توقع تقرير اقتصادي مصرفي سعودي أن ترتفع الإيرادات الحكومية السعودية للعام 2005 إلى حدود 520 بليون ريال مقارنة ب 393 بليون ريال خلال العام الماضي، بنسبة ارتفاع تصل إلى 40٪. وأوضحت النشرة الاقتصادية الصادرة عن البنك السعودي البريطاني أن هذه الزيادة في الإيرادات الحكومية ستحقق فائضاً يقدر بنحو 180 بليون ريال سعودي، فيما سترتفع المصروفات الحكومية إلى حدود 330 بليون ريال، في الوقت الذي يتفق فيه المحللون الاقتصاديون إلى أن خام غرب تكساس سيحافظ على مستوى سعره ليبقى أعلى بكثير من 50 دولاراً للبرميل الواحد للفترة المتبقية من 2005 وعام 2006م. حيث تتوقع وكالة معلومات الطاقة أن يبلغ متوسط سعر خام غرب تكساس 55 دولاراً للبرميل الواحد حتى نهاية عام 2006، كما تتوقع أن تبلغ أسعار البترول الخفيف أكثر من 60 دولاراً للبرميل الواحد، وهي مؤشرات تصب في مصلحة الحكومة السعودية حيث ستعينها على الوفاء بميزانياتها المتعلقة بالمصروفات والرعاية الاجتماعية، بل وستدفع بها أيضاً إلى دعم الثقة بالقطاع الخاص غير البترولي، وما يلحق ذلك من زيادة في عقود القطاع العام ونمو السيولة. وأكد التقرير على اتفاق جميع المحللين على أن هناك تغييرات أساسية تشهدها أسواق البترول، حيث ان القوى الفعلية في السوق هي القوى المؤثرة حالياً في الأسواق من حيث فرض الأسعار وحجم الإنتاج، مع وجود تأثير أقل أهمية للقوى النفسية، إذ ان الميزان الفعلي بين العرض والطلب هو العنصر المتحكم وليس ردود الفعل والمضاربة على الأحداث السياسية أو على خلاف الاتحادات التجارية أو حتى الأعمال الإرهابية. وإذا كان مستوى الطاقة الإنتاجية الإضافية قد كان هامشياً خلال الأشهر السابقة فإن الإمكانية الوحيدة لتوفير طاقة إنتاجية كبيرة تكمن في الاعتماد على السعودية والتي تستطيع توفير طاقة إنتاجية إضافية تقدّر بنحو 1,4 مليون برميل يومياً عند الضرورة، فيما تدل المؤشرات إلى أن وفي حال بقي الطلب على البترول مرتفعاً ومرشحاً للنمو فإن أسعار النفط مرشحة للارتفاع إلى مستويات أعلى من المستوى الحالي مع نهاية الربع الأخير من العام 2005 والربع الأول من 2006. وعلى ذات الصعيد يرى التقرير أن المنتجين من خارج منظمة أوبك غير قادرين في الوقت الحالي على زيادة حجم طاقاتهم الانتاجية، حيث تتوقع وكالة معلومات الطاقة أن لا تزيد الطاقة الإنتاجية الإضافية المحتملة عن 0,8 مليون برميل يومياً، مما يترك عجزاً وقدره 1,2 مليون برميل يومياً لسدّه بواسطة أوبك ما لم ينخفض الطلب على البترول بطريقة ما، علماً بأن إنتاج دول خارج منظمة أوبك خلال عام 2006 يكفي فقط لمقابلة النمو المتوقع في الطلب من جانب الصين وحدها. ويلفت التقرير أنه وعلى الرغم من تلك المؤشرات الإيجابية إلا أن قطاع البترول لا يمكن أن يحقق مستويات أعلى بكثير خلال عام 2006 من تلك التي حققها في العام الحالي، إذ ان من غير المحتمل