إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    تميز المشاركات الوطنية بمؤتمر الابتكار في استدامة المياه    الملك يضيف لؤلؤة في عقد العاصمة    إطلاق أول «بودكاست» في المسؤولية المجتمعية    اجتماع قادة الصناعة المالية الإسلامية في اللقاء الاستراتيجي الثاني لمناقشة الابتكار المستدام    أنا ووسائل التواصل الاجتماعي    الذكاء الاصطناعي والإسلام المعتدل    الفيحاء يواجه العروبة.. والأخدود يستقبل الخلود.. والرياض يحل ضيفاً على الفتح    وزير الرياضة: دعم القيادة نقل الرياضة إلى مصاف العالمية    نيمار يقترب ومالكوم يعود    التركي: الأصل في الأمور الإباحة ولا جريمة ولا عقوبة إلاّ بنص    النضج الفكري بوابة التطوير    برعاية أمير مكة.. انعقاد اللقاء ال 17 للمؤسسين بمركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة    نور الرياض يضيء سماء العاصمة    قيصرية الكتاب تستضيف رائد تحقيق الشعر العربي    الشائعات ضد المملكة    الأسرة والأم الحنون    سعادة بطعم الرحمة    بحث مستجدات التنفس الصناعي للكبار    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالريان يُعيد البسمة لأربعينية بالإنجاب بعد تعرضها ل«15» إجهاضاً متكرراً للحمل    في الجولة الخامسة من يوروبا ليغ.. أموريم يريد كسب جماهير مان يونايتد في مواجهة نرويجية    خادم الحرمين الشريفين يتلقى رسالة من أمير الكويت    بهدفين في الدوحة| الاتفاق ينفرد بالصدارة عبر بوابة العربي القطري    قمة آسيا للذئاب    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    باحثة روسية تحذر الغرب.. «بوتين سيطبق تهديداته»    سعود بن بندر يستعرض إستراتيجية «تطوير الأحساء»    الزميل رابع يحتفل بزفاف إبنه د. صالح    الزميل العويضي يحتفل بزواج إبنه مبارك    احتفال السيف والشريف بزواج «المهند»    إشادة أوروبية بالتطور الكبير للمملكة ورؤيتها 2030    أكدت رفضها القاطع للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.. السعودية تدعو لحظر جميع أسلحة الدمار الشامل    "الأدب" تحتفي بمسيرة 50 عاماً من إبداع اليوسف    60 صورة من 20 دولة للفوتوغرافي السعودي محتسب في دبي    المملكة ضيف شرف في معرض "أرتيجانو" الإيطالي    تواصل الشعوب    ورحل بهجة المجالس    تقليص انبعاثات غاز الميثان الناتج عن الأبقار    التويجري: السعودية تُنفّذ إصلاحات نوعية عززت مبادئها الراسخة في إقامة العدل والمساواة    دشن الصيدلية الافتراضية وتسلم شهادة "غينيس".. محافظ جدة يطلق أعمال المؤتمر الصحي الدولي للجودة    إعلاميون يطمئنون على صحة العباسي    «مساعد وزير الاستثمار» : إصلاحات غير مسبوقة لجذب الاستثمارات العالمية    اكتشاف الحمض المرتبط بأمراض الشيخوخة    مشروعات طبية وتعليمية في اليمن والصومال.. تقدير كبير لجهود مركز الملك سلمان وأهدافه النبيلة    أمير الرياض يرفع الشكر والتقدير للقيادة على إطلاق «مشروع قطار الرياض»    ميقاتي يحذر النازحين من العودة السريعة.. وإسرائيل تعلن اعتقال 4 من حزب الله    وزير الرياضة : 80 فعالية عالمية زارها أكثر من 2.5 مليون سائح    البنيان: رصدنا أكثر من 166 مشروعا تعليميا في 2025    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    الشتاء يحل أرصادياً بعد 3 أيام    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    هؤلاء هم المرجفون    اكتشاف علاج جديد للسمنة    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القبائل الجنوبية: ألغاز بشرية من مجاهل الأدغال!!
