أقيم مؤتمر دولي تحت اشراف الجمعية الدولية لمكافحة السرطان في مدينة هونولولو في جزر هواي من 9 إلى 13 جمادى الآخرة 1426ه الموافق 3 إلى 7 يوليو 2005م ضم نخبة من أبرز الخبراء والاخصائيين في هذا الحفل الطبي من جميع أنحاء العالم ومن مختلف الاختصاصات الطبية. وطالما ان هذا السرطان الخطير والقاتل منتشر في جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية والكثير من الدول العربية، وبناءً على رغبتنا المتواصلة بتوفير آخر الابتكارات والانجازات الطبية لقرائنا الاعزاء من أطباء وعامة الشعب فقد قررنا عرض المستجدات حول هذا المرض والتوصيات التي أوصت بها لجنة الاخصائيين المختارة عالمياً حول تشخيصه وعلاجه بعد مراجعتهم ابرز المنشورات الطبية حوله وبناءً على خبرتهم الشخصية مع آلاف من المرضى المصابين به. وقد ابرزت تلك اللجنة أهمية العوامل الجينية والتدخين والتعرض المهني لمواد البنزين السامة في تسببه واكدت على أهمية اجراء فحص شامل على أي مريض مصاب بالبيلة الدموية مع القيام بالأشعة المقطعية بالصبغة وتنظير المثانة واخذ خزعات من أي ورم أو آفة داخلها خصوصاً إذا ما كانت ملامح هذا السرطان توحي بوجود امتداد له داخل عضلات المثانة أو تحت غشائها المخاطي أو في حال تشخيص ورم موضعي ذي خبث مرتفع. واما في حال ظهور ورم صغير الحجم، أي أقل من 0,5 سنتيمتر وسطحي أي مركز على غشاوة المثانة فقط فلا داعي إلى اجراء الأشعة بالصبغة على الكلى والحالبين ويمكن تشخيصه بواسطة تنظير المثانة وقطعه بمنظار القطع مع أمل عال بالقضاء عليه في أكثر من 95٪ من تلك الحالات إذا ما توبع دورياً بعملية التنظير وتم استئصاله في العيادة اثناءها. وفي المقابل فإن متابعة الاورام الشديدة الخبث والممتدة تحت الغشاء المخاطي وخصوصاً إلى عضلات المثانة في غاية الأهمية للقيام بقطعه بمنظار القطع وتحديد خبثه وطوره وضرورة استئصال المثانة بالكامل جراحياً أو معالجتها بالمواد الكيميائية أو بالأشعة. وقد اتفق الخبراء على عدة نقاط هامة ابرزها تصنيف هذا الورم حسب درجة خبثه إلى خفيف أو شديد الخبث وعلى عدم جدوى التفريق النسيجي بين ما هو ممتد إلى عضلات المثانة أو إلى غشائها الخارجي وشددوا على ضرورة التأكد من عدم انتشاره إلى البروستاتا حيثما يختلف تشخيصه ومعالجته. واما بالنسبة إلى استعمال علم الخلايا أو التقصي حول وجود خلايا سرطانية أو مختلة التنسج في البول فانه في غاية الأهمية لتشخيص السرطان الشديد الخبث بينما تنخفض حساسيته ونوعيته في حالات السرطان السطحي القليل الخبث حيث انها لا تتعدى 30٪ أو 40٪ للوصول إلى تشخيص دقيق. وقد ناقشت اللجنة حوافز الارتكاز على وسمة بولية كالبروتين المطرق النووي (NMP22) والتهجين التألفي الموضعي للبول (FISH) واستخلصت ان هذين التحليلين ذات قيمة واضحة للتشخيص إذا ما اكدت الاختبارات الاضافية نتائجها الاولية، وأبرز تفوقها على تحليل علم الخلايا خصوصاً بالنسبة إلى التشخيص للسرطان القليل الخبث والسطحي، الا انها لاتزال تفتقر إلى الدقة العالية التي تتيح استبدالها لتنظير المثانة الذي لايزال الفحص المثالي لتشخيص تلك الاورام ومتابعتها والذي يمكن ان يتمم نتائج تلك الوسمة إذا ما استعمل بطريقة متناوبة معها. ومن