الإنسانية للبشر».