أن يتوسع الإنتاج البترولي بشكل كبير في عام 2006 حيث تمثل الطاقة الكاملة نمواً بنسبة 14٪ عن مستويات الإنتاج الحالية، وفي حال بقيت أسعار البترول كما هي عليه في الوقت الحاضر فإن نمو قطاع البترول قد يكون أقل بكثير من الناحية الفعلية والاسمية. وعلى الرغم من أن قطاع البترول الذي يتبع الأسواق العالمية وتطوراتها وميزان العرض والطلب، فإن معظم القطاعات تتبع اتجاهاً محدداً للنمو، والذي يختلف طبقاً للتغيرات في أسواق البترول، حيث ان قطاع البترول ورغماً عن تراجع أهميته بالنسبة للهيكل العام للناتج المحلي السعودي إلا أن تأثيره لا يزال أساسياً بالنسبة لازدهار العديد من القطاعات الأخرى، ويتضح تأثير ذلك في الإيرادات الحكومية ومستوى واتجاهات المصروفات الحكومية، فضلاً عن العلاقة المتبادلة بين ازدهار سوق البترول وثقة المستهلكين والثقة في بيئة العمل، هذا بالإضافة إلى انعكاسات البترول على مستوى السيولة وبالتالي توفر التسهيلات الائتمانية بتكلفة منخفضة في القطاع المصرفي لتمويل تطوير القطاع الخاص، والذي يتأثر عادة بالفائض أو العجز المالي، حيث ان ارتفاع الفائض المالي يحد من الاقتراض الحكومي بما يمكن من توجيه المزيد من التمويل نحو القطاع الخاص. وتتضح تلك الرؤية من خلال مقارنة أداء نمو مختلف القطاعات خلال الفترات الزمنية السابقة، إذ ان إيرادات البترول خلال فترة 2001 - 2002، كان منخفضاً نسبياً، أما الفترة 2003 - 2004 فقد شهدت ارتفاعاً في الفائض المالي والمصروفات الحكومية بشكل نسبي، حيث بلغ متوسط نمو القطاع الخاص غير البترولي 6,1٪ مقارنة بنسبة 3,9٪ خلال فترة 2001 - 2002، وبلغ نمو القطاع الحكومي 7,6٪ مقارنة بنسبة 2,6٪ في فترة 20022001، مما يدل على أن ارتفاع مستوى الصادرات البترولية مقروناً بارتفاع أسعار البترول له تأثير كبير على أداء نمو بقية القطاعات الاقتصادية، مع التأكيد على أن تأثير نمو القطاع البترولي ما لم يكن مقروناً بنمو مستوى الإنتاج والأسعار يبقى تأثيراً محدوداً، ففي حال تعذّر مواصلة مستوى نمو عام 2003 في عام 2006 بسبب مستويات القدرة الإنتاجية المعتمدة حالياً والتي تحتاج زيادتها لمزيد من الوقت؛ فإن من غير الممكن أن يشهد عام 2006 تحقيق زيادة فعلية بأكثر من 17٪ في القيمة المضافة لقطاع البترول كما في عام 2003. وفيما يستبعد التقرير أن تحدث خطة التنمية الثامنة التي أقرتها الحكومة السعودية مؤخراً أي تغيير في اتجاهات السياسات الاقتصادية التي تواصلت على مدى الثلاثين سنة الماضية، فإنه يرى أن من غير المحتمل حصول تغيرات مفاجئة في أهداف التنمية الخاصة بالقطاعات الاقتصادية بالمملكة. في الوقت الذي يؤكد فيه التقرير على أن انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية سيعزز من الأهداف المرجوة من التحرر الاقتصادي، حيث سيؤدي ذلك الانضمام على المدى البعيد إلى فتح الأسواق لمزيد من المنافسة