كشفت دراسة بحثية صدرت عن كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز للقيم الأخلاقية، بجامعة الملك عبدالعزيز عنوانها "دور الأسرة السعودية في تعزيز القيم الأخلاقية، والمعوقات التي تواجهها"، قدمتها الباحثة السعودية الدكتورة غادة بنت عبدالرحمن الطريف. بأن نسبة (2,49 من 3 ) من العينة، أكدوا وجود معوقات ذاتية تواجه الأسرة في عملية تعزيز القيم، بينما ارتفعت نسبة الذين أكدوا وجود معوقات مجتمعية إلى (2,51 من 3). كما أوضحت بأن أفراد العينة موافقون على أهمية الدور الوقائي بمتوسط (2,49 من 3). أما عن الدور العلاجي فكانت نسبة المقرين بأهميته (2,41 من 3). ونفس النسبة للموافقين على الدور الإنمائي للأسرة في تعزيز القيم. وأكد الدكتور سعيد بن أحمد الأفندي المشرف على كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز للقيم الأخلاقية "الرياض" بأن الأسرة السعودية في الماضي، كانت الطرف الوحيد المنوط به إكساب الأفراد سلَّم القيم الأخلاقية، بينما هي اليوم تعاني من تدخل أطراف عديدة، تنازعها وظيفتها الرئيسية، وتسبب لها صعوبات في تأدية دورها في غرس القيم. وتلاحظ الباحثة بأن مكونات المجتمع قد طرأت عليها تغيرات كبرى، ففي الماضي كانت الأسر نسخ متشابهة حد التطابق أحياناً، بينما الأسرة الحديثة اليوم فهي تمتاز بالتنوع، بسبب دخول عناصر جديدة في نسيجها، كالمربية، والتلفاز، والملتيميديا.. والتي تختلف أشكال ودرجات تأثيرها في الأفراد، وتعيق الأسرة في وظيفتها التقليدية. وترى الباحثة بأن التغيرات التي طالت الأسرة السعودية، فرضت أنماطاً جديدة لتربية الطفل، حيث خفَّت حدة الصرامة، والشدة، والحزم، وفرض العقاب، وزاد الاتجاه نحو التسامح، والتدليل، وقبول أنشطة لم تكن مقبولة سابقاً. وتشير الدكتورة غادة الى أن الأساليب التي يمكن أن تلجأ إليها الأسرة السعودية لغرس القيم متعددة: كالعبادات، والقدوة والمثل الأعلى (الوالدين، المعلمين، الأقارب، الأصدقاء)، والحوار، والقصص التعليمية، واللجوء لأسلوب الترغيب والترهيب، وأخيراً الوعظ. واحدثت التغيرات المتسارعة التي تواجهها الأسرة السعودية هزة عنيفة في وظائفها الحيوية، وتراجعاً في قدرتها على تأدية مهامها التربوية. وحصرت الدراسة التحولات التي طرأت على واقع الأسرة السعودية في: التغيُّر في شكلها من أسرة ممتدة إلى أسرة صغيرة "نووية". والتحسُّن الملحوظ في مستواها الاقتصادي، والصحي، والتعليمي. أيضا بروز ظاهرة الهجرة من الأرياف إلى المدن. وتقلُص دور الأم في التنشئة بعد خروجها للعمل، وتفشى "ظاهرة المربيات" في غالبية الأسر. - أما التغيرات الأقوى، فهي تلك التي عصفت بالمجتمعات المحلية في العقدين الأخيرين، من اكتساح لثورة المعلومات والاتصالات، محولة العالم إلى قرية كونية، يهيمن عليه مثل عالمي نافذ، إعلامياً، وثقافياً، وفنياً، وقيمياً!! متجاوزاً خصوصيات المجتمعات المحلية، ما دعا الأخصائيين الاجتماعيين لإطلاق صرخات التحذير، خشية حصول تدهور قيمي خطير، يهدد كيان المجتمعات المحلية!! وانتشار دعواتهم عبر وسائل الإعلام، بضرورة التمسك بالخصوصية الثقافية والأخلاقية، وتجنب الانصهار في تيار العولمة. وتحاول الدراسة إعادة الاعتبار لدور الأسرة في تربية الفرد، وتؤكد على أهمية زرع السلم القيمي لديه في مرحلة الطفولة المبكرة، كما تحدد المعوقات التي تعترض وظيفة الأسرة التربوية والأخلاقية، وخرجت الدراسة بتوصيات تمحورت حول دعوة الأسرة السعودية إلى استعادة دورها عبر القنوات والأساليب التالية: أهمية التعاون بين الأسرة وكافة مؤسسات ووسائط التنشئة الاجتماعية، كالمدرسة، والمسجد، ووسائل الإعلام. ضرورة التحاور مع الأبناء ومشاركتهم أنشطتهم واهتماماتهم. أهمية الاعتناء بالأبناء، وتلبية احتياجاتهم، ورعايتهم، بما يعود عليهم بالنفع والفائدة، كإقامة النوادي الرياضية والثقافية، والمخيمات الصيفية. اتِّباع أساليب التربية المعتدلة، بعيداً عن الغلظة، والجفاء، والإهمال، والتدليل. الاستفادة من الأبحاث العلمية التي تمكن الأسرة من القيام بدورها على الوجه المطلوب. تقوية معاني العقيدة الإسلامية، وترسيخها لدى الأبناء منذ الصغر. تعليم الأبناء وتعويدهم على التمسك بالقيم مبكراً، فهذا ينمي الرقابة الذاتية لديهم. ضرورة تصدي الأسرة للأفكار والنظريات الملوثة للقيم الأخلاقية، وبيان القيم الصحيحة، وزرعها في نفوس الأبناء، لتتحول إلى اتجاهات سلوكية إيجابية. استخدام مبدأ الثواب والعقاب في غرس القيم، وهو مبدأ أصيل في الإسلام.