تعتبر الفواكه والخضار من المواد الغذائية سريعة الفساد، وهذا الفساد يؤثر على القيمة الغذائية لها مما يؤدي إلى فقدان العديد من العناصر الأساسية مثل الفيتامينات والمعادن، وبذلك تقل قيمتها الغذائية، وكما نعلم أن هناك العديد من الخطوات التي يمكن أن يراعيها كل من المستهلك والمنتج والتاجر للحد من فساد هذه المواد الغذائية والمحافظة عليها. هذا الموضوع يتكلم عنه كل من الدكتور راشد العبيد أستاذ البساتين المشارك والدكتور محمد حرحش الأستاذ المشارك في جامعة الملك سعود، حيث يبدأ الدكتور العبيد ويوضح: الفاكهة والقيمة الغذائية بداية يقول د.راشد العبيد: تعد الفواكه من الأطعمة النباتية المهمة في تغذية الإنسان مثل غيرها من المنتجات الزراعية الأخرى كالخضار والحبوب. وتعتبر الفواكه من الأطعمة المرغوبة لدى الإنسان والمحببة إلى جميع الشعوب على مختلف أجناسهم وأعمارهم، وقد ذكرت في القرآن الكريم في أكثر من موضع لبيان فضلها ومكانتها، حيث ورد ذكرها بأنها من أشجار الجنة بل إنها مما يتخيره أهل الجنة من الأطعمة و{فاكهة مما يتخيرون} سورة الواقعة. إضافة إلى ذلك فقد وردت أسماء أشجار الفاكهة في القرآن الكريم أكثر من غيرها من النباتات الأخرى وفي مواضع عديدة. لذا اهتمت الدول والمجتمعات بأشجار الفاكهة من حيث الزراعة والإنتاج والتصنيع والاستهلاك، وخاصة الدول المتحضرة. وفي السنوات الأخيرة توسعت زراعة أشجار الفاكهة في المملكة ودخلت أنواع وأصناف جديدة أثبتت نجاحها من حيث الإنتاج الوفير والجودة العالية كالحمضيات والفواكه التفاحية والخوخ والمشمش والبرقوق والمانجو بالإضافة إلى الفواكه المعروفة منذ القدم كالتمور والعنب والتين والرمان. ومن نعم الله على هذه البلاد أن أسواقها مليئة بأنواع كثيرة من الفواكه بعضها معروف لدى المجتمع والبعض الآخر غير معروف والحمد لله على ذلك. وقال: ومن الأمور المهمة التي يجب التنبيه لها هي المحافظة على خواص هذه الثمار لأطول فترة ممكنة وهذا يتطلب العناية بسلسلة من العمليات المتتالية تبدأ من الحقل وتنتهي باستهلاك المنتج. لذا يمكن القول بأن طول فترة صلاحية الثمار تعتمد على اهتمام كل من المزارع والتاجر والمستهلك بهذه السلعة، وأن حدوث أي تقصير أو خطأ يترتب عليه سرعة تدهور الثمار وعدم صلاحيتها للتسويق أو الاستهلاك. فالمزارع الذي يكون عادة مسئولاً عن الإنتاج يجب عليه الحرص على إنتاج ثمار ذات مواصفات جيدة، وذلك عن طريق العناية بالعمليات الزراعية الأساسية وخدمة الأشجار من ري وتسميد ومكافحة للآفات وغيرها، كما يجب الاهتمام بعملية الحصاد وجمع المحصول من حيث الموعد والطريقة الملائمة لما لهما من تأثير مباشر على صلاحية الثمار للتسويق والتخزين والاستهلاك، فكثير من الثمار المنتجة بشكل جيد تفقد أهميتها الاقتصادية عند عملية الحصاد بسبب عدم معرفة العمال بالطريقة الصحيحة لقطاف الثمار فيزيد حجم الفاقد الكلي للمحصول وبالتالي ارتفاع خسارة المزارع. النقل والتداول وأضاف العبيد كما تؤثر عملية تداول ونقل الثمار من مكان إلى آخر على صلاحيتها للتخزين، فالملاحظ أن كثيراً من المنتجين (المزارعين) والتجار لا يحرصون على تعبئة المحصول في العبوات الملائمة ولا بالكميات المناسبة، كما أنهم ينقلون المنتجات الزراعية بواسطة وسائل نقل غير معدة لهذا الغرض، كما أن مراكز التسويق وخاصة أسواق الجملة غير مهيأة لاستقبال السلع الزراعية ونقصد بذلك تهيئة الظروف البيئية اللازمة من درجة الحرارة والرطوبة إذ تتعرض الثمار للحرارة المرتفعة و أشعة الشمس المباشرة والهواء الجاف مما يسبب سرعة تدهورها ويفقدها الكثير من الصفات الجيدة علاوة على ما تتعرض له الثمار وخاصة الطرية منها إلى الجروح والتشوهات المختلفة وهذا بدوره يقلل من قيمتها الشرائية ويزيد من عيوب الثمار أثناء التخزين. ولكي تحتفظ ثمار الفاكهة والخضار بصفاتها الطبيعية والكيميائية الجيدة، لا بد من استخدام وسائل النقل المبردة، وكذلك أماكن التسويق المزودة بمستودعات ذات مواصفات تخزينية مناسبة لكل نوع من أنواع الثمار، فالثمار اللينة مثل التين والعنب والرطب والمانجو والخوخ والمشمش تعتبر من الثمار سريعة التلف التي تتأثر كثيراً بعملية النقل والتداول مقارنة ببعض الثمار مثل البرتقال والتفاح والرمان التي تكون أكثر تحملاً. واقع النقل وقال د. العبيد والملاحظة في بلادنا - باستثناء بعض الشركات الزراعية - أن أغلب المنتجات الزراعية تنقل بنفس الوسيلة وتعرض للمشتري تحت نفس الظروف دون تفريق بين محصول وآخر بالرغم من اختلاف الظروف المطلوبة لكل منها عن الآخر، وهذا يعتبر جهلا كبيرا لما يسببه هذا التصرف من أضرار على الثمار بالرغم من الجهد والوقت والتكاليف التي بذلت في عملية الإنتاج. من هنا تأتي أهمية خدمة المحصول قبل وبعد الحصاد وعملية تخزين الثمار ومعرفة أفضل الطرق والظروف التي يمكن أن تحافظ على مواصفات السلع الزراعية لأطول فترة ممكنة وتحقق الفائدة لكل من المزارع والتاجر والمستهلك دون أن يتضرر أي منهم. وقد قرأنا وسمعنا في وسائل الإعلام أن البنك الزراعي يقدم دعماً لسيارات النقل المبرد الخاصة بالمنتجات الزراعية، وهذه خطوة مباركة يشكرون عليها مع أنها جاءت متأخرة نوعاً ما، والخطوة الأخرى التي من المفروض أن تكون موجودة منذ زمن بعيد في أسواق الخضار هي المستودعات الخاصة بتخزين المحاصيل الزراعية، حيث يمكن التحكم في درجات حرارتها ورطوبتها النسبية وهذا الأمر من مسئوليات أمانات وبلديات المدن والمحافظات بحيث يتم إنشاؤها وتأجيرها على المزارعين والتجار الراغبين في تسويق سلعهم بالطرق العلمية الصحيحة والتي يمكن أن تساهم في تقليل مشاكل المزارعين الذين ترتفع أصواتهم دوماً منادين بإنقاذهم من الخسائر بسبب التسويق الزراعي. تغيرات ويوضح كذلك الدكتور محمد حرحش ما يحدث للثمار من تغيرات ويقول: إن الثمار الطازجة للخضر والفكهة، وكذلك نباتات الزينة أنسجة حية بعد القطف ومن ثم فهي عرضة لتغيرات كثيرة بعد الحصاد وبعض هذه التغيرات مرغوب فيها بينما أغلبها غير مرغوب فيه من وجهة نظر المستهلك. ويجب توضيح أن التغيرات التي تحدث في هذه التركيبات البستانية بعد القطف لا يمكن منعها، ولكن يمكن الإبطاء من حدوثها وفي حدود معينة. كما هو معروف أن مرحلة الشيخوخة هي آخر مراحل تطور الأعضاء النباتية وفي خلال هذه المرحلة تحدث عدة تغيرات غير عكسية تؤدي في النهاية إلى انهيار الخلايا وموتها. رطوبة الثمار وأضاف قائلاً: أن الحاصلات البستانية الطازجة تحتوي على نسبة عالية من الرطوبة قد تصل إلى أكثر من 90٪، ولذلك فهي عرضة لفقد الماء والذبول والكرمشة والأضرار المكيانيكية، كما تتعرض للإصابة بالفطريات والبكتيريا مما يؤدي إلى تدهورها مرضياً. ويؤدي تدهور الحاصلات البستانية بعد القطف إلى حدوث فاقد كمي ونوعي فيها وقدرت بعض الدراسات أن الفاقد من الدول المتقدمة يبلغ 5 - 25٪ ويتراوح بين 20 - 50٪ في الدول النامية حسب نوع المحصول وهذا الفاقد يشمل فقدا في كمية المحصول وصفات الجودة والقيمة الغذائية. ولذلك يجب العمل على التقليل من نسبة الفاقد وتدهور المحاصيل البستانية بعد القطف. عوامل بيولوجية وحول العوامل البيولوجية التي تؤثر على تدهور الثمار قال إنها تتمثل فيما يلي: 1- التنفس: وهو العملية المتكاملة التي يحدث عن طريقها هدم المواد العضوية المخزنة (الكربوهيدرات - البروتين - الدهون) إلى مواد بسيطة مع انطلاق الطاقة ويؤدي استهلاك المخزون من المواد الغذائية في الأنسجة الحية نتيجة التنفس إلى إسراع الشيخوخة وانخفاض القيمة الغذائية ومستوى الجودة والنكهة. 2 - إنتاج الإيثيلين: وغاز الإيثيلين هو ناتج طبيعي لعمليات التمثيل الغذائي في النبات ويعتبر الهرمون الطبيعي الخاص بعمليات النضج والشيخوخة. 3 - التغير في المكونات: أ - فقد صبغة الكلورفيل الخضراء مرغوب في الثمار وغير مرغوب في محاصيل الخضر الورقية والخيار مثلاً. ب - ظهور الصبغات البرتقالية الكاروتينات مرغوبة في ثمار المشمش - الخوخ - الحمضيات، كما أن تلوين الطماطم باللون الأحمر (صبغة الليكوبين) وهذه الصبغات لها قيمة غذائية فهي منشأ فيتامين أ. ج - التغير في صبغات الانثوسيانين وبعض المواد الفينولية: قد يؤدي إلى تلوين الثمار باللون البني وهو غير مرغوب فيه من وجهة نظر المستهلك والمظهر العام للثمار. د - تحول النشا إلى سكر: وهو تغير مرغوب يحدث في الثمار مع تقدم النضج ونفس التحول في البطاطس عند التخزين على درجات حرارة منخفضة هذا غير مروغب فيه. ه - التغير في المواد البكتينية غير الذائبة إلى مواد بكتينية يؤدي إلى فقد الثمار لصلابتها وبالتالي سهولة إصابتها بالأضرار الميكانيكية وانتشار الأمراض. 4- النمو: وهو عمليات التزريع التي تحدث في البطاطس والبصل والثوم وبعض المحاصيل الجذرية تؤدي إلى انخفاض القيمة الاستهلاكية وتسرع من تدهورها. 5 - فقد الماء: ويعتبر فقد الماء من أهم الأضرار التي تؤدي إلى فساد وتدهور الحاصلات البستانية، حيث يحدث فقد في الوزن والجودة فهو يؤدي إلى الكرمشة والذبول وسوء المظهر كما يؤثر على القوام وليونة الثمار. وأضاف: ومن ذلك سادساً وهو التدهور الفسيولوجي، حيث تعرض الحاصلات البستانية إلى درجات حرارة غير ملائمة يؤدي إلى تدهورها وظهور أضرار فسيولوجية منها: أ - ضرر التجمد: ويحدث نتيجة تعرض المحصول إلى درجة حرارة أقل من نقطة تجمدها. ب - البرودة: ويظهر في المحاصيل الحساسة للبرودة وخاصة المحاصيل الاستوائية وتحت الاستوائية، وأعراض أضرار البرودة كسوء التلوين على سطح الثمار، والتلوين البني - التنقر، البقع المائية في الأنسجة الداخلية. ج - ضرر الحرارة العالية: وينتج عن تعرض الثمار إلى أشعة الشمس المباشرة ويظهر الضرر على شكل إزالة لون بعض الأنسجة - احتراقات سطح الثمرة - عدم انتظام النضج - ليونة الأنسجة. 7 - الأضرار الطبيعية: ومن الأضرار الطبيعية الكدمات والاهتزازات وهي من أهم عوامل التدهور في الحاصلات البستانية، حيث تؤثر على المظهر بالإضافة إلى زيادة فقد الماء وسهولة الإصابة بالكائنات الحية الدقيقة. 8 - التدهور المرضي: من أهم أسباب تدهور الحاصلات البستانية بعد القطف تعرضها للإصابة بالفطريات والبكتيريا. عوامل بيئية وعن العوامل البيئية التي تؤثر على تدهور الحاصلات البستانية قال حرحش: إنها أولاً الحرارة، حيث تعتبر أهم العوامل البيئية التي تؤثر على تدهور الحاصلات البستانية بعد القطف والمعروف أن كل زيادة في درجة الحرارة عن الدرجة المثلى قدرة 10م يؤدي إلى تضاعف معدل التدهور من 2 - 3 مرات كما أنها تؤثر على سرعة التفاعلات الحيوية كالتنفس وعوامل الهدم. 2 - الرطوبة النسبية: وانخفاض الرطوبة النسبية يزيد من فقد الماء، وبالتالي نقص الوزن وانخفاض الجودة وتؤدي الرطوبة المرتفعة إلى تشجيع نمو الفطريات. 3- الضوء: يؤدي الضوء إلى الاخضرار في درنات البطاس وتكوين مادة السولاتين السامة. ٭ أستاذ البساتين المشارك - جامعة الملك سعود