( الرياض ) ترصد خارطة السلالة القبلية في الجنوب السوداني..
نشر في الرياض يوم 29 - 11 - 2005

لعشرات السنين ظل الخلاف القبلي والإثني والعرقي احد اسباب اندلاع النزاعات الدموية في كثير من مناطق العالم.
ولان التنوع العشائري حاضر بشكل كبير في جنوب السودان فإن ثقافة المنافسة موجودة بقوة ايضاً.. بعدما فرضتها البيئة القاسية وضيق الفرص المتاحة للاستفادة من الثروات الطبيعية والاجتماعية.. حيث اعتبرت النزاعات الاثنية في مثل هكذا ظروف موضوعاً مسلماً به.
ومن هنا اثر الانتماء القبلي على قضية جنوب السودان وعلى صعيد العلاقات الداخلية بين قبائل الجنوب وكذلك الخارجية منها التي تربطها مع دول الجوار.
في الحلقة الثالثة ترصد «الرياض» خارطة السلالة البشرية لقبائل الجنوب.. وما تملكه من موروث ثقافي متنوع ومتباين في نفس الوقت الذي قد يؤثر على مرحلة السلام.
يضم جنوب السودان ثلاث مجموعات سلالية رئيسية هي: النيليون والنيليون الحاميون والمجموعة السودانية، ويأتي على رأس هذه السلالات من حيث العدد والنفوذ والقوة النيليون ومن هذه السلالات انحدرت قبائل الجنوب السوداني مشكلة نسيجاً اجتماعياً معقداً في هذه الحلقة نحاول الوقوف عند بعض بنياته.
النيليون
ينتمي الى هذه المجموعة ثلاث قبائل تلعب دوراً مهماً في الجنوب السوداني وهي الدينكا والنوير والشلك، ويذهب علماء السلالات الى ان هذه القبائل تنتهي الى جد واحد.
قبيلة الدينكا
الدينكا هم اكبر المجموعة النيلية، التي جاءت من سفوح الهضبة الاثيوبية واستقرت في الجزء الجنوبي من منطقة البيور جنوب السودان، وتحلقوا حول الانهار وخاضوا معارك ضد من هدد وجودهم من قبائل عاشت قبلهم.
والدينكا نيليون وهم اكبر قبيلة بالسودان، وقيل انهم ثاني اكبر قبيلة بافريقيا بعد الماساي في كينيا ويمثلون (11٪) من مجموع سكان السودان و(4,05٪) من سكان الجنوب السوداني.
ومن اهم بطون الدينكا النجوك وابوك وادوت والدينكابور والنويك ملوال، والى عشيرة الدينكا بور ينتمي الراحل جون قرنق زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان.
الخرافة
هنالك خرافات تصل الى درجة التقديس عند عموم الدينكا بالسودان، والخرافة عندهم عنصر اولي لبناء العقل حيث تدل على خصوبته.وتقول خرافة الدينكا، ان جدهم جميعاً يسمى (دينج ديت) وتعني في لغتهم ربنا الكبير، ولدته سيدة تدعى (ألوت) والتي تعني بلغة الدينكا بنت المطر، وهذا الولد اسمه (دينج ديت)، وباعتقاد السيدة ألوت انه الصلة بينها والله خالق الخلق.ويعتقد الدينكاويون ان (ألوت) صعدت الى السماء ذات يوم تاركة (دينج ديت) مع جمهور من الدينكا ليكون نبراساً مضيئاً في دنياهم، ومن ذلك الوقت يخصص اهالي قبيلة الدينكا بقرة واحدة باسم (ديت) وسط ابقارهم تيمناً وتبركاً، ولا يحق لهم بيعها وانما يحسنوا تربيتها لتتكاثر عندهم ويستفيدوا منها في الزواج وشرب الحليب واكل لحمها.
