سيكون اليوم - الأحد - حاسماً بالنسبة إلى موقع اليسار الفرنسي بشكل عام والحزب الاشتراكي على وجه الخصوص في الخارطة السياسية في البلاد وبعد عام 2007م. واليوم ينهي هذا الحزب المؤتمر العام الذي جمع قيادييه وجانباً هاماً من قاعدته في مدينة «لومان» الواقعة في مقاطعة «لا بروتانيو». ولما كان الحزب الاشتراكي يعد قاطرة أحزاب اليسار في فرنسا فإن النتائج التي سيتمخض عنها مؤتمره ستسمح بإعطاء فكرة عن امكانات هذا الحزب للعودة إلى مقاليد الحكم عام ألفين وسبعة موعد الانتخابات الرئاسية القادمة. والحقيقة أن أوضاع الحزب الحالية والصورة العامة التي يحملها عنه الرأي العام الفرنسي ترجح احتمال فشل الاشتراكيين ومن ورائهم اليسار برمته في العودة إلى السلطة في ربيع عام ألفين وسبعة. معارك الزعامة ومن العوامل الأساسية التي قد تحول دون عودة الحزب الاشتراكي الفرنسي إلى السلطة عام ألفين وسبعة حرب الزعامة التي تنخر الهياكل القيادية في الحزب منذ هزيمته الكبيرة على إثر الانتخابات الرئاسية الماضية عام ألفين واثنين. وكان ليونيل جوسبان رئيس الوزراء السابق ومرشح اليسار إلى هذه الانتخابات قد انسحب من حلبة النشاط السياسي بعد أن هزمه جاك شيراك وجان ماري لوبين زعيم اليمين المتطرف في أعقاب الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الماضية. ولم ينجح فرانسوا هولاند أمين الحزب الأول في فرض نفسه على الحزب كخليفة لجوسبان.. وبالرغم من أن المنخرطين في الحزب الاشتراكي قد اعتبروا قبل أيام أن هولاند هو الذي سيظل على رأس هذا التنظيم السياسي حتى عام ألفين وسبعة فإن المعارك على الزعامة تظل اليوم تغذي كل الجدل المتصل بمستقبل الاشتراكيين الفرنسيين ومكانتهم في الخارطة السياسية الفرنسية.. وثمة اليوم عدة شخصيات ترى كل واحدة منها أنها مؤهلة أكثر من غيرها لتمثيل الاشتراكيين ومن ورائهم اليسار في الانتخابات الرئاسية القادمة ومنها هولاند ولوران فايبوس رئيس الوزراء السابق والذي يسعى اليوم إلى الظهور بمظهر الحريص في الحزب على التمسك بمطالب الطبقات والفئات المتوسطة والفقيرة في المجتمع الفرنسي ولا ينتظر أن يحسم المؤتمر الذي افتتح أمس في مدينة «لومان» هذه المسألة. أي مشروع؟ وأما المشكلة الأساسية الأخرى التي يعاني منها اليوم الحزب الاشتراكي الفرنسي فهي عدم توصله حتى الآن إلى صياغة مشروع سياسي قادر على طمأنة الفرنسيين وجعلهم يصوتون له أثناء الانتخابات الرئاسية القادمة. وبالرغم من أن أزمة أحداث الضواحي الفرنسية الحالية من شأنها مساعدة الحزب الاشتراكي الفرنسي على الاستمرار في عدم مقدرة اليمين على مواجهة المشكلة بشكل جاد فإن سياسات اليسار السابقة في هذا المجال قد فشلت هي الأخرى ومن ثم فإن المهمة تبدو اليوم صعبة جداً أمام الاشتراكيين لفرض أنفسهم على الناخبين وعلى المجتمع الفرنسي برمته.