خلال الأشهر الماضية، ارتفع بشكل ملحوظ سعر الفائدة بين البنوك السعودية لثلاثة أشهر بشكل دراماتيكي من مستوى أقل من 0.8% خلال شهر جولاي الماضي إلى 1.05% تقريبا وهو ارتفاع يتجاوز 35% تقريبا خلال أقل من ستة أشهر فقط، يدفعه بشكل رئيسي قيام السعودية لأول مرة بإصدار سندات تنموية مرجح أن تصل إلى 120 مليار خلال سنة 2015. هذا التطور صاحبه انخفاض في معدل سعر الصرف المستقبلي للريال السعودي مقابل الدولار «Forward Rates» حيث تراوح من انخفاض بمقدار 0.92 هللة لثلاثة أشهر، و5.50 هللة للسنة، إلى 25.80 هللة خلال خمس سنوات. هذه المؤشرات تختلف عن السوق الفوري فما زال سعر صرف الريال مستقرا أمام الدولار في بحر السعر 3.75 ريالات للدولار الأمريكي الواحد، ولكنها تعتبر مؤشرا لتوقعات المتداولين والمستثمرين والمؤسسات المالية، فمنذ شهر أغسطس الماضي تذبذب سعر الصرف المستقبلي للريال السعودية مقابل الدولار لثلاثة أشهر منخفضا ما بين 0.10 هللة إلى 0.85 هللة تقريبا متزامنا مع بدء وزارة المالية في بيع سندات تنموية حكومية لتغطية العجز المتوقع في الميزانية العامة. المراقب لهذه التطورات يعتقد بأن السعودية ستتخلى عن سياسة ربط الريال بالدولار خلال الفترة القادمة، والعارف بأسلوب إدارتنا الحكومية في إدارة اقتصاد البلد سيبعد هذا الاحتمال مؤقتا وخاصة خلال السنة القادمة، فما زال الكثير من المراقبين يتناسى أن مستوى كفاءة اقتصادنا وأسواقنا مازالت متدنية بسبب فقدانه للشفافية. ألا تلاحظ البعض عندما يتحدث عن الاستثمار في أحد القطاعات الاقتصادية أو في سوق الأسهم دائما ما يقول عبارة «سوقنا سوق معلومة»، فالمعلومات المقصودة هنا هي المتعلقة بالاستراتيجية الاقتصادية، فنحن اعتدنا لسنوات طويلة على سريّة التخطيط والتوجهات الاقتصادية للبلد سواء على مستوى الإدارات الحكومية العليا أو المتوسطة كالوزارات وخلافه. الجيد أنه خلال السنوات الماضية تحسن مستوى الشفافية لدى الإدارات الحكومية ورأينا كيف أن هذا أثر على علاقتنا مع شركات التصنيف الائتماني والمستثمرين الأجانب بشكل لا بأس به، ولكن مؤخرا بدءت تعود الضبابية مرة أخرى. يجب ألا ننسى أنه خلال سنة 2015م حصلت عدة تغيرات وعلى إثرها بدءنا نلاحظ تغيرا في هيكلة الإدارة الحكومية وطريقة عملها، بعضها بشكل جذري وبعضها مؤقت، ولكن المشترك في هذا كله أن المراقبين كمكاتب التصنيف الائتماني أصبحوا مختلفين في تقييم الوضع الائتماني للبلد، والسبب في ذلك بكل بساطة هو أن المعلومة المتوفرة لكل مراقب تختلف عن الآخر، بما في ذلك المستثمرين محليا ودوليا، وهو ما سبب ترددا لدى الكثير من المستثمرين لاتخاذ قرارات مهمة خلال الأشهر القليلة الماضية إلى درجة أن هذا التردد أدخل بعض قطاعات البلد في ركود. بحسب وجهة نظري أن المجلس الاقتصادي يحتاج بشكل عاجل إلى مشاركة استراتيجيته وجميع قوانينه المرتقبة مع الجميع لكي لا يقع الاقتصاد ضحية لتقييمات ائتمانية واستثمارية مجحفة بحق مستقبل البلد، فالقرارات التي أصدرها خادم الحرمين -حفظه الله- كمركز المشاريع الوطني، خطة التنمية العاشرة، وسياسات التمويل العقاري ستكون كافية لأن تجعل المراقبين يخففون من عمليات الخصم Discounts التي يجرونها على الكثير من القطاعات الاقتصادية بما فيها سوق الأسهم، ويعود القطاع الخاص محليا للتفاؤل بشكل أفضل بمستقبل اقتصادنا. كما رأيتم، مسألة انخفاض الريال مقابل الدولار تعتبر مؤقتة حتى يتم تداول معلومات أكثر عن استراتيجية البلد الاقتصادية مما يعني أن سياسة ربط الريال بالدولار باقية على المدى القريب.