وزيادة الفعالية، وفتح الأسواق الأجنبية للمصدرين السعوديين، وإلى دعم الجهود السابقة في تنشيط الاستثمار عبر تسهيل أنظمة الاستثمار الأجنبي ومنح الحوافز الاستثمارية التي ساهمت سابقاً في إصدار المزيد من تراخيص الاستثمار الأجنبي. واستعرض التقرير تطور أداء القطاعات الاقتصادية في المملكة خلال السنوات الماضية وحتى عام 2005، حيث خلص إلى سلسلة من الاستنتاجات التي كان من أبرزها استمرار النمو المتواضع للقطاع الزراعي حيث تراوحت معدلات نمو القطاع بين 1٪ و2,1٪ كما شهدت المملكة تقلباً كبيراً في نمو القيمة المضافة في قطاع البترول خلال هذه الفترة وتراوحت ما بين نمو سلبي في عام 2001 بنسبة -4,21٪ إلى نمو إيجابي مرتفع في عام 2004م بلغ 35,1٪ في حين بلغت مساهمة قطاع البترول في إجمالي الناتج المحلي حتى عام 2004م 394 بليون ريال مقارنة بأقل من 227 بليون ريال في عام 2001م. وألمح التقرير أن ذلك النمو كان له أثر إيجابي أيضاً بالنسبة لقطاع التصنيع خلال السنوات الأخيرة، حيث ارتفع في عام 2003 بنسبة 18,2٪ محققاً نمواً إضافياً بنسبة 10,1٪ في عام 2004 لترتفع القيمة المضافة لهذا القطاع من 68 بليون ريال سعودي في عام 2000 إلى 95 بليون ريال في عام 2004 أي بنسبة 40٪. وكما هو الحال بالنسبة لقطاع التصنيع فقد كان أداء بعض القطاعات الأخرى جيداً كذلك وإن لم يكن بنفس النسبة، حيث تشير البيانات الرسمية إلى أن قطاع الإنشاءات حقق خلال عام 2004 نمواً بنسبة 8,5٪، ونما قطاع تجارة الجملة والمفرق بنسبة 7,9٪، وقطاع النقل بنسبة 7,4٪، وقطاع التمويل والعقارات بنسبة 6,3٪، والكهرباء والماء بنسبة 5,4٪، حيث سجل معدل نمو تلك القطاعات نسبة تزيد عن 50٪ مقارنة بالفترة من 2000 - 2002م. وفيما يتعلق باتجاهات مكونات مصروفات إجمالي الناتج المحلي يخلص التقرير إلى أن نمو الإنفاق الاستهلاكي منذ عام 2000 قفز من 441 بليون ريال ليصل إلى 501 بليون ريال خلال عام 2004 بنسبة نمو بلغت 14٪ وفقاً للأسعار الحالية، في حين نمت المصروفات الحكومية الاستهلاكية بنسبة 19٪، في حين نما الاستهلاك الخاص النهائي خلال السنوات الخمس بنسبة9,4٪. ويشير التقرير كذلك إلى ارتفاع المصروفات الرأسمالية من 123 بليون ريال في عام 2000 لتصل إلى 163 بليون ريال في عام 2004، بزيادة تقدر بنحو 32٪، كما ارتفع نمو الواردات من 175 بليون ريال في عام 2000 إلى 234 بليون ريال لغاية نهاية عام 2004 محققاً زيادة بلغت 33٪ وعلى الرغم من نمو الاستهلاك خلال هذه الفترة إلا أن المؤشرات كانت مطمئنة للغاية، حيث إن الاستهلاك لم يصل إلى الحد الذي يمكن وصفه بطفرة المصروفات الاستهلاكية الخاصة، في الوقت الذي قابل ذلك الاستهلاك نمواً إيجابياً في التشكيلات الرأسمالية السنوية الثابتة الدائمة، ونمو قيم الصادرات من 308 بلايين ريال في عام 2000م لتصل إلى 490 بليون ريال في عام 2004 محققة زيادة بلغت 60٪.