ويقول احد رجالات الدينكا اسمه جون البير ل «الرياض» انه وفي مطلع كل سنة جديدة يذبح كل شخص ثوراً او خروفاً سميناً، وذلك قرباناً لروح (دينج ديت) وتحديداً في اول موسم الامطار والحصاد وفي اول نضوج الذرة ولابد ان تكون ذبائح (دينج ديت) من افضل القطيع.
ويطغى عندهم حبهم وولعهم للابقار وتربيتها والذود عنها، وبحسب البير ان جد الدينكا قال لهم في وصاياه ان الزواج بالابقار وكذلك الدية والتعويض عن اجزاء الجسم كلها بالابقار.
أوصى(دينج ديت) جميع الدينكا بأن لا يقربوا الزنا، ولا يسرقوا، او يضاجعوا زوجات غيرهم.
وللدينكاوين صفات الكرم وحسن الضيافة فهم يأون الغريب والطريد ويبرون به.
ونجد الدينكا في مكان يحفظون ويراعون ويطبقون وصايا جدهم (دينج ديت) ويتواصون بها اباً عن جد، وبالتالي صار مجتمع الدينكا انقى المجتمعات واطهرها اذا ما قيسوا بغيرهم، وتواجد الدينكا وتوالدوا وتكاثروا وفق معايير اخلاقية يندر ان توجد في قبيلة نشأت في البدء بعيداً عن اديان السماء، فهم يهتمون وبشدة على شرف المرأة مقارنة مع غيرهم من قبائل الجنوب، الى الحد الذي تزهق فيه عشرات الارواح بينهم او مع آخرين لان شرف الفتاة مصونة، ولا يقبلون خدشه.
ولذا تجد فتى الدينكا احرص على شرف الفتاة البكر اكثر من حرصها هي على نفسها، فرغم الاختلاط التلقائي الذي تفرضه البيئة والحرية المطلقة بينهم وما كان سائداً من عادة التعري لوقت قريب الا انه نادراً ما تسجل حالة اغتصاب لفتاة بينهم برغم الكثافة السكانية التي يعيشونها.
كما ان الدينكا لا يقرون بينهم الاسترقاق، فعندما كانوا يحاربون في الماضي القبائل الأخرى، ويأتون برجالها أسرى لديهم منذ وصولهم لديار الدينكا فأسراهم احرار بل وأخوة لهم، يتساوون معهم في كل شؤون الحياة ويملكون المال ويعتبرونهم كالإخوان.
تاريخياً كثير ما عبر من بعض مكونات الجنوب القبلية عند تذمرهم من سيطرة قبيلة الدينكا على جميع امور البلاد، ففي العام (1991) قاد بعض ابناء قبيلة النوير (ريال مشار وغيره) معززين بعناصر من الشلك تمرداً ضد جون قرنق جسد خروجاً على هيمنة الدينكا وانضموا الى حكومة الخرطوم، الا ان ذلك لم يمنع قرنق من السيطرة على حركة التمرد واستقطاب من تمردوا عليه وعودتهم من خلال السنوات الأخيرة.
الزواج عند الدينكا
عندما يرغب الدينكاوي في الزواج لابد له من الاتفاق مع الفتاة التي ارتضاها زوجة، وبعد ذلك يتصل باصدقائه من الشباب للاستشارة، وبعد موافقة الاصدقاء على المشروع يذهبون جميعاً إلى منزل أهل الفتاة ويطلبون منها أن تأتيهم بقليل من (التبغ) وبعد تدلل معها ورجاء من الشباب تذهب الفتاة لوالدها وتخبره بخبر الخطيب وتطلب منه «التبغ» لهم فإن عادت به فتلك علامة الموافقة فيرجع الخطيب واصدقاؤه إلى أهلهم.
وبعد يومين تذهب الفتاة وصديقاتها إلى منزل زوج المستقبل لمساعدة والدته فتجهز لهن عشة خاصة وفي الأمسيات تقرع الطبول، ويبدأ الرقص مع البنات وبعد ذلك تعود الفتيات بالخطيبة إلى دارها، ويقوم الشباب برد الزيارة ولا يرافقهم العريس إذا كانت ام الخطيبة على قيد الحياة، كما يصحب الشباب أحد اقربائه نيابة عنه، ويساعد الفتيان أهل العروس في مزارعهم، وفي المساء ينظم الرقص والغناء وبعد انتهاء الحفل ينام الضيوف في العشة المعدة لهم.
وبعد ذلك تزور الفتاة عريسها في منزله، حيث تقام الافراح وتخصص عشة للعريس واصدقاء الأنس، وبعد أيام ترحل العروس إلى اهلها مع أحد اقرباء الزوج فيزورها زوجها هناك، وهكذا تارة عند أهله وتارة عند اهلها ولا تستقر حياتهم الا بعد موت الحماة، وبموتها تستقر الزوجة بمنزل زوجها خلفاً لوالدته في السيادة على المنزل وبعضهم يرحل بزوجته بعد المولود الاول.
قبيلة النوير
النوير نيليون وهم والدينكا ينتمون إلى أصل وجد واحد، وهم ثاني أكبر المجموعة النيلية إذ يحتلون المرتبة الثانية بعد الدينكا من حيث تعداد السكان ثم يليهم الشلك، وأساطير النوير شبه المقدسة تحكي أن جدهم الأكبر (لانجور) قد عبر النيل الأبيض عند منطقة فشودة ثم سار بهم إلى شرق ملكال حيث استقر بهم المقام هناك وهم ينحدرون أصلاً من الجد ابينونيق شقيق دينج ديت جد الدينكا.والنوير في كل أنحاء السودان يتحدثون بلهجة واحدة وأسلوبهم في الحياة واحد، ويعتقد النوير أن تاريخهم بدأ في منطقة ليج المقدسة لديهم حيث شهدت هذه المنطقة نشأة جميع بطون النوير، ثم تفرقوا منها إلى جميع مناطق جنوب السودان. والنوير نزحوا غرباً واستقروا بمنطقة ميوم ثم ذهبوا شرقاً ثم سار كثير منهم إلى أكوبو وواط.
الطقوس الدينية
لكل قبيلة من قبائل النوير الرئيسية زعيم روحي يقوم عندهم مقام (الكجور) وهو مقدس عندهم، فقبيلة نويربل زعيمهم الروحي هو دينق كوز، وقبائل جقي وأدوك زعيمهم الروحي هو ناكولاق وهو في الواقع امرأة تسمى نروش كولانق تزعمت في زمان مضى هذه القبائل وبرحيلها صارت مقدسة.
عادات وتقاليد
من عادات وتقاليد النوير التي يحافظون عليها عدم الختان، فهم لا يختنون ذكورهم أو إناثهم، ويغسلون الميت ويحلقون شعره ثم يلف بثوب ويصلى عليه حسب العرف والتقاليد، ويدفن الميت بالقرب من بيته ويمنع مرور أي شخص بالقرب منه لمدة أسبوعين والمرأة تعلن الحداد على زوجها خمسة وأربعين يوماً بعدها توزع ملابس الميت على فقراء القبيلة.
للنوير ستة شلوخ على شكل دائري أفقي في الجبهة تبدأ بالأذن وتنتهي بالأخرى، كما يقومون بخلع ستة أسنان للدلالة على انتقال الصبي إلى مرحلة المسؤولية.
والنويراوي لا يشيع جثمان جدته أبداً ولا يمشي في جنازتها، ومن أغرب عادات قبيلة النوير أن الابن الأكبر عندما يموت أبوه يعتبر كل زوجات أبيه له إلا أمه ومن ينجبه من أولاد لقاء تلك الزيجات فهم إخوة وليسوا أبناء.
وبرغم أن الكنيسة بذلت جهداً مكثفاً وسط قبيلة النوير بغية التنصير للمسيحية، إلا أنهم لم يستجيبوا لذلك، ويعود ذلك إلى أن الكنيسة تحرم تعدد الزوجات التي يفضلها رجالات النوير.وعلى الصعيد السياسي صعد نجم ابنهم رباك مشار في بداية التسعينات فشغل نائب رئيس جمهورية السودان بعد ما انشق عن جون قرنق.
الزواج عند النوير
لا يتزوجون من الأقارب كما لا يصح للنويراوي ان يتزوج من اقارب زوجته الا بعد موتها، وهم غير مقيدين بعدد من الزوجات، فيكون التعدد حسب الاستطاعة والقدرة، وعادة يدفع العريس أربعين بقرة هي المهر، فيعطون عشر منها لوالد العروس وعشر اخرى لوالدتها وعشر لاقارب الأب وعشر لاقارب الأم.
قبيلة الشلك
هي أقل المجموعات الثلاث تعداداً، وتعيش في شريط على الضفة الغربية للنيل الأبيض من كاكا في الشمال إلى بحيرة نو في الجنوب.
وقبيلة الشلك ذات نظام سياسي مركزي تحت قيادة ملك أو سلطان يطلقون عليه لقب «الريث» ويجمع الريث بين السلطة الزمنية والسلطة الروحية في صيغة مشابهة للتقاليد المصرية الفرعونية القديمة.ويقوم «الريث» بتفويض بعض سلطاته أحياناً إلى العمد والمشايخ الذين يمثلونه في الدوائر العشائرية الخاضعة لهم، ويتوج «الريث» في احتفال كبير تنتهي مراسمه في فشودة عاصمة المملكة وتنظم طقوسه حدود المملكة كلها.
وهناك نشير إلى أن جميع الأفراد مجتمع الشلك ينتظمون في كل خطوات تحضير مراسم التتويج كل حسب دوره وفق النظم والعادات والتقاليد. فالكل يتمتع بحقوق وواجبات تجاه القبيلة التي يحفها «الريث» بسلطته المستمدة من مبادئ (نيكلق) مؤسس المملكة الذي يستوحي رؤيته من (جوك) وهو يمثل الخالق في نظر الشلك.
وللشلك تراث فني عريق ونجد أن آلة الربابة تمثل الأساس الموسيقي في فن الغناء والرقص في الأفراح الخاصة.ويربي أبناء الشلك الحيوانات للأغراض الاجتماعية في المقام الأول، وعلى رأسها سداد مهر الزواج والديات، كما تعتبر مظهراً من المظاهر الاجتماعية التي تحدد مكانة الشخص داخل المجتمع من حيث الغنى والجاه، هذا إلى جانب استخدامها في العديد من المناسبات مثل طقوس المطر عندما يتأخر في الهطول.
وفي الصيد نجد أن الشلك صيادون ماهرون يصطادون السمك في النيل الأبيض والمستنقعات المنتشرة على ضفتي النيل.
ومن أبرز الساسة لدى الشلك لام أكول الذي انشق عام (0991) عن جون قرنق وأصبح وزيراً للنقل في حكومة البشير قبل أن يعود عام (3002) من جديد إلى صفوف الجيش الشعبي لتحرير السودان. والآن يتقلد منصب وزير الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية في السودان بعد توقيع اتفاقية السلام.
الزواج عند الشلك
عندما يستعد الشاب للزواج يتهندم، ويبدو في كامل زينته «السلاح من كامل زينة الرجل» ويذهب ويراقص الفتاة التي يحبها ويفاتحها في أمر الزواج ويتباهى لها بما يملك من الأبقار فإن تمت الموافقة يعود ليخبر والدته بالأمر وعند ذلك تذهب والدته وكأنها قدمت للتو، وتتعرف على الفتاة فإن اقتنعت بها زوجة لابنها أخبرت ولدها بذلك فيحضر المهر الذي يتكون عادة من عشر بقرات على الاقل أو ست معزات..
ولا يحبذون الزواج من الاقارب ولا من فتاة القرية، ومن مظاهر الفرح والابتهاج في يوم العرس حلقات الرقص التي تضم الجنسين ويتزين الشباب بالاصباغ والزيوت التي تجلب خصيصاً لهذا الغرض، ويبدأ الرقص ظهراً وفي الليالي المقمرة.
النيليون الحاميون
أطلق عليها هذا الاسم لاشتراكها مع المجموعة النيلية في كثير من السمات السلالية واللغوية وفي نمط الحياة الاقتصادي (الاعتماد على تربية الماشية خاصة البقر والاعتزاز بها).. إلا أن هناك فرقاً بين المجموعتين خاصة لون بشرتهم الأقل سواداً من النيليين.
ومن أهم القبائل النيلية: الباريا والمنداري والتوبوسا والتوركاتا ويخضع أفرادها لسلطة سياسية قبلية جماعية.
قبيلة الباريا
كلمة باريا تعني الغريب، وان الباريا في الأصل انحدروا من الهضبة الاثيوبية قبل أكثر من سبعة قرون، كما ذكر بعضهم، وانهم حقيقة نيليون حاميون والفروع كبيرة وهي في الحقيقة أخذت شكل القبائل وهي الباريا، المنداري، الكوكو، الفجولو، وكلهم يقطنون ولاية بحر الجبل.
وهم من اطلقوا على مدينة جوبا هذا الاسم، وذلك نسبة إلى نهر جوبا بالحبشة، وتفرعت كل هذه القبائل عن الباريا عبر الأزمنة الطويلة واستقلت بذاتها فمارس كل فرع حياته كقبيلة منفصلة وتربط بين المجموعة كلها اللغة وبعض العادات والتقاليد، وكل قبيلة صارت لها علاقتها مع غيرها من القبائل.
والقبائل عن مجموعة الباريا تقسمت إلى فروع وبطون عديدة فمثلاِ المنداري وهم من الفروع الكبيرة المكونة لمجموعة الناطقين بالباريا التي نجدها تنقسم إلى سبعة أقسام.
عاداتهم وتقاليدهم
من عادات الباريا لا يقتلون الفهد لأنه يعتبر أخاً لهم. وبعضهم لا يقطعون نوعاً من الأشجار أبداً لأنهم يرون ان بها سراً مقدساً، وجزء منهم لا يشربون مياه الأمطار النازلة لتوها والمتجمعة في الأحواض.
ومن العادات الجميلة عند قبيلة الباريا انهم يعينون بعضهم في تكاليف الزواج، وإذا حوكم أحدهم بالغرامة فإنهم يدفعون الغرامة سوياً.
من علاقات الحزن على الأموات حلق النساء لرؤوسهن والباريا في أغلبيتهم فقراء. وقد انتهت عادة التعري عندهم والأمراض الفتاكة بالحيوانات قللت الثروة الحيوانية لديهم بعد ان كانوا أثرياء بالأبقار والأغنام.
المجموعة السودانية
تنتمي إلى هذه المجموعة قبائل الزاندي والمادي والموز والبون والقريش وعبارة المجموعة السودانية اصطلاح سلالي عريق وليس اصطلاحا سياسيا، وتوجد قبائل المجموعة في فضاء جغرافي يقع أساساً غرب النيل وقرب الحدود الجنوبية والجنوبية الغربية للسودان.
ويغلب على طبيعة الحياة الانتاجية لهذه السلالة الزراعية وليس تربية الماشية بسبب انتشار ذبابة التسي تسي في أماكن وجودها.
قبيلة الزاندي
من أبرز قبائل المجموعة السودانية هي الزاندي، وهم يحتلون منطقة واسعة تغطي جنوب غرب مديرية بحر الغزال وهي مجموعة قبلية تجمعت وتعايشت وتصاهرت فكونت مجتمع الزاندي الحديث، حيث إنهم لم يأتوا دفعة واحدة أو في زمن واحد أو من جهة واحدة إنما دخلوا السودان في دفعات وفي تواريخ مختلفة ومن مناطق شتى، فمنهم من جاء أصلاً من افريقيا الوسطى ولهم حتى الآن جذور وصلات وقبائل تأخذ نفس الاسماء والعادات والتقاليد وحديث باللهجة ذاتها وان فروعاً منها يتداخلون مع الكاكوا في زائير.
نظام الحكم عند الزاندي
لا تخضع قبائل الزاندي خضوعا تاما لزعيم واحد وإنما كل قبيلة يتزعمها ويترأسها أحد زعماء فروع «القنجارا» بالضرورة كعرف يستوجبه النظام الطبقي، الذي يذعن له كل الزاندي ويرتضونه وهم أكثر قبائل السودان التزاما بتقاليدهم وأعرافهم وهم برضا تام يقبلون النظام الطبقي وينقسمون إلى ثلاث طبقات ولكل طبقة حدودها ودورها الذي تلعبه وسط القبيلة فهناك الطبقة العليا وطبقة القنجارا ثم يليهم الطبقة الوسطى وهي قبائل ساندت القنجارا في حروبهم، واما الطبقة الدنيا فهم الزاندي، اورو، واليوم تلاشت تقريباً معظم الطبقات خاصة بعد أن فقد القنجارا مركزهم وسيطرتهم على فروع الزاندي الأخرى.
عادات وتقاليد
إن من عادات الزاندي رجالاً ونساءً، حبهم للزينة وخاصة تبريد الأسنان من أعلى إلى أسفل الفك بطريقة تجعل رؤوس الأسنان سنينة ومدببة وحادة، الشيء الذي يضفي على أحدهم مسحة من الزينة والجمال أو هكذا يعتقدون.
كما يشلخون أنفسهم بثلاث شلخات أفقية على جانبي الخدين، وتقوم المرأة الزانداوية بثقب أذنيها بأماكن متعددة لتعلق بها الحلي. ولتظهر في زينة تعطي المرأة الجمال عند الرجل الزاندي هم أكثر قبائل جنوب السودان ولعاً بالرقص والطرب والغناء خاصة في الليالي المقمرة ومواسم الحصاد والأفراح ولهم آلات متنوعة يمارسون عليها العزف ومن أشهر تلك الآلات الرانقو والربابة وهم يرقصون في جماعات يختلط فيه النساء والرجال.
والزاندي متصفون بحدة السمع والبصر وتحمل مشاق السفر لمسافات طويلة، وكان من عادة الزاندي حتى الماضي القريب عدم دفن الرجال عند الموت مباشرة، وإنما يتركون الجثة بحبل ليهتز رأس الميت دلالة على انه فيما يعتقدون انه يجيب على أسئلتهم ويسمع نواحهم ولكن هذه العادة كادت أن تنتهي إلا في مناطق نائية، والزاندي أكثر القبائل إيماناً واعتقاداً بالسحر وعرفوا بشدة الحذر والاحتراس والارتياب.
الزواج عند الزاندي
قبيلة الزاندي قبيلة فقيرة إذا ما قيست بالقبائل الجنوبية الكبرى، لذا تجد المهر عندهم بسيطاً جداً وهو عبارة عن عدد من معدات زراعية أو فلوس نقداً وبشرط ان يكون بسيطاً، يتزوج الزاندي في سن مبكرة، وسن الزواج عادة حوالي السابعة عشر ومن العادات الغريبة عندهم ان الزوجة تغتبط تعدد زوجات زوجها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.