مصطلح ليس بالقديم، فقد ظهرت منذ فترة تقارب أربعين عاماً فكرة السياحة البيئية في كل من أميركا اللاتينية وأفريقيا. وهناك أكثر من تعريف لهذا المصطلح، لعل أهمها هو "أن السياحة البيئية هي أسلوب للتطوير البيئي، له وسائل عملية مؤثرة لتحقيق أحوال اقتصادية واجتماعية أفضل لجميع دول العالم" والتعريف الآخر هو "أن السياحة البيئية هي رحلة إلى المناطق الطبيعية، دون إغفال اعتبارات صون البيئة، على أن تتضمن تحسين سبل المعيشة لسكان تلك المناطق". أما التعريفات الأخرى فتهتم بإثبات الوظيفة التثقيفية للسياحة البيئية، بالإضافة إلى ضرورة احترام عادات وثقافات سكان القرى، والمناطق المحيطة بالمحميات والحدائق الوطنية. وهناك ملامح مهمة وأساسية للسياحة البيئية تتلخص فيما يلي: - تنظيم رحلات إلى منتجعات طبيعية مثل الحدائق القومية والمحميات الطبيعية. - تقليل الآثار السيئة للبيئة بقدر الإمكان، وذلك بتنظيم أفواج قليلة العدد مع السيطرة على سلوكيات المشاركين فيها. - يخصص جزء من أرباح هذا النشاط السياحي لمصلحة صون البيئة والمحافظة عليها. - دعم حياة السكان المحليين في هذه المنتجعات. - احترام الثقافات المحلية في منطقة السياحة. - رفع مستوى الوعي البيئ لدى السكان المحليين والسائحين في هذه المناطق. ومنذ بداية السبعينيات من القرن الماضي، ظهرت فكرة السياحة البيئية في أفريقيا وأميركا اللاتينية. ففي قارة أميركا الجنوبية انطلق صوت العلماء وأنصار المحافظة على البيئة يدعو إلى التحذير من خطورة تقطيع أشجار الغابات الاستوائية، التي امتدت كثيراً بحيث أصبحت تهدد التنوع الإحيائي في هذه الغابات، ويمكن أن تؤدي إلى تغيرات حادة في مناخ العالم. وهكذا ظهرت فكرة السياحة البيئية لتكون بديلاً عن الأنشطة الاقتصادية التي تتلف الغابات والمنتجعات الطبيعية. أما في القارة الأفريقية، وخاصة في شرق أفريقيا، فقد جاءت فكرة السياحة البيئية بديلاً عن السياسة الناشئة في إدارة الشؤون البيئية. وقد تبنت بعض الدول النامية الاتجاه إلى السياحة البيئية بعد أن وجدت أن السياحة التقليدية يمكن أن تؤدي إلى مشكلات اجتماعية وصحية واقتصادية نتيجة لاحتكاك الأعداد الكبيرة من السائحين على المنتجعات المحلية. ومن هذه المشكلات تداول العملات الأجنبية في السوق السوداء وتعاطي المخدرات، وتعريض السكان المحليين لأمراض خطيرة مثل الإيدز. وقد ظهرت أهمية السياحة البيئية في بداية الثمانينيات من القرن العشرين، عندما تفاقمت مشكلة الديون الأجنبية على كثير من دول العالم الثالث. فقد ظهرت هذه السياحة الجديدة لتكون مصدراً جديداً ومهماً للعملات الأجنبية، ولتساهم في سرد جزء من هذه الديون. وقد تأكدت فاعلية هذا النوع من السياحة في تحقيق دخول كبيرة لتلك الدول. ففي كينيا مثلاً وجد أن قيمة المردود السياحي للأسد الواحد من أسود الحدائق المفتوحة تساوي حوالي سبعة آلاف دولار في السنة. أما في جنوب أفريقيا فقد وصل مردود السياحة البيئية حول 11 مرة مثل أرباح النشاط الاقتصادي للدولة مثل تربية الأغنام، كما أن السياحة البيئية استوعبت عمالة أكثر بمقدار 15 مرة. إن السياحة البيئية هي سياحة مجدية من الناحية الاقتصادية، وهي سياحة تحافظ على البيئة وتؤدي إلى توعية الناس بأهمية البيئة واستخدامها لمصلحة الإنسان. والأمل أن تقوم الجهات المعنية بالسياحة البيئية مثل الهيئة العليا للسياحة، والهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها، وهيئة المساحة الجيولوجية السعودية بمزيد من التوعية حول السياحة البيئية في بلادنا المترامية الأطراف. وأود هنا أن أوضح بأن لدى هيئة المساحة الجيولوجية السعودية اهتماما بمشروع يسمى مشروع الحماية الجيولوجية في المملكة، وهو مشروع يدخل ضمن حماية البيئة والمحافظة على المظاهر الجيولوجية المميزة في بلادنا مثل الكهوف والمواقع الجيولوجية المميزة .