الوسمات الاخرى التي اكدت فعاليتها في الاختبارات التجريبية الاولية بالنسبة إلى تحديد تقدم السرطان العامل المثبط للسرطان (P35) والمؤثر على تكاثر الخلايا السرطانية (Ki76). ومن ناحية العلاج فقد شدد الخبراء على ضرورة زرق مادة كيميائية في المثانة في غضون 24 ساعة بعد استئصال السرطان بمنظار القطع حيث ان تلك الوسيلة نجحت في تخفيض نسبة معاودته وتقدمه. واما في حال تواجد عدة اورام كبيرة الحجم ومتعددة وذات خبث منخفض في المثانة فانها تستدعي علاوة على قطعها بمنظار القطع تطبيق المعالجة الكيميائية داخل المثانة اسبوعياً ولمدة 6 أسابيع وأما إذا كانت تلك الأورام شديدة الخبث وسطحية ومركزة فإن علاجها المثالي يعتمد على زرق مادة BCG المكونة من المتفرطات السلية اسبوعياً لمدة 6 أسابيع يتم بعد انتهائها تنظير المثانة ومعاودة استعمالها لمدة 6 اسابيع اضافية في حال معاودة المرض أو لمدة 3 اسابيع ومن ثم كل 6 اشهر لمدة 3 سنوات لمنع نكسه وتقدمه وانتشاره. في حال تشخيص سرطان شديد الخبث وممتد تحت الغشاوة المخاطية مع انتشاره في الأوعية الدموية واللمفية مجهرياً فانه قد يتطلب اجراء عملية استئصال كاملة للمثانة والبروستاتا والغدد اللمفية في الحوض للتوصل إلى أفضل النتائج، كما أن تلك العملية الجراحية تعتبر أفضل وسيلة علاجية لمعالجة السرطان الممتد إلى عضلات المثانة أو إلى غشاوتها الخارجية في بعض الحالات بعد القيام بمعالجة كيميائية أولية والتأكد من تجاوب الورم لها. ولكن وللاسف فقد اظهرت عدة أبحاث في الولاياتالمتحدة ان حوالي 31٪ من جميع المرضى و12٪ ممن تجاوزوا 70 سنة من العمر فحسب حصلوا على تلك المعالجة الجراحية المثالية لتلك الحالات مما قد يفوت عليهم أمل الشفاء بعون الله عز وجل، لا سيما ان خطر الوفاة بسبب المضاعفات الجراحية قد انخفض في السنوات الأخيرة إلى حوالي 1٪ إلى 3٪ وان حصول مضاعفات خطيرة بعد اجرائها لم يتعد 6٪ ومعدل المضاعفات الطفيفة لم يتجاوز 25٪ إلى 35٪ في تلك الحالات فضلاً ان النجاح في تكوين مثانة جديدة من الأمعاء أو اجراء عملية تحويلية للامعاء على الجلد حيث يمكن للمريض تفريغ المثانة الجديدة بالقسطرة دورياً قد ساهما في تقبل المرضى لتلك العملية الجراحية بدون ان تؤثر على جودة حياتهم. وفي بعض الحالات المختارة يمكن استبدال الجراحة بالمعالجة الكيميائية والمداواة بالأشعة مع نسبة الأمل في البقاء على قيد الحياة باذن الله سبحانه وتعالى، لمدة تفوق 5 سنوات في حدود 50٪ مع احتمال المحافظة على المثانة في حوالي 40٪ تقريباً، ويجوز أيضاً في حالات وجود سرطان شديد الخبث ومتقدم عند النساء استئصال المثانة مع المحافظة على الاعضاء التناسلية الداخلية كالرحم والمبيضين والانابيب إذ لم يمتد الورم اليها. في حال انتشار السرطان خارج المثانة أو إلى الغدد اللمفية في الحوض فيمكن علاجه اولياً بالمواد الكيميائية والقيام باستئصال المثانة كاملاً إذا ما تجاوب إلى هذا العلاج، واما إذا ما انتشر إلى اعضاء اخرى كالكبد أو الرئة أو العظام فقد ينجح العلاج الكيميائي في حصره وازالته في بعض تلك الحالات خصوصاً إذا ما استعملت المواد الكيميائية المعهودة MVAC أو المواد الحديثة مثل الجمسيتابين أو «نكسول» مع البلاتينوم.