لم يكن أكثر المتفائلين من الاتحاديين يتوقع أن يظهر فريقهم بتلك الصورة المميزة التي أعادتهم لأعوام الزمن الجميل الذي حقق بها البطولات بكل أشكالها وألوانها المحلية والإقليمية والقارية حين استطاع التغلب على ظروفه وإلغاء كل الفوارق الفنية التي كانت تميل من خلال رؤى فنية تحليلية لمصلحة الهلال واستطاع المدرب الروماني لازلو بولوني الذي انتقدناه كثيرا في مباريات سابقة التغلب على ظروفه العناصرية والبدء بتشكيلة مثالية ليقدم من خلالها واحدة هي الأجمل في مواجهات الفريقين خلال الاعوام القليلة الأخيرة، على الرغم من سيطرة الهلال على أغلب مجريات المباريات ميدانيا إلا أن الاتحاد كان مميزاً بإحكام دفاعاته، وأنهى الشوط الأول بثلاثية، ولا أجمل كانت إصابة العقل المدبر لليوناني جيورجيس دونيس محمد الشلهوب وإصابة الثنائي الأجنبي لبولوني سولي مونتاري وسان مارتن ضربتين موجعتين لكلا المدربين قبل بداية الشوط الثاني، كانت أكثر تأثيراً على الأخير، ولم يتعامل معها بالشكل المطلوب، وكادت أن تكلفه خسارة النتيجة الايجابية الكبيرة التي حققها في هذا الشوط. في عرف كرة القدم ان الشوط الثاني من أي مباراة هو شوط المدربين نجح به دونيس، وأخفق بولوني إذ كان يفترض منه أن يتحرر من التكتل الدفاعي المبالغ به واستغلال التقدم بثلاثة أهداف نظيفة ويبدأ الشوط الثاني متوازناً لتضييق الاندفاع الهلالي المتوقع لتقليص الفارق، ربما نجد له العذر في هذا الجانب بسبب إصابة مونتاري وسان مارتن في وقت متقارب إلا أن الاستفادة من ورقة عبدالفتاح عسيري في الطرف الأيسر كان مطلباً للحد من اندفاع البريك الذي كان مميزاً واستطاع أن يصنع الهدف الثاني بمهارة فائقة ويواصل انطلاقاته التي كانت في الغالب موفقة إضافة إلى أن عسيري من نوعية اللاعبين الذين يمتلكون المهارة والقدرة الفائقة على الاحتفاظ بالكرة والتمرير المتقن للمهاجمين وهذا من شأنه أن يحد كثيراً من الاستحواذ الهلالي الكامل لكل فترات هذا الشوط وكاد أن يعدل النتيجة ويحقق الفوز. لا يمكن أن نغفل دور الجماهير الاتحادية التي كانت أهم ورقة وراء إظهار الروح وتقليص فارق القصور الفني والتدريبي الذي يعانيه فريقها منذ بداية الموسم واستحقت أن تكون نجما حقيقيا من نجوم "الكلاسيكو" تفاعلاً وتميزاً وتأثيراً وأتثبت أنها الجماهير الأكبر عددا وعتاداً بين كل جماهير الأندية الأخرى، والأهم في المباراة بشكل عام أنها أوفت بكل الوعود بين اللاعبين والجماهير من جميع النواحي. كثير من الجماهير الاتحادية على الرغم من فوز فريقها على منافس بحجم الهلال وفرحتها بهذه النتيجة الكبيرة التي غابت في الدوري منذ أكثر من ثلاثة مواسم تقريبا وعلى الرغم من مشاعر الفرح والابتهاج إلا أنها لازالت متخوفة على مستقبل الفريق، فلازال يفتقد لكثير من عوامل العودة الحقيقية التي ربما تكون مثل هذه النتيجة عاملاً مساعداً ولكنها ليست كافية، فظهوره الباهت من بداية الموسم حتى وهو يفوز(بطلوع الروح) وتلقيه خسارة على أرضه من فريق غير منافس يجعلها أكثر قلقا ان لم تكن نتيجة الفوز العريض بالرباعية أمام منافس شرس مثل الهلال هي الانطلاقة للتغلب على كل الظروف والمضي بقوة للمنافسة على الأقل حتى الجولات الأخيرة وخطف إحدى بطولات النفس القصير.