نكمل اليوم حديثنا عن الإصابات الطفيفة الحميدة المسببة لبحة الصوت، ونتحدث اليوم في حلقتنا الرابعة عن إحدى هذه الإصابات الطفيفة وهي استسقاء راينك (Reinkeصs Edema). التعريف: استسقاء راينك هو انفتاح الثنايا (الحبال) الصوتية نتيجة تجمع سوائل تحت الغشاء النسيجي المغلف للثنايا الصوتية، وعادة ما يصيب الثنيتين الصوتيتين معاً، فتصبحان كأنهما بالونيتان مملوءتان ماء، وفي مراحل متأخرة من المرض تتليف محتويات الثنية الصوتية فتصبح غير منتظمة الشكل. الأسباب: إصابة الثنايا الصوتية باستسقاء راينك يرجع إلى عدة عوامل أهمها إساءة استخدام الصوت والتدخين، كما أن بعض الدراسات رجحت وجود علاقة ما بين استسقاء راينك وارتجاع أحماض المعدة للحنجرة، وإن كانت علاقة الاستسقاء مع التدخين أقوى وأوضح، فالتدخين يقلل انسياب الدم في الأنسجة ويقلل وصول الأكسجين لها، مما يؤدي إلى إفراز مواد كيميائية تزيد من نفاذية الأوعية الدموية في الثنايا الصوتية فتتجمع السوائل فيها. العمر والجنس: بينت الدراسات أن أكثر المصابين بهذا الاستسقاء هم النساء المدخنات، وقد يرجع هذا لأسباب هرمونية، أو لكون النساء يحرصن أكثر من الرجال على مراجعة الطبيب عندما تخشوشن أصواتهن. الصورة الاكلينيكية: يشتكي المرضى المصابون بهذا الاستسقاء من بحة خشنة في الصوت، وقد يشتكون من أعراض وهن الصوت، كالنحنحة المتكررة، والشعور بألم أو جفاف بالحلق عند الحديث، وعدم القدرة على إكمال الحديث لفترة معقولة. التشخيص: كما في كل حالات بحة الصوت فإن طبيب التخاطب يبدأ بتقييم المريض بأخذ تاريخ مرضي مفصل عن الحالة، يشمل العمر والجنس وطبيعة العمل، ومدى كثرة استخدام الصوت، بالإضافة إلى السؤال عن العوامل التي قد تساعد على إرهاق الصوت والتأثير عليه سلباً، وأهمها التدخين، ثم تأتي مرحلة فحص الحلق والرقبة، ثم عمل منظار للحنجرة للكشف على الثنايا الصوتية والأجزاء المحيطة بها، والمرحلة الأخيرة تشمل عمل اختبارات لتقييم المؤشرات الصوتية والديناميكية للصوت. العلاج: الخطوة الأولى للعلاج هي إعطاء المريضة أو المريض نصائح عامة للمحافظة على الصوت سليماً (سبق شرحها في مقال سابق)، وأهم هذه النصائح هي الابتعاد كلياً عن التدخين (التدخين الايجابي) والمدخنين (التدخين السلبي)، والخطوة الثانية للعلاج هي الجراحة، وهي عملية بسيطة، يتم فيها شفط السوائل المتجمعة تحت أغشية الثنايا الصوتية، وتتم العملية عن طريق منظار جراحي خاص عبر فم المريض، ويحافظ جراح الصوت أثناء العملية على الأنسجة الحساسة المغلفة للثنية الصوتية، ولا يستأصل إلا الأغشية المترهلة فقط، فلأغشية الثنايا الصوتية دور أساس في إخراج الصوت بشكل سليم، والخطوة الثالثة هي إعطاؤها أو إعطاؤه جلسات علاج صوتي بمعدل جلسة أو جلستين أسبوعياً، ولعدد 10 إلى 20 جلسة، وذلك للتدريب على الطريقة الصحيحة لإخراج الصوت، حتى يتجنب رجوع الاستسقاء إلى الثنايا الصوتية مرة أخرى. مع تمنياتي لكم بالصحة والعافية. *استشاري وأستاذ مساعد طب التخاطب والبلع رئيس وحدة أمراض التخاطب والبلع مستشفى الملك عبدالعزيز